"كارثة سياسية".. كيف يهدد تقرير المحقق الخاص حملة بايدن الانتخابية؟

time reading iconدقائق القراءة - 11
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن. 8 فبراير 2024 - AFP
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن. 8 فبراير 2024 - AFP
دبي -الشرق

أثار تقرير روبرت هور المحقق الخاص في قضية احتفاظ الرئيس الأميركي جو بايدن بوثائق سرية تعود إلى فترة عمله نائباً للرئيس بين (2009 - 2017) في منزله ومكتبه، صدمة لحملة بايدن الرئاسية، إذ انطوى تقييم المحقق الخاص على "انتقاد لاذع" للقدرات العقلية للرئيس، وسلط الضوء على "نقاط ضعف" بايدن، الذي بات يواجه "كارثة سياسية".

وأعلن هور، الخميس، عن النتائج التي توصل إليها في القضية المتعلقة بتعامل بايدن مع الوثائق السرية، وتضمن تقريره، المكون من 388 صفحة، معلومات عن كيفية وصول الوثائق إلى منزله في ويلمنجتون بولاية ديلاوير خلال فترة توليه منصب نائب الرئيس، وقرر المحقق أن بايدن احتفظ بالوثائق "عن عمد" لكنه لم يوجه إليه أي اتهامات، ووصفه بأنه "رجل مسن ذو ذاكرة ضعيفة".

وأشارت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، الخميس، إلى أنه في حين يشكل عمر بايدن مصدر قلق كبير للناخبين في استطلاعات الرأي، التف كبار الديمقراطيين حول هذه المسألة، وأبقوا مخاوفهم لأنفسهم في الغالب. لكن وصف هور لبايدن (81 عاماً) في تقرير رسمي بأنه "رجل مسن حسن النية ذو ذاكرة ضعيفة" يفرض على الرئيس حسابات جديدة، وفق المجلة.

ولم يجد المحققون أدلة كافية لاتهام بايدن بـ"سوء التعامل" مع وثائق سرية خلال فترة عمله كنائب للرئيس، لكنهم كتبوا أن ذاكرته "بدا أنها تعاني أوجه قصور كبيرة" وأنه لم يتذكر متى توفي ابنه بو بايدن، ولا حتى بالتقريب.

وأضافوا أن بايدن لا يستطيع أن يتذكر متى كان نائباً للرئيس أو تفاصيل المناقشات بشأن إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان.

"زلات بايدن"

وجاء هذا الوصف اللاذع، بينما كان مساعدو بايدن يحاولون شرح الزلات اللفظية الأخيرة للرئيس، والتي خلط فيها أسماء قادة دول، واستذكر محادثات أخيرة مع قادة عالم ماتوا منذ فترة طويلة.

وخلال حملتين لجمع التبرعات في نيويورك، الأربعاء، وصف بايدن مرتين محادثات قال إنه أجراها في عام 2021 مع قادة أوروبيين في اجتماع مجموعة السبع في بريطانيا، والذي عقد بعد أشهر فقط من الهجوم على الكابيتول الأميركي.

وفي كلتا الفعاليتين في مانهاتن، قال بايدن إن المستشار الألماني السابق هيلموت كول، الذي توفي عام 2017، سأله عن أعمال الشغب التي وقعت في 6 يناير، ورد فعله إذا اقتحم الشعب البرلمان البريطاني، وقتلوا ضباطاً "لوقف انتخاب رئيس للوزراء".

وخلال إحدى الفعاليات الانتخابية خارج لاس فيجاس الأسبوع الماضي، خلط بايدن بين الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران، الذي توفي عام 1996، والرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون.

تشكيك في قدرات ترمب

ودافع بايدن عن نفسه بنبرة غاضبة، مساء الخميس، في أعقاب تقرير المحقق الخاص، قائلاً خلال مؤتمر صحافي: "لقد أعدت هذا البلد للوقوف على قدميه من جديد، ولست بحاجة إلى توصيته".

ودافع الديمقراطيون عن بايدن، لكنهم شككوا أيضاً في عمر ولياقة منافسه الجمهوري المحتمل دونالد ترمب، الذي يواجه هو نفسه لائحة اتهام بشأن تعامله مع مواد سرية.

وبخلاف، خلطه الأخير بين المرشحة الجمهورية المحتملة للرئاسة نيكي هيلي، ونانسي بيلوسي الرئيسة السابقة لمجلس النواب، قال ترمب (77 عاماً) أكثر من مرة إنه يخوض الانتخابات ضد الرئيس السابق باراك أوباما، وليس بايدن، وأنه يخشى أن تدخل البلاد قريباً في الحرب العالمية الثانية، التي انتهت منذ قرابة 80 عاماً.

