
دافع المدعي الأميركي الذي أثار عاصفة سياسية الشهر الماضي بتقرير أشار إلى "ضعف ذاكرة" الرئيس جو بايدن عن تقييمه، الثلاثاء، قائلاً إنه ضروري في إطار التحقيق الذي يجريه بشأن تعامل بايدن مع وثائق سرية.
وتحدث المستشار الخاص الأميركي السابق روبرت هور أمام لجنة الشؤون القضائية بمجلس النواب الأميركي، وهي إحدى اللجان التي تجري تحقيقاً لمساءلة بايدن (81 عاماً).
وقال هور في كلمته الافتتاحية: "تقييمي في التقرير بشأن أهمية ذاكرة الرئيس كان ضرورياً ودقيقاً وعادلاً... لم أزين تفسيري. ولم أنتقص من حق الرئيس ظلماً. شرحت للنائب العام قراري وأسبابه. وهذا ما طُلب مني القيام به".
ورفض هور، المدعي العام الاتحادي السابق لولاية ميريلاند، توجيه اتهامات جنائية ضد الرئيس الأميركي بعد التحقيق الذي استمر لشهور بشأن العثور على وثائق سرية في منزل بايدن ومكتبه السابق.
وقال هور، المنتمي إلى الحزب الجمهوري، إن ذاكرة بايدن وحالته الذهنية لهما صلة باستنتاجاته بشأن ما إذا كان بايدن قد احتفظ بمعلومات حساسة عن عمد.
وخلص التقرير إلى أن "السيد بايدن سيقدم نفسه على الأرجح أمام هيئة محلفين، كما فعل خلال مقابلتنا معه، باعتباره رجلاً مسناً وحسن النية وذا ذاكرة ضعيفة".
وأظهر نص المقابلة التي أجراها هور مع بايدن في أكتوبر الماضي، واطلعت عليها "رويترز"، أن الرئيس أثار مسألة ذاكرته أولاً.
"نسيان متكرر"
ذكر موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، الثلاثاء، أن بايدن خلط مراراً بين تواريخ أحداث مهمة وظهرت عليه علامات ضعف بالذاكرة، خلال مقابلة استمرت 5 ساعات مع هور الذي تم الاستماع إليه الثلاثاء أمام لجنة الشؤون القضائية بمجلس النواب الأميركي، وهي إحدى اللجان التي تجري تحقيقاً لمساءلة بايدن.
وذكر الموقع أنه استعرض نص هذه المقابلة التي دفعت هور إلى القول بأن بايدن كان يعاني من هفوات عقلية متعددة، على الرغم من التصدي لهذه الادعاءات مؤخراً من قبل الرئيس والبيت الأبيض.
وخلال المقابلة التي استمرت يومين، والتي جرت في أعقاب هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، طلب بايدن مراراً المساعدة في تذكر بعض التواريخ المهمة، وكثيراً ما تدخل محاموه.
وتساءل بايدن: "متى أعلنتُ عن ترشحي للرئاسة، هل في عام 2019؟"، وفي جانب آخر من المقابلة تساءل: "إذا كان عام 2013 .. متى توقفت عن منصب نائب الرئيس؟".
وتساءل أيضاً: "في عام 2009، هل ما زلت نائباً للرئيس؟". كما تساءل: "هل جرى انتخاب (دونالد) ترمب في نوفمبر من عام 2017؟"، قبل أن يشير أحد الحضور إلى أنه كان نوفمبر 2016. كما وجد بايدن صعوبة في تذكر عبارة "جهاز الفاكس" مرتين في نفس اليوم.
وقال بايدن: "ترى حيث توجد طابعة وهناك.. ماذا يسمونها، الآلة التي..؟"، حيث ظل بايدن يتعثر في التذكر حتى تداركه مستشار البيت الأبيض إد سيسكل بعبارة "جهاز فاكس" في كلتا الحالتين.
وبعد إصدار التقرير، شكك بايدن في تصريحات هور التي زعمت أنه لا يتذكر سنة وفاة ابنه بو بيدن، إذ قال في فبراير: "عندما طُرح عليّ السؤال، فكرت في الرد من داخلي وقلت: هذا أمر لا شأن لهم به".
ومع ذلك، ذكر "أكسيوس" أن نص المقابلة يُظهر أن بايدن نفسه هو الذي استحضر ذكر ابنه، وليس هور، وأنه واجه صعوبة في تذكر أن بو توفي في عام 2015 حتى ساعدته محامية البيت الأبيض راشيل كوتن.
وخلال الحديث عن عامي 2017 و 2018، قال بايدن: "تذكر، في هذا الإطار الزمني، ابني إما تم توزيعه (للخدمة العسكرية) أو كان يموت"، قبل أن تتداركه كوتن بأنه كان في عام 2015.
وتمت المقابلة في 8 و 9 أكتوبر، أثناء استجابة بايدن للهجوم على إسرائيل.
