رحبت أطراف سودانية عدة بتعيين الولايات المتحدة توم بيريليو مبعوثاً إلى السودان، بعد أيام من استقالة السفير الأميركي، جون جودفري، وتعيين دانيال روبنشتاين قائماً بالأعمال، في خطوات يرى بعض المحللين أنها تهدف إلى إحياء مسار التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وفيما تأمل قوى سياسية أن يدفع بيريلو هذه الجهود للأمام، رأت السلطات السودانية أن المبعوث الأميركي يتعين عليه أن يتحاشى المقاربة السابقة التي عكف عليها مسؤولون سابقون، ويرون أنها "فاقمت الأوضاع".
نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، قال في بيان، إن حكومته على استعداد لـ"المشاركة بشكل إيجابي" مع المبعوث الأميركي الخاص، غير أنه قَرَن ذلك بدعوة بيريليو إلى أن يكون حساساً ومراعياً للمساعي السابقة التي فشلت و"كانت بعيدة عن تحقيق النتائج وأدت إلى تدهور الوضع".
وأضاف عقار أن السلام في السودان يجب أن يكون شاملاً و"لا يستبعد أياً من المكونات السودانية".
الدعم السريع تدعو لإبعاد "الإسلاميين"
في المقابل، قال مصدر رفيع المستوى في قوات الدعم السريع لـ"الشرق"، إن "الدعم السريع" تأمل في أن يساعد تعيين بيريليو في التعرف على الوضع الراهن عن قرب وبشكل مباشر، خاصة بعد ورود تقارير ومعلومات بشأن دخول إيران على خط الأزمة.
وأعرب المصدر عن ترحيبه بالخطوة الأميركية، مشيراً إلى آمال معلقة على المبعوث الأميركي في الدفع بالجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، وتحقيق الاستقرار والسلام في السودان والمنطقة.
وأضاف أن قوات الدعم السريع تعوّل على إسهام المبعوث الأميركي في الضغط من أجل إبعاد "الإسلاميين" من المشهد "خاصة وأنهم يقودون المعارك ويتحكمون في قرار الجيش السوداني ويديرون حكومة الأمر الواقع" على حد تعبيره.
"مسافة واحدة"
من ناحيته، عبّر محيي الدين إبراهيم جمعة، الناطق الرسمي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، أحد مكونات "الكتلة الديمقراطية"، عن تطلعاته إلى أن يلعب بيريليو دوراً في دفع "جهود السودانيين لتجاوز الأزمة الراهنة"، داعياً إياه للوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، و"تحاشي المنهج السابق الذي لم يفض إلى شيء".
ولفت جمعة في بيان، تلقت "الشرق" نسخة منه، إلى أن السودان يتعرض لـ"غزو خارجي" مدعوم من أطراف إقليمية عدة، حسب تعبيره، مشيراً إلى أن الأميركيين يجب أن يلعبوا دوراً إزاء هذا الأمر كمدخل أساسي لمعالجة الأزمة.
دعم الديمقراطية
وقال الناشط المدني السوداني، إيليا ويليام لـ"الشرق"، إن الأطراف السودانية تريد أن تصنع "إطاراً" لعمل المبعوث الأميركي، ولم تخرج بعد من النظرة الضيقة للخلاف السياسي في التعامل مع هذه الخطوة، بدلاً من أن تدعوه إلى الإسراع في الانخراط في أجندة إنهاء "الحرب العبثية" حسب قوله.
وأشار ويليام إلى أن بيريليو، تحكم عمله أجندة وقيم الولايات المتحدة في الدعوة للسلام و"لن يكون مناصراً للحرب"، كما سيدعم الديمقراطية و"لن يكون مناصراً للأوتوقراطية".
وأوضح ويليام أنه يرى أن واشنطن لم تخفق في مقارباتها لحل الأزمة بقدر ما أخفق السودانيون أنفسهم، غير أن الولايات المتحدة تعاملت ببطء مع الوضع الانتقالي في السودان إبان حكومة عبد الله حمدوك، خاصة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وسرعة الوصول إلى المؤسسات المالية الدولية وتبادل التمثيل الدبلوماسي.
ولفت إلى أن السفير المستقيل جون جودفري لعب دوراً كبيراً في محاولة استعادة النظام الدستوري، الذي انهار في 25 أكتوبر 2021، كما أسهم في مساعي وقف الحرب.
وقال إن واشنطن تدفع حالياً بعناصر جديدة مثل توم بيريلو ودانيال روبنشتاين لقيادة ملف السودان، ما يمثل نهجاً جديداً في التعاطي مع الملف السوداني.