"جو المتلعثم"

وتسلط أخطاء بايدن الضوء على ما يقول منتقدون إنها "التهديدات السياسية الأكثر إلحاحاً" لمحاولة إعادة انتخاب الرئيس؛ وهي عمره والخوف في صفوف الناخبين من أنه ليس "لائقاً عقلياً" لتولي منصبه مرة أخرى.

ونقلت "بوليتيكو"عن مستشار لأحد المانحين الديمقراطيين قوله: "إذا شاهدت قناة FOX NEWS، فإنهم يتحدثون عن جو بايدن المتلعثم والمترنح".

وأضاف المستشار، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "إذا شاهدت TikTok أو Instagram، فهناك الكثير من مقاطع الفيديو التي تسخر من عمره. إنها موجودة باستمرار، لذا كلما حدث هذا أكثر، كلما زاد الأمر".

وبعد نشر تقرير المحقق الخاص، اعترض محاميو البيت الأبيض على توصيفات هور لذاكرة بايدن، وزعموا أنه خرج عن نطاقه واختصاصه. وقالوا إنه ليس له مبرر في تركيزه على ذاكرة الرئيس. 

"هدية" للجمهوريين

وكانت انتقادات المحقق الخاص المتكررة لذاكرة بايدن بمثابة "هدية للجمهوريين" قبل أقل من تسعة أشهر من الانتخابات، فيما تظهر استطلاعات الرأي أن العديد من الناخبين يشعرون بالقلق بالفعل إزاء قدرة بايدن على تولي فترة ولاية ثانية، بحسب صحيفة "ذا هيل". 

ووجه الجمهوريون انتقاداً لاذعاً لبايدن، وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون وزعيم الأغلبية الجمهورية في المجلس ستيف سكاليز، والنائب الجمهوري من ولاية مينيسوتا توم إيمر، ورئيسة المؤتمر الجمهوري إليز ستيفانيك في بيان مشترك، إن التعليقات المتعلقة بذاكرة بايدن كانت من بين "الأجزاء الأكثر إثارة للقلق" في التقرير.

وأضافوا: "الإنسان العاجز عن الخضوع للمساءلة عن سوء التعامل مع معلومات سرية هو بالتأكيد غير مناسب للمكتب البيضاوي".

كما دعت النائبة الجمهورية كلوديا تيني أعضاء إدارة بايدن إلى دراسة إمكانية عزله بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور، وفق "ذا هيل".

وِأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن تيني كتبت رسالة مساء الخميس، إلى وزير العدل ميريك جارلاند، للتعبير عن "مخاوفها الجسيمة" إزاء الأمر.

ويحدد التعديل الخامس والعشرين، الذي تم التصديق عليه عام 1967 بعد اغتيال الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي، الأحكام الخاصة بنقل السلطة من رئيس أميركي في حالة الوفاة أو العزل أو الاستقالة أو عدم القدرة على أداء واجباته.

وقالت تيني في رسالتها: "أخلاقياً، لا يمكن لوزارة العدل توجيه اتهامات ضد الرئيس السابق دونالد ترمب ورفض توجيهها ضد بايدن"، مضيفة أن الأخير، البالغ من العمر 81 عاماً، "يفتقر إلى القدرة على القيام بمسؤولياته كرئيس".

"كارثة سياسية"

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن قرار المحقق الخاص عدم توجيه اتهامات جنائية ضد الرئيس بايدن؛ بسبب "سوء التعامل مع وثائق سرية"، كان من المفترض أن يشكل تبرئة قانونية لا لبس فيها، لكنه بدلاً من ذلك، تحول إلى "كارثة سياسية".
 
وأشارت إلى أن نتائج التحقيق بشأن طريقة تعامل بايدن مع الوثائق، وفول التقرير إن قدراته "تضاءلت مع التقدم في السن" أثارت غضباً شديداً، ودفعت الرئيس لمحاولة السيطرة على الأضرار السياسية في غضون ساعات.
 
وفي حديثه أمام الكاميرات من غرفة الاستقبال الدبلوماسي في البيت الأبيض، انتقد بايدن الخميس تقرير المستشار الخاص، واتهم مؤلفي التقرير بتقديم "تعليقات غريبة" بشأن عمره وقدرته العقلية.

ووفقاً للصحيفة، سلط الظهور اللافت للرئيس أمام الصحافيين الضوء على الضرر السياسي الذي يمكن أن يحدثه تقرير هور على الرغم من عدم وجود اتهامات جنائية.