من جهته، قال البيت الأبيض إن تقرير هور كان غير مبرر وله دوافع سياسية بالنظر إلى أنه عُيّن مدعياً عاماً لمقاطعة ميريلاند عام 2017 في عهد ترمب. ولاحظ فريق بايدن أيضاً أنه كانت لديه ذاكرة ممتازة في عدة أجزاء أخرى من المقابلة، وقال إن الأخطاء كانت مبالغاً فيها وتم انتقاؤها.
ويؤكد تقرير هور أن الهفوات العقلية لبايدن كانت ضرورية للتوثيق من أجل شرح سبب عدم اتهامه له بأي جرائم تتعلق بتعامله مع الوثائق السرية.
"رجل مسنّ بذاكرة سيئة"
دافع المدعي الخاص الأميركي المسؤول عن التحقيق في حجب جو بايدن وثائق سرية، الثلاثاء أمام مجلس النواب، عن تصريحاته المثيرة للجدل بشأن ضعف ذاكرة الرئيس أحياناً لتبرير قراره التخلّي عن ملاحقته قضائياً.
وأوصى روبرت هور في تقريره الذي نشره في فبراير، بإغلاق القضية، مشيراً بشكل خاص إلى أنّ هيئة المحلّفين قد تتردّد في إدانة "رجل مسنّ ذو ذاكرة سيئة". غير أنّ معسكر الرئيس الديمقراطي البالغ 81 عاماً ندّد بالتعليقات "غير المبرّرة" و"غير اللائقة" الصادرة عن المدعي الخاص.
وقال هور أمام لجنتين في مجلس النواب يهيمن عليهما الجمهوريون: "لقد جمعنا أدلّة على أنّ الرئيس احتفظ عن علم بوثائق سرية بعد انتهاء ولايته كنائب للرئيس (2009-2017)، وذلك بعدما بات مواطناً عادياً".
وأضاف: "لكنّنا لم نجمع أدلّة لا تقبل الشك المعقول"، وأشار إلى أن "مهمتي كانت التحقق مما إذا كان الرئيس قد احتفظ بمعلومات سرية أو كشف عنها عن علم".
وتابع: "لا يمكنني أن أختتم هذه النقطة من دون فحص الحالة الذهنية للرئيس. ولهذا السبب، كان عليّ أن آخذ في الاعتبار ذاكرة الرئيس وحالته الذهنية العامّة، وكيف ستنظر إليها هيئة المحلّفين".
وأكد أن "تقييمي في التقرير بشأن أهمية الذاكرة كان ضرورياً ودقيقاً وعادلاً". وقال روبرت هور: "لم أصّحّح تفسيري، ولم أشوّه سمعة الرئيس بشكل غير عادل".
وجاء تعيين هور كمدع عام في يناير 2023 في أعقاب العثور على وثائق سرية في منزل جو بايدن في ويلمنجتون في ولاية ديلاور، وفي مكتب سابق في ديسمبر 2023. ويعود تاريخ هذه الوثائق إلى المرحلة التي كان فيها بايدن نائباً للرئيس، وتتعلّق خصوصاً بالمشاركة العسكرية الأميركية في أفغانستان.
"مقارنة" مع قضية ترمب
ومع أن هور لم يلعب أي دور في التحقيق في تعامل ترمب مع الوثائق السرية، لكن هذا لم يمنع الديمقراطيين من سؤاله بشكل متكرر عن لائحة الاتهام المتعلقة بالوثائق السرية لترمب.
وذكر الجمهوريون أيضاً قضية ترمب خلال جلسة الثلاثاء، واعتبروا أن عدم توجيه الاتهامات ضد بايدن يظهر "نظاماً للعدالة بمستويين".
وحسب شبكة CNN أشار هور في تقريره إلى وجود "العديد من الفروق المادية" بين قضيتي بايدن وترمب، وطلبت النائبة مادلين دين، وهي ديمقراطية من ولاية بنسلفانيا، من هور أن يقرأ هذا الجزء من تقريره في السجل لتوضيح هذه النقطة.
وأثار الديمقراطيون الاختلافات بين القضيتين من خلال سؤال هور عما إذا كانت التهم الموجهة إلى ترمب في قضية الوثائق السرية الخاصة به تنطبق أيضاً على قضية بايدن.
وسأل النائب الديمقراطي من كاليفورنيا تيد ليو: "هل وجدت أن الرئيس بايدن أمر محاميه بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي؟"، وهو ما أجاب عنه هور بالقول: "لم نعثر على مثل هذه الأدلة".
وسأل ليو هور في وقت لاحق: "هل وجدت أن الرئيس بايدن وجه مساعده الشخصي لنقل صناديق المستندات لإخفائها عن مكتب التحقيقات الفيدرالي؟" ليجيب المحقق الخاص بـ"لا"، كما سأل النائب الديمقراطي المحقق الخاص عما إذا كان قد تم التحقيق مع بايدن بسبب مزاعم تتعلق باتهامات ترمب الثلاث الأخرى المتعلقة بمحاولات إلغاء نتائج انتخابات عام 2020 وقضية شراء صمت ممثلة إباحية.