اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، أن الرد العسكري الإسرائيلي في غزة "جاوز الحد"، في واحدة من أشد انتقاداته حدة لحكومة تل أبيب برئاسة بنيامين نتنياهو، مشيراً إلى أنه يعمل من أجل التوصل إلى وقف مستدام للحرب في القطاع الفلسطيني.
وقال بايدن للصحافيين في البيت الأبيض: "أنا أرى، كما تعلمون، أن سلوك الرد في غزة تجاوز الحد"، مشيراً إلى أنه يضغط من أجل زيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، والتوصل إلى وقف للقتال يتيح إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة" حماس" والفصائل الأخرى.
وتابع: "أضغط بشدة الآن من أجل وقف إطلاق النار المرتبط بالمحتجزين... هناك الكثير من الأبرياء الذين يتضورون جوعاً، والكثير من الأبرياء الذين يعيشون في كرب ويموتون، ويجب أن يتوقف ذلك".
ضغوط داخلية على بايدن
تأتي تصريحات بايدن، في وقت يتعرّض فيه الرئيس (الديمقراطي) لضغوط داخلية متزايدة للضغط على إسرائيل لوقف الحرب في قطاع غزة.
ورداً على سؤال وجهه له صحافي عما إذا كان يعتقد أن ذاكرته تدهورت، رد بايدن قائلاً: "ذاكرتي جيدة".
لكن بعد دقائق من دفاعه عن ذاكرته، أخطأ بايدن الإشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووصفه بأنه "رئيس المكسيك"، قائلاً: "في بادئ الأمر، لم يكن الرئيس (المكسيكي) السيسي يرغب في فتح البوابة (معبر رفح) للسماح بدخول المواد الإنسانية. لقد تحدثت معه. وأقنعته بفتح المعبر"، حسب زعمه.
وأضاف الرئيس الأميركي: "تحدثت أيضاً إلى بيبي (نتنياهو) لفتح المعبر من الجانب الإسرائيلي".
وأشار جو بايدن إلى أنه يأمل أن يؤدي التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة إلى توقف مؤقت للحرب يمكن تمديده.
وفي يناير الماضي، اتهم الرئيس المصري، إسرائيل بعرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مؤكداً أن معبر رفح بين مصر والقطاع الفلسطيني مفتوح 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، "لكن إجراءات الجانب الإسرائيلي تعرقل العملية".
وفي 14 أكتوبر الماضي، قال مصدر أمني مصري لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، إنه لا يمكن عبور حاملي الجنسيات الأجنبية من قطاع غزة إلى مصر، إلّا بعد السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
ومع اشتداد الحرب، فر أكثر من نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى رفح، وهي إحدى المناطق القليلة التي لا تتركز فيها العمليات الإسرائيلية، فيما أصبحت مرافق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ملجأً مؤقتاً لنحو 1.4 مليون من سكان غزة.
ويسعى بايدن لإعادة انتخابه في نوفمبر المقبل، ويعتمد على دعم الناخبين الشباب والمنتمين للأقليات العرقية والدينية، الذين يفضلون فوز الديمقراطيين بالانتخابات التي من المتوقع أن تكون محتدمة مع المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب.
"مذكرة أمن قومي"
وأصدر البيت الأبيض، مذكرة أمن قومي جديدة تطلب من الحكومات الأجنبية التعهد خطياً بعدم استخدام أي أسلحة أميركية في عمليات لا تحترم القانون الإنساني والدولي.
وقال الرئيس بايدن، إن المذكرة الجديدة تطلب من وزيري الخارجية والدفاع، العمل على التأكد من أن المساعدات الدفاعية التي تقدمها الولايات المتحدة تجري بطريقة "تتوافق مع جميع القوانين والسياسات الدولية، بما في ذلك القانون الإنساني والدولي، والحصول على ضمانات مكتوبة" من قِبَل الحكومات الأجنبية التي تتلقى هذه المساعدات والخدمات.
وحملت المذكرة عنوان "مذكرة الأمن القومي بشأن الضمانات والمساءلة فيما يتعلق بمواد الدفاع المنقولة وخدمات الدفاع"، (سياسة الولايات المتحدة لنقل الأسلحة التقليدية) (NSM-18).
وذكرت أن دعم الشركاء الأجانب، من خلال عمليات النقل المناسبة للمواد الدفاعية من قبل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع أداة بالغة الأهمية، لتعزيز أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، وتشمل:
أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي
- (أ) تعزيز الأمن المشترك للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها من خلال تعزيز قابلية التشغيل المشترك ودعم الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة في بناء التحالفات الدولية والحفاظ عليها.
- (ب) تعزيز السلام والاستقرار الدوليين، ومساعدة الحلفاء والشركاء على الردع والدفاع عن أنفسهم ضد العدوان والنفوذ الأجنبي الخبيث.
- (ج) تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال تعزيز احترام حقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، والحكم الديمقراطي، وسيادة القانون.
- (د) منع عمليات نقل الأسلحة التي قد تسهل انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي أو المساهمة فيها بأي شكل آخر.
- (هـ) تعزيز قدرة الحلفاء والشركاء على احترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي، والحد من خطر إلحاق الضرر بالمدنيين، بما في ذلك من خلال الأدوات المناسبة والتدريب والمشورة، وجهود بناء القدرات المؤسسية التي تصاحب عمليات نقل الأسلحة.
وقالت المذكرة إنه من المهم أيضاً التأكد من وجود الضمانات الكافية والمساءلة فيما يتعلق بمواد الدفاع وخدمات الدفاع المنقولة. وبموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة (22 U.S.C. 2751، والمواد اللاحقة)، تنفذ كل من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع برامج مراقبة الاستخدام النهائي.
تحذيرات دولية ومخاوف أممية
وتتزايد المخاوف بشأن توسُّع العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى رفح جنوبي قطاع غزة، المكتظّة بالنازحين، إذ لوّح المسؤولون الإسرائيليون بأن محطتهم المقبلة، بعد خان يونس، ستكون رفح.
فيما تحذّر الأمم المتحدة من أن اجتياح رفح سيكون له عواقب إقليمية "لا توصف" في ظل تواجد آلاف النازحين يعانون من ظروف قاسية، في حين عبّرت السلطة الفلسطينية عن مخاوف بشأن الضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم.
بينما حذَّرت الولايات المتحدة، من أن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، "دون تخطيط أو بالقليل من التفكير"، ستكون "كارثة".