واصل مقاتلون فلسطينيون التصدي للقوات الإسرائيلية، الأحد، في مدينتين رئيسيتين بقطاع غزة بعد أسابيع من اجتياح القوات والدبابات لهما في دلالة على أن حركة "حماس" لا تزال تحتفظ ببعض السيطرة قبل أي هدنة محتملة.
وبعد مرور ما يقرب من 4 أشهر على الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على القطاع المحاصر، رداً على هجمات مباغتة نفذتها "حماس" ضد بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي، لا يزال القتال مستمراً في مدينة غزة بشمال القطاع المكتظ بالسكان، وخان يونس في الجنوب.
وقالت إسرائيل، الأسبوع الماضي، إن تركيزها الرئيسي ينصب الآن على رفح الواقعة على الحدود الجنوبية مع مصر، ما يزيد الضغط على مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم في أماكن أخرى ولجأوا إليها.
ويثير التقدم صوب رفح أيضاً قلق القاهرة التي أعلنت مراراً رفضها دفع الفلسطينيين نحو الخروج من أراضيهم، لمنع "تصفية القضية الفلسطينية"، حسب تصريحات متكررة من المسؤولين المصريين.
غارات جوية على رفح
وأفاد فلسطينيون بوقوع قصف إسرائيلي بالدبابات، وغارات جوية في رفح بما في ذلك غارة أودت بحياة فتاتين في أحد المنازل.
وأثناء تشييع جثامين الأطفال، قال أحد أقاربهم، ويدعى محمد كلوب، إن الغارة الجوية أصابت غرفة مليئة بالنساء والأطفال في حي السلام برفح.
وأضاف: "لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة، من السلك للسلك (الحدود من الشمال إلى الجنوب) لا يوجد أي مكان آمن".
وبعد انسحابات جزئية من مدينة غزة في الأسابيع القليلة الماضية، والتي مكّنت بعض السكان من العودة، والبحث وسط الأنقاض، صعّدت القوات الإسرائيلية عمليات التوغل.
وذكر سكان أن الغارات الجوية دمرت، قبل فجر الأحد، عدة مبانٍ متعددة الطوابق، منها مشروع إسكان بتمويل مصري.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قضى على 7 من مقاتلي حركة "حماس" في شمال غزة، واستولى على أسلحة.
"مدينة غزة تُمحى"
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن القوات في المنطقة تحاول اختراق مخبأين محصنين لحركة "حماس"، وهي مهمة قالت إنها قد تستغرق أسبوعين وسط مقاومة من جانب الحركة.
وأفاد أحد السكان طالباً عدم نشر اسمه: "مدينة غزة تُمحى". وأضاف: "الانسحاب (الإسرائيلي) كان خدعة".
وذكر مسعفون أن قصفاً إسرائيلياً خلال الليل أودى بحياة 3 فلسطينيين في خان يونس، فيما أفاد سكان بأن قتالاً في الشوارع يحتدم في المناطق الغربية والجنوبية من المدينة حيث قالت إسرائيل إن جندياً سقط في هجوم فلسطيني، السبت.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن القوات في خان يونس استولت على مجمع قيادي لـ"حماس"، وقضت على عدد من المسلحين، بالإضافة إلى فلسطيني كان يحمل قنبلة يدوية وسكيناً.
وأعلنت إسرائيل، الأسبوع الماضي، "تفكيك" قوة "حماس" في خان يونس. وقال مسؤول إسرائيلي، في وقت لاحق لـ"رويترز"، إنه من بين 4 كتائب تابعة لـ"حماس" كانت هناك في الأصل، لم تبق سوى واحدة.
ولا تتوفر آلية مستقلة للتحقق من دقة هذا التقدير.
وقالت السلطات الصحية في غزة، الأحد، إن أكثر من 27 ألفاً و300 فلسطيني قضوا منذ الحرب 70% منهم من النساء والأطفال.
هدنة مأمولة.. ومعوقات
وثمة مخاوف من فقدان آلاف آخرين وسط الأنقاض. وقال منير البرش مدير وزارة الصحة في غزة، إنه تم انتشال عشرات الجثث المتحللة من المناطق الشمالية التي أخلتها القوات الإسرائيلية.
وتقول إسرائيل إنها قضت على نحو 10 آلاف مسلح في حملتها للقضاء على "حماس" بعد هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته الحركة، وأدى إلى سقوط 1200 شخص، واحتجاز 253 آخرين، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
ولا يزال أكثر من 130 محتجزاً في غزة، ويعد إطلاق سراحهم المحتمل من قبل "حماس"، من بين القضايا قيد النقاش في مفاوضات تجرى بوساطة مصرية وقطرية وبدعم أميركي للتوصل إلى هدنة.
وتطالب "حماس" بوقف الحرب، لكن تستبعد إسرائيل ذلك، وتكتفي بالقول إنها منفتحة على التوصل إلى "هدنة مؤقتة".