وزيرة الخزانة الأميركية في الصين: علاقاتنا معقدة رغم "أجواء إيجابية"

بكين تدعو واشنطن إلى "شراكة لا خصومة"

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج خلال لقائه مع وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في بكين. 7 أبريل 2024 - AFP
رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج خلال لقائه مع وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في بكين. 7 أبريل 2024 - AFP
بكين -أ ف برويترز

عكس اللقاء بين رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج، وضيفته وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الأحد، "مناخاً إيجابياً" بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، مع تأكيد بكين رغبتها في "الشراكة عوضاً عن الخصومة"، رغم إقرار واشنطن بوجود تباينات تتطلب نقاشات صريحة.

وحلّت يلين في بكين، بعدما أمضت أياماً في مدينة قوانجتشو (جنوب)، حيث التقت مسؤولين محليين أبرزهم نظيرها هي ليفنج، ورجال أعمال أميركيين. وأكدت الوزيرة لمضيفها لي، أن العلاقات بين البلدين، "لا يمكن أن تمضي قدماً سوى من خلال التواصل المباشر والصريح".

وقالت وزيرة الخزانة الأميركية في مستهل لقائها مع رئيس الوزراء الصيني، إن قدرة البلدين على إجراء "محادثات صعبة"، وضعت القوتين الاقتصاديتين العظميين على "أساس أكثر استقراراً" خلال العام الماضي. 

وشددت على أن واشنطن وبكين عليهما "مهمة" إدارة "العلاقة المعقدة" بشكل مسؤول، وطرحت على القيادة الصينية موقفها الذي يدعو إلى كبح جماح طاقة التصنيع الفائضة للصين.

وأضافت يلين: "في حين يتعين علينا بذل المزيد من الجهد، فإنني أعتقد أننا وضعنا علاقتنا الثنائية على أساس أكثر استقراراً خلال العام الماضي".

وتابعت: "هذا لا يعني تجاهل خلافاتنا أو تجنب المحادثات الصعبة، بل يعني إدراك أننا لا نستطيع إحراز تقدم إلا إذا تواصلنا بشكل مباشر ومنفتح مع بعضنا بعضاً".

"شريكان لا خصمان"

من جانبه، رد رئيس الوزراء الصيني، قائلاً إنه يتعين على البلدين احترام بعضهما بعضاً، وإنه يجب أن يكونا "شريكين لا خصمين"، مضيفاً أنه تم إحراز "تقدم بناء" خلال زيارة يلين.

وأكد على مسامع يلين أنّ روّاد الإنترنت الصينيين يتابعون عن كثب زيارتها لبلدهم منذ وصلت هذا الأسبوع إلى قوانجتشو، مشيراً إلى أنّ اهتمامهم هذا يُظهر "التوقّعات والأمل في تحسّن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة".

وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت، السبت، أن الجانبين اتفقا على إجراء "مباحثات مكثفة حول نمو متوازن"، في ختام محادثات أجرتها يلين على مدى يومين مع هي ليفنج في قوانجتشو، وهي مركز للتصدير جنوب الصين.

وقالت يلين للمسؤول الصيني، إنها تعتزم استخدام هذا المنتدى للدفع بفكرة تكافؤ الفرص مع الصين لحماية العاملين والشركات في الولايات المتحدة.

وأضافت: "بصفتنا أكبر اقتصادين في العالم لدينا واجب أمام بلدينا والعالم أجمع يحتم إدارة علاقتنا المعقدة بمسؤولية والتعاون وإظهار القيادة في التعامل مع التحديات العالمية الملحة".

وركّزت يلين على المخاوف من حزم الدعم الصناعي التي تقدمها الصين. وهي تعتبر أن "القدرة الفائضة" للإنتاج الصناعي في الصين في قطاعات مثل السيارات الكهربائية والبطاريات، قد تسبب فائضاً في المنتجات، وبالتالي تغرق الأسواق العالمية، وتضعف هذه القطاعات في بلدان أخرى.

الزيارة الثانية

وزيارة يلين هي الثانية لها في أقل من عام إلى الصين، القوة الاقتصادية الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة.

وتأتي الزيارة في وقت يحاول البلدان حلّ خلافاتهما بشأن قضايا تتراوح من التكنولوجيا والتجارة إلى حقوق الإنسان مروراً بجزيرة تايوان، وتطبيق "تيك توك".

وقبيل مباحثات مع رئيس بلدية العاصمة الصينية، شددت يلين على أهمية التواصل مع المسؤولين المحليين من أجل فهم "المستقبل الاقتصادي" للصين.

