أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاعتراف بدولة فلسطينية "لم يعد من المحرمات بالنسبة لفرنسا"، ما يشير إلى أن باريس ربما تتخذ القرار إذا تعثرت جهود حل الدولتين بسبب معارضة إسرائيل.
وقال ماكرون، في مؤتمر صحافي مشترك مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في باريس، مساء الجمعة: "شركاؤنا في المنطقة، خاصة الأردن، يعملون على ذلك، ونحن نعمل معهم. ونحن على استعداد للمساهمة فيه، في أوروبا وفي مجلس الأمن. الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس من المحرمات بالنسبة لنا".
وفي حين يعترف نحو 140 بلداً بفلسطين كدولة، فإن أغلب دول أوروبا الغربية، بما في ذلك أعضاء مجموعة السبع، لا تعترف بها، بحجة أنها "لا بد أن تنشأ من المفاوضات" مع إسرائيل.
ووسط الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر، أكدت باريس مراراً أن "حل الدولتين"، الإسرائيلية والفلسطينية، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال ماكرون إن باريس تدعم حل الدولتين، وتدعو إلى منحه "زخماً حاسماً لا رجعة فيه".
"دولة فلسطين على جدول الأعمال الأميركي"
وأعرب ماكرون عن "سعادته" لأن "هذه الفكرة القديمة، التي جرى تجاهلها لسنوات، أضيفت مرة أخرى بشكل واضح على جدول الأعمال من قبل الولايات المتحدة"، مشدداً على ضرورة إعطاء الاعتراف بدولة فلسطين "زخماً حاسماً لا رجعة فيه".
وتعتبر تصريحات ماكرون خطوة دبلوماسية ملحوظة من خلال التهديد بالاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، في ظل غياب الإرادة الإسرائيلية لتحقيق مثل هذا الحل من خلال المفاوضات، وفق صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وقال ماكرون: "هناك دين علينا تجاه الفلسطينيين، لقد تم تجاهل تطلعاتهم لفترة طويلة جداً".
وحذر الرئيس الفرنسي من أن أي هجوم عسكري إسرائيلي في رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسيكون نقطة تحول" في الصراع.
وأضاف: "أشارك الأردن ومصر مخاوفهما بشأن التهجير القسري والجماعي للسكان. سيكون هذا انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي مرة أخرى وخطراً كبيراً للتصعيد الإقليمي".
وكشف ماكرون عن أنه حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من هذه الخطوة، خلال محادثة هاتفية هذا الأسبوع، وأكد أن "الأولوية المطلقة هي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".
"مؤشرات غربية" لصالح الاعتراف بدولة فلسطين
تأتي تصريحات ماكرون مع ظهور مؤشرات عدة في الآونة الأخيرة لصالح اعتراف غربي محتمل بالدولة الفلسطينية. وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أعلن في نوفمبر، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "في مصلحة أوروبا"، دون أن يستبعد اتخاذ قرار أحادي الجانب. وفي الأسابيع الأخيرة، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن واشنطن أيضاً لم تستبعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
واتخذت العديد من الدول الأوروبية بالفعل هذه الخطوة، مثل المجر وبولندا ورومانيا. لكن معظمها فعلت ذلك قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويدعو الغرب منذ سنوات إلى الاعتراف المتبادل من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين بدولتين تعيشان في سلام جنباً إلى جنب. وبعد أن كان هذا المنظور في قلب المفاوضات التي أجريت تحت رعاية الولايات المتحدة في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بقي الطريق إلى ذلك مسدوداً لسنوات.
في المقابل جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معارضته للسيادة الفلسطينية، قائلاً إنه لن يتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على غرب نهر الأردن، وهو ما يتعارض مع قيام دولة فلسطينية.
وصوت المشرعون الفرنسيون في عام 2014 لصالح حث حكومتهم على الاعتراف بفلسطين، وهي خطوة رمزية لم يكن لها تأثير يذكر على الموقف الدبلوماسي الفرنسي.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، هذا الشهر، إن جزءاً من السياسة البريطانية هو القول بأنه سيأتي وقت تتطلع فيه بريطانيا إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، بما في ذلك في الأمم المتحدة.