يصوت الناخبون الأميركيون، الثلاثاء، في 15 ولاية وإقليم واحد، في إطار يوم "الثلاثاء الكبير" (Super Tuesday) الذي يشكل محطة حاسمة في رزنامة الانتخابات الرئاسية، وسط توقعات بأنه سيؤكد حتمية المواجهة بين الرئيس الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترمب في نوفمبر المقبل.
وعادة ما يعطي هذا اليوم الانتخابي، الذي وصفته وكالة "أسوشيتد برس" بـ"اليوم الأكبر في الانتخابات التمهيدية"، دفعاً أساسياً للمرشحين للحصول على بطاقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي للانتخابات الرئاسية أو يحبط تطلعات البعض.
ففي المعسكر الجمهوري، يتم في الخامس من مارس الجاري، اختيار أكثر من ثلث المندوبين المكلفين بالمؤتمر الوطني للحزب، والذي سيعقد في يوليو المقبل، واختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية.
وباستثناء الانتخابات التمهيدية التي جرت، الأحد، في العاصمة واشنطن وفازت بها حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السابقة نيكي هيلي، فاز ترمب بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في كل الولايات التي أجريت فيها انتخابات حتى الآن قبل حلول "الثلاثاء الكبير".
واعتبرت وكالة "فرانس برس" أن "الثلاثاء الكبير" يشكل الفرصة الأخيرة لهيلي، المنافسة الوحيدة المتبقية لترمب، مشيرةً إلى أن حالة الترقب لدى الجانب الديمقراطي شبه معدومة، إذ أن بايدن سيكون على الأرجح مرشح حزبه لانتخابات نوفمبر المقبل.
ما هي انتخابات "الثلاثاء الكبير"؟
تشهد الولايات المتحدة في 5 مارس الجاري ما يُعرف بـ"الثلاثاء الكبير"، وعُرف بهذا الاسم، نظراً للعدد الكبير من الولايات التي تشهد منافسات، حيث تجري انتخابات تمهيدية في 15 ولاية ومنطقة لاختيار مرشح الحزب الجمهوري.
ويُعتبر هذا اليوم غالباً فرصة لتقليص عدد المرشحين، إذ يمكن أن يُحدد اتجاه السباق، لأنه يمثل عدد كبير من أصوات المندوبين الذين سيتم تعيينهم للمؤتمر الوطني للحزبين من أجل اختيار مرشحهم للانتخابات الرئاسية.
وغالباً ما يكون يوم انتخابات "الثلاثاء الكبير" خلال شهري فبراير ومارس من السنة الانتخابية، حيث يحدد موعده بناء على تاريخ انتخابات الولايات المخصصة للتصويت المبكر مثل ولايتي أيوا ونيوهامشر، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وظهر لأول مرة مصطلح "الثلاثاء الكبير" خلال سبعينات القرن الماضي،في إشارة إلى الانتخابات التمهيدية الكبرى التي كانت تجري في عدة ولايات، لكن بدأ "الثلاثاء الكبير"، كما نعرفه، عام 1988 عندما قرر ديمقراطيون في الولايات الجنوبية، وضع هذا الاسم على العملية التمهيدية الرئاسية بعد فوز الرئيس الجمهوري رونالد ريجان عام 1984 على المرشح الديمقراطي والتر مونديل، بحسب شبكة CBS الأميركية.
ما هي ولايات "الثلاثاء الكبير"؟
دُعي عشرات الملايين من الأميركيين إلى المشاركة في هذه الانتخابات من ولاية مين، في أقصى شمال شرقي الولايات المتحدة إلى كاليفورنيا على ساحل البلاد الغربي، مروراً بتكساس في الجنوب، ووصولاً إلى جزر ساموا الواقعة في المحيط الهادئ.
وستصوت كذلك ولايات ألاباما، وأركنسس، وكولورادو، وماساتشوستس، ومينيسوتا، ونورث كارولاينا، فضلاً عن أوكلاهوما، وتينيسي، ويوتا، وفيرمونت، وفيرجينيا، وألاسكا التي ستشهد انتخابات للجمهوريين، فيما سيصوت الديمقراطيون في السادس من أبريل المقبل.
ما هو دور المندوبين لدى الحزبين؟ وكم عددهم؟
تجرى الانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهوري والديمقراطي كل 4 سنوات لاختيار المندوبين الذين سيصوتون لاختيار المرشح خلال المؤتمر العام للحزب رسمياً.
