حذَّرت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الاثنين، من أن الولايات المتحدة لن تقبل بـ"تدمير الصناعات الجديدة" بسبب واردات الصين "الرخيصة" المدعومة بالطريقة ذاتها التي سُحق بها قطاع الصلب الأميركي قبل عقد من الزمن، فيما اعتبرت بكين أن مخاوف واشنطن بشأن طاقتها الإنتاجية المفرطة "غير مبررة".
وبعد اختتام 4 أيام من المحادثات مع المسؤولين الصينيين، قالت يلين في مؤتمر صحافي، إن مباحثات بكين عززت المصالح الأميركية.
وذكرت يلين أنها ناقشت مع نظرائها الصينيين قضية "تيك توك"، معبّرة عن ما وصفتها بـ"مخاوف أمنية وطنية مشروعة فيما يتعلق بالبيانات"، كما قالت إنها مع إيجاد طريقة للمضي قدماً للتعامل مع هذه المخاوف.
وقالت إنها أثارت مخاوف بشأن ضعف الطلب المحلي للصين، والإفراط في الاستثمار في صناعات مثل السيارات الكهربائية والبطاريات ومنتجات الطاقة الشمسية، المدفوعة بـ"الدعم الحكومي واسع النطاق".
وأضافت: "لقد رأينا هذه القصة من قبل. منذ أكثر من عقد من الزمان، أدى الدعم الهائل لحكومة جمهورية الصين الشعبية إلى انخفاض تكلفة الصلب الصيني الذي غمر السوق العالمية، ودمر الصناعات في جميع أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة".
وتابعت: "لقد أوضحت أنني والرئيس الأميركي جو بايدن لن نقبل هذا الواقع مرة أخرى".
وأردفت يلين بقولها إنه عندما تغمر السوق العالمية بالمنتجات الصينية الرخيصة بصورة مفتعلة "تصبح جدوى الشركات الأميركية والأجنبية الأخرى موضع شك".
ورغم ذلك أقرت وزيرة الخزانة الأميركية في معرض حديثها أنها لا تريد أن ترى العلاقات الاقتصادية مع الصين تتدهور وتتوتر.
من جهة أخرى، قالت يلين إن روسيا استفادت من إمدادات السلع الصينية، مضيفة أن