يعتزم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب حسم تفوقه على منافسته الوحيدة نيكي هيلي في يوم "الثلاثاء الكبير"، وذلك بعد تحقيقه سلسلة انتصارات في سباق نيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل.
ويشهد "الثلاثاء الكبير" انتخابات تمهيدية في أكثر من 10 ولايات، ويتوقع أن يحسم بشكل نهائي تفوق ترمب في السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس (الديمقراطي) جو بايدن.
لكن نجاحات ترمب في صناديق الاقتراع كشفت أيضاً بعض نقاط الضعف لديه، والتي يمكن أن تعقّد عودته إلى البيت الأبيض.
وفاز ترمب (77 عاماً) في كل الانتخابات التمهيدية التي أجريت حتى الآن، بفضل دعم أنصاره المعروفين بارتدائهم قبعات حمراء، ورفعهم شعار: "فلنجعل أميركا عظيمة مجدداً"، إلا أنه خسر أيضاً، في أحيان كثيرة، عدداً كبيراً من أصوات الجمهوريين المعتدلين والمستقلين، وهي ضرورية لفوزه على بايدن في الاستحقاق الرئاسي المقبل.
وفي ولايتي نيوهامبشر وساوث كارولاينا، فضَّل هؤلاء الناخبون نيكي هيلي إلى حد كبير. وتعمل السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة في عهد ترمب، على تعزيز صورتها كمرشحة أكثر اعتدالاً، متعهدة باستعادة بعض "السلوك الطبيعي" في صفوف المحافظين.
تحذير هائل
وأكد استطلاع للرأي أجري، السبت الماضي، في ساوث كارولاينا أن أنصار هيلي البالغة 52 عاماً، الذين يشكلون نحو 40% من الناخبين، لا يؤيدون ترشيح ترمب.
واعتبرت أليسا فرح جريفين، مسؤولة الإعلام السابقة لدى ترمب عندما كان في البيت الأبيض، أن ذلك يُمثّل "تحذيراً هائلاً".
وقالت خلال مقابلة عبر شبكة CNN إن "شخصاً يترشح عملياً كرئيس سابق، دونالد ترمب، يحصل على 60% من الأصوات و40% ضده؟ هذا ليس انتصاراً فعلياً".
ولفتت هيلي في بيان، الثلاثاء الماضي، بعد خسارتها في ولاية ميشيجان إلى أن "لدى دونالد ترمب مشكلة، سواء أراد الاعتراف بها أو لا".
وأوضحت أن "40% من الناخبين الجمهوريين لا يريدون أن يكون لهم أي علاقة به، وهو لا يفعل شيئاً على الإطلاق لضمهم إلى مجموعته الحصرية بشكل متزايد".
ولدى هيلي مصلحة كبرى في انتقاد النجاحات الانتخابية التي حققها منافسها، فيما يتجاهل معسكر ترمب حججها، لافتاً إلى استطلاعات رأي تشير إلى أن الناخبين المستقلين ينظرون بشكل سيئ أيضاً إلى بايدن.
من جهته، رأى الخبير الاستراتيجي الجمهوري تشارلي كولين، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" أن "ترمب في وضع جيد للفوز بالانتخابات، فهو يركز على القضايا التي تهم الناخبين بشكل واضح: الحكومة الشفافة، والمسؤولية المالية، والاستقلال في مجال الطاقة وأرقام الوظائف".
"مشكلات قانونية"
لكن فريق حملة بايدن يراهن على أن الفارق سيتقلص بين المرشحين في ولايات تشتد فيها المنافسة عندما تحتل متاعب ترمب القضائية ومغامراته أهمية متزايدة في حياة الناخبين اليومية.
وفي رأي العضو السابق في فريق ترمب، كيث ناهيجيان، فإن مصدر القلق ليس أداء الرئيس السابق في الانتخابات التمهيدية فحسب، بل خصوصاً لوائح الاتهام التي يواجهها، واضطراره إلى المثول أمام المحاكم باستمرار في عام 2024.
وتابع: "الأمر الأهم في أي حملة هو الوقت، الوقت لجمع الأموال، وللقاء الناس، والسفر، وأي شيء يستهلك الوقت يمكن أن يتسبب بضرر كبير للمرشح".
وفي المقابل، يبدو أن الفريق القانوني لترمب أعدَّ العُدة للملف القضائي للمرشح المحتمل للرئاسة الأميركية، إذ باتت توقيتات نظر 3 من إجمالي 4 قضايا جنائية مقامة ضد ترمب، غير محددة، ما يشكك في احتمالات بدء محاكمة الجمهوري الأوفر حظاً في انتخابات 2024، قبل نوفمبر المقبل، حين تجرى الانتخابات.
وذكر موقع "أكسيوس"، مطلع الشهر الجاري، أن الفريق القانوني لترمب لجأ إلى تكتيكات التأجيل لدفع الإجراءات القانونية في القضايا الأربع إلى ما بعد الانتخابات، "لكن حال فوزه بالرئاسة قبل محاكمته، فربما يفلت من الملاحقة القضائية تماماً".
ويعتبر بيل كريستول، المسؤول الجمهوري السابق في عهد الرئيس السابق جورج بوش الأب، والمناهض المعروف لترمب، أن "المعادلة بسيطة: إذا تمكن الرئيس السابق من استقطاب ثلثي مؤيدي نيكي هيلي، فقد يحصل في نهاية الأمر على دعم يناهز 92% في صفوف الجمهوريين، وهي نسبة تلامس النتيجة التي حققها في عام 2020".
وأكد كريستول في مقابلة مع موقع The Bulwark الأميركي أن "هذا كان كافياً لانتخاب بايدن بفارق ضئيل"، مضيفاً: "القول إن لا مقاومة داخل الحزب الجمهوري أمر ينطوي على قدر كبير من التشاؤم".
وفي السياق نفسه، أظهر استطلاع للرأي، السبت، تراجع بايدن في مواجهة منافسه المحتمل. وأظهر الاستطلاع، الذي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وجامعة "سيينا"، وشمل 980 ناخباً مسجلاً، أن 48% من هؤلاء سيختارون ترمب، في مقابل 43% فقط لبايدن، في حال أُجريت الانتخابات اليوم.