وغالبية الولايات التي تنظم انتخابات تمهيدية في إطار "الثلاثاء الكبير" تختار مندوبيها على أساس المبدأ نفسه، أي أن المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات يحصل على العدد الإجمالي لمندوبي كل ولاية، أما الحلول في المرتبة الثانية قد يعني عدم الحصول على أي مندوب.
ويُمثّل المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في هذا العام 2429 مندوباً، وللفوز بترشيح الحزب يحتاج المرشح إلى جمع 1215 صوتاً على الأقل من بين المندوبين الذين يمثلون الحزب خلال المؤتمر العام للحزب المقرر عقده في يوليو المقبل بمدينة ميلووكي في ولاية ويسكنسن.
وسيتم خلال "الثلاثاء الكبير"، اختيار 874 مندوباً والتي تشكل 72% من 1215 صوتاً المطلوبة للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، بحسب مجلة "فوربس".
ووفقاً لوكالة "رويترز"، يصبح توزيع عدد المندوبين الجمهوريين في "الثلاثاء الكبير" عبر الولايات كالتالي: كاليفورنيا (169)، تكساس (161)، ونورث كارولاينا (74)، تينيسي (58)، ألاباما (50)، وفرجينيا (48)، أوكلاهوما (43)، أركنساس (40)، ماساتشوستس (40)، يوتا (40)، مينيسوتا (39)، كولورادو (37)، ألاسكا (29)، ومين (20)، فيرمونت (17)، ساموا (9).
وللفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، سيحتاج المرشح أصوات 1986 مندوباً من إجمالي 3934 مندوباً، وذلك خلال المؤتمر الوطني للحزب الذي من المقرر أن يكون في أغسطس المقبل بمدينة شيكاغو بولاية إيلينوي.
ما هي مكاسب المرشحين حتى الآن؟
بداية، فاز ترمب في 8 ولايات ومناطق شهدت انتخابات حتى الآن محققاً أكثر من 247 مندوباً، وذلك مقابل 24 فقط لمنافسته نيكي هيلي التي جمعت، الأحد، أصوات 19 مندوباً بعد فوزها بانتخابات العاصمة.
أما جو بايدن الذي يعتبر حصوله على ترشيح حزبه قضية "شكلية"، فقد حصل حتى الآن على 206 مندوبين في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية الأربعة التي جرت حتى الآن في ولايات نيوهامشر وساوث كارولينا ونيفادا وميشيجان.
ما هي حظوظ المرشحين؟
من شأن انتخابات "الثلاثاء الكبير" أن تمنح لترمب تقدماً لن تتمكن منافسته الوحيدة هيلي من تعويضه، بحسب وكالة "فرانس برس" التي أشارت إلى توقع فريق حملته الانتخابية أن يفوز بـ773 مندوباً خلال "الثلاثاء الكبير"، وأنه سيكون "حسابياً" غير قابل للهزيمة.
وتظهر استطلاعات الرأي أن ترمب هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بولايات كاليفورنيا وتكساس وكذلك ألاباما وماين ومينيسوتا، فيما لا تزال هيلي سفيرة بلادها السابقة إلى الأمم المتحدة تؤكد أن نسبة 40 % من الأصوات التي حققتها في نيوهامشر وكارولاينا الجنوبية تظهر أن الحزب الجمهوري لا يزال منقسماً بشأن ترمب.
أما في المعسكر الديمقراطي لا يواجه بايدن البالغ 81 عاماً والمرشح لولاية ثانية، أي منافسة جدية، كما لم يثر ترشيح شخصيتين ديمقراطيتين هما النائب عن مينيسوتا دين فيليبس، والكاتبة المعروفة ماريان وليامسون أي حماسة فعلية رغم الانتقادات المتواصلة للناخبين بشأن سن الرئيس أو دعمه لإسرائيل.
كيف كان أداء ترمب وبايدن بـ"الثلاثاء الكبير" في 2016 و2020؟
خلال انتخابات عام 2016، كان "الثلاثاء الكبير"، اللحظة التي سيطر فيها ترمب بالفعل على الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، حيث حصل على أصوات 7 ولايات من أصل 11، على الرغم من خسارته للجائزة الكبرى وهي ولاية تكساس، بحسب شبكة CNN الأميركية.
وكان حينها لا يزال التنافس على المندوبين على أشده وذلك على عكس العام الجاري، وفقاً لـCNN التي قالت إن بايدن في عام 2020 فاز بـ10 ولايات من أصل 14 خلال "الثلاثاء الكبير".