وتكررت مناقشة التقرير لذاكرة الرئيس وعمره في جميع أنحاء الوثيقة المكونة من 345 صفحة، وسرعان ما استغلها الجمهوريون، بما في ذلك خصمه الجمهوري المحتمل في انتخابات عام 2024، الرئيس السابق دونالد ترمب.

وفي بيانه المكتوب الذي صدر بعد نشر التقرير مباشرة، بدا أن بايدن يشير إلى سبب تشتيت انتباهه، بالقول: "لقد كنت عازماً على إعطاء المحقق الخاص ما يحتاجه، لدرجة أنني مضيت في إجراء مقابلات شخصية لمدة خمس ساعات على مدار يومين في 8 و9 أكتوبر من العام الماضي، على الرغم من أن إسرائيل كانت قد تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر"، في إشارة إلى هجوم حركة "حماس" على جنوب إسرائيل.

وكتب بايدن: "كنت في منتصف التعامل مع أزمة دولية. لقد اعتقدت أن هذا هو ما أدين به للشعب الأميركي".

 
وأضافت الصحيفة أن المخاوف بشأن عمر بايدن كانت مسألة متكررة في رئاسته خلال السنوات الثلاث الماضية، لافتة إلى أنه بعد ظهور الرئيس في مقاطع فيديو "وهو يبدو واهناً أو متعثراً"، أعرب العديد من الناخبين عن قلقهم بشأن لياقته العقلية والبدنية، بينما يسعى للبقاء في البيت الأبيض حتى يبلغ من العمر 86 عاماً.

ورجحت أن "اللهجة القاسية" التي استخدمها المحقق هور "تمهد السبيل لترمب وحلفائه لشن جولة جديدة من الهجمات السياسية على بايدن لارتكابه نفس الأخطاء التي يتهم الرئيس السابق بفعلها. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تعقيد الجهود التي بذلها بايدن، ومستشاروه على مدى أشهر للتوصل إلى تمييز حاد بين تصرفات الرئيسين.
 
لكن الضرر السياسي "الأكثر خطورة" من المرجح أن يتعلق بعمر بايدن، الذي يعتقد العديد من الديمقراطيين المخضرمين بالفعل أنه أكبر نقطة ضعف لدى الرئيس، إذ أعرب البعض سراً عن قلقهم من حدوث شيء ما لتذكير الناخبين بمسألة العمر، بما في ذلك احتمال السقوط أو التعثر الذهني.
 
واعتبرت أن التقرير "يحمل القدر الأعظم من المخاطر في كل الأحوال"، لأنه يقدم وصفاً رسمياً لبايدن خلف الكواليس، ويشير إلى أنه مع التقدم في السن تأتي العثرات.

مخاوف عميقة للناخبين

وأظهرت استطلاعات رأي باستمرار مخاوف عميقة بين الناخبين بشأن عمر بايدن. وذكر استطلاع جديد أجرته شبكة NBC، صدر هذا الأسبوع، أن 76% من الناخبين يقولون إن لديهم مخاوف كبيرة (62%) أو معتدلة (14%) بشأن افتقار بايدن إلى الصحة العقلية والجسدية اللازمة ليكون رئيساً لولاية ثانية. 

ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للرئيس هو أن 81% من المستقلين، و54% من الديمقراطيين يقولون إنهم تساورهم مخاوف كبيرة أو معتدلة بشأن مدى أهلية بايدن لولاية ثانية.

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت تساورهم نفس المخاوف بشأن منافس بايدن المحتمل من الحزب الجمهوري، دونالد ترمب، وجد الاستطلاع أن 48% من الناخبين الذين قالوا إنهم يخشون ذلك.

وقبل إصدار تقرير المحقق الخاص، سُئل البيت الأبيض عن تصريحات الرئيس الخاطئة بشأن الزعماء الأجانب، ورفضها باعتبارها مجرد زلات. 

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، الخميس: "فيما يتعلق بالأسماء وما كان يحاول (بايدن) قوله، فإن العديد من الأشخاص، والمسؤولين المنتخبين، والعديد من الأشخاص، كما تعلمون، يمكن أن يخطئوا في التحدث أحياناً".

وقال كيفن مونوز، المتحدث باسم حملة بايدن إنه "من الواضح جداً ما الذي سيهم أكثر الناخبين" في نوفمبر.

وأضاف مونوز في بيان: "كما فعلنا في عام 2020، سنواصل التركيز على تلك المسائل التي تهم العائلات، وأنه فقط بسبب الخبرة العميقة للرئيس بايدن، تمكن الديمقراطيون من خوض مثل هذه الأجندة التاريخية والشعبية".

تصنيفات

قصص قد تهمك