أصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الخميس، مرسوماً بحل مجلس الأمة الذي انتخب في يونيو الماضي.
وقال الديوان الأميري، إن مرسوم الحل صدر "بناءً على ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة".
وبحسب المرسوم، فإن القرار صدر كذلك بموافقة مجلس الوزراء، لافتاً إلى أن القرار جاء وفقاً للمادة 107 من الدستور التي تنص على "للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم يوضح فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى".
وبحسب المادة 107 في الباب الرابع من الدستور الكويتي، فإنه "إذا تم حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز الشهرين من تاريخ الحل. فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن. ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد".
وكان الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وجه بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة، في ديسمبر الماضي، انتقادات للمجلس والحكومة التي قدمت استقالتها بعد الجلسة مباشرة، في حين تم تعيين الشيخ محمد صباح السالم الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، في يناير الماضي.
وقال أمير الكويت حينها، إن "هناك استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح الوطن والمواطنين؛ وبالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية، واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد".
وخلال جلسة لمجلس الأمة، لمناقشة ما ورد في الخطاب الأميري، طلب رئيس المجلس أحمد السعدون، شطب كلمة للنائب عبدالكريم الكندري، الذي تناول فيها الانتقادات التي وجهها الأمير للمجلس، من مضبطة المجلس في جلسة 7 فبراير الماضي.
لكن الكندري ونواباً آخرين اعترضوا على الشطب، وصوتوا في جلسة، الثلاثاء الماضي، على إلغاء الشطب بأغلبية 44 نائباً، ما أدى لعدم حضور الحكومة جلسة، الأربعاء.
وقال الكندري، إن خطاب أمير الكويت، كان "قاسياً" وتضمن اتهاماً للبرلمان بأنه توافق على الإضرار بالصالح العام، مشيراً إلى أن "الكويت تدار من 3 سنوات بالتكليف، ولم تكن هناك قيادات حكومية، ولسنا السبب في ذلك حتى نُتهم بالإضرار".
وأضاف: "أنا لم أصوت على مخصصات رئيس الدولة، وأخجل من التصويت على هذا القانون، وصوَتُ على قوانين غلاء المعيشة وهذا ما أتحمله".
مجلس الوزراء الكويتي، وصف ما صدر بجلسة مجلس الأمة المنعقدة في 7 فبراير الجاري، بأنه "محل استنكار واستهجان رسمي وشعبي في المساس بالمقام السامي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد".
واعتبر مجلس الوزراء، حسبما ورد في بيان، أن ما صدر عن الجلسة أيضاً يُعد "تجاوزاً على الأحكام الدستورية التي نصت عليها المادة (54) من الدستور بأن (الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس)، وأن النطق السامي ما هو إلا امتداد لما توخاه الدستور من أحكام ومبادئ".
وأشار إلى أن "ما شهدته جلسة مجلس الأمة، الثلاثاء الماضي، من إصرار على تثبيت تلك الوقائع في الجلسة، الأمر الذي لا يقبله مجلس الوزراء"، موضحاً أنه "يعد مساساً للمقام السامي وهو أمر لا يتسق مع نهج الآباء والأجداد، ولا يعكس القيم الأصيلة التي جُبل عليها أهل الكويت الأوفياء".
"إجراء دستوري"
الخبير الدستوري الكويتي محمد الفيلي، وصف مرسوم حل مجلس الأمة بأنه "دستوري ومتوافق مع صريح الدستور"، لافتاً إلى أن "السبب الذي أورده المرسوم لم يتضمنه مرسوم الحل السابق، بل وهي المرة الأولى، التي يتم فيها ذكر سبب مرسوم الحل، بتجاوز الثوابت الدستورية، في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة".
وذكر الفيلي في تصريحات لـ"الشرق"، أن سبب هذا الحل هو "الخلاف الأخير في البرلمان على شطب كلمة النائب عبدالكريم الكندري"، مشيراً إلى أن "الأحداث الأخيرة شهدت خلطاً بين الخطاب الأميري الذي يلقيه نيابة عن الأمير رئيس مجلس الوزراء، والنطق السامي الذي يلقيه الأمير".
وأوضح أن "الدستور خلا من الإشارة إلى وضع النطق السامي"، لافتاً إلى أن "الكندري لم يحضر تصويت المجلس على مخصصات الأمير".
وبيّن الفيلي أن "الدستور يقضي بتحديد مخصصات الأمير المالية بقانون يصدر مع بداية توليه الحكم، ويستمر العمل فيه إلى آخر عهده".
ومرّ البرلمان الكويتي، خلال مسيرته منذ أول دورة له في عام 1963، بمحطات مهمة، أبرزها أزمات التعثر المتكرر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ما يؤدي إلى حل البرلمان، واستقالات للأعضاء، وتعليق العمل بالدستور.