وقال مسؤول كبير في الخزانة الأميركية للصحافيين، إن واشنطن تعتقد أن حصة استهلاك الأسر من الاقتصاد الصيني يجب أن تكون أكبر مما هي عليه.

وكانت الوزيرة الأميركية زارت بكين في يوليو 2023، لمحاولة تطبيع العلاقات الاقتصادية الثنائية بعد فترة من التوتر المتزايد الناجم عن الخلافات بشأن قضايا تتراوح من تايوان إلى منشأ جائحة فيروس كورونا، والنزاعات التجارية.

وفي مؤشر آخر على استقرار العلاقات، سعى الرئيسان الأميركي جو بايدن والصين شي جين بينج إلى خفض التوتر حول بحر الصين الجنوبي، في محادثة هاتفية استمرت ما يقرب من ساعتين، الثلاثاء، وهي أول محادثات مباشرة بينهما منذ قمة في نوفمبر الماضي.

كما التقى مسؤولون عسكريون أميركيون، بنظرائهم الصينيين الأسبوع الماضي في سلسلة من الاجتماعات النادرة في هاواي تركزت على سلامة العمليات والاحترافية.

توترات حاضرة 

ورأت يلين أنه يتوجب على الولايات المتحدة والصين "إدارة علاقتنا المعقّدة بشكل مسؤول"، وأخذ موقع القيادة في مقاربة التحديات الدولية.

واتفقت واشنطن وبكين، السبت، على إجراء "مباحثات مكثفة حول نمو متوازن". وتمثّل المباحثات المقررة خطوة جديدة في الجهود المشتركة لإرساء الاستقرار في العلاقات بين البلدين منذ قمة الرئيسين بايدن، وشي في نوفمبر.

كما تمّ الاتفاق خلال زيارة يلين على استكشاف سبل تعزيز حملة مشتركة على غسل الأموال من خلال التواصل في إطار "مجموعة العمل المالية" الأميركية الصينية، على أن يعقد الاجتماع الأول "في الأسابيع المقبلة"، وفق البيان.

ويأتي التواصل بعد دعوات متكررة من واشنطن لبكين لوقف تدفق مادة الفنتانيل المخدرة، والمواد الكيميائية ذات الصلة من مصانع في الصين، التي غالباً ما يتم بيعها عبر تحويلات مالية غير مشروعة لمشترين في أميركا الشمالية.

ورغم الأجواء الإيجابية المحيطة بزيارة يلين، حذرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" من توجه نحو "الحمائية" في الولايات المتحدة.

وانتقدت الرسوم الأميركية على الواردات الصينية، واتهمت واشنطن بـ"قمع" صناعات الصين المرتبطة بالسيارات الكهربائية، ما قد يؤشر إلى أن التوترات لا تزال قائمة.

كما أشارت صحيفة "جلوبال تايمز" الرسمية بدورها، إلى "إجراءات سلبية حيال الصين"، في إشارة إلى القيود الأميركية على التجارة والتكنولوجيا، و"قائمة لا تنفك تطول، من العقوبات (الأميركية) على الشركات الصينية".

"احتمال تحقيق تقدّم"

ورأى الباحث في معهد "بروكينجز"، ريان هاس، أن "زيارة يلين أفسحت في المجال لاختبار احتمال تحقيق تقدّم" في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

وأضاف لوكالة "فرانس برس"، أن الزيارة "أظهرت أن الصينيين يقرون بالحاجة إلى التعامل مع مسألة القدرة الفائضة (في الإنتاج)، وأنهم مستعدون للبحث في سبل التعاون بشأن غسل الأموال"، مشدداً على أن الوقت هو الكفيل بتبيان ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى تحقيق تقدم ملموس.

وفي ملف شائك آخر بين القوتين، حذّرت يلين، السبت، من "عواقب بالغة" إذا تبيّن أن شركات صينية تساعد روسيا في حربها على أوكرانيا، بعد أيام من إبداء الولايات المتحدة قلقاً من أن تكون بكين تساعد روسيا على إعادة بناء قطاعها الدفاعي العسكري.

ومن المقرر أن تلتقي يلين، الأحد، في بكين رئيس البلدية يين يونج، ووزير المالية الصيني لان فوان، على أن تتحدث الاثنين إلى رئيس الوزراء السابق ليو هي، وحاكم المصرف المركزي بان جونشنج.

تصنيفات

قصص قد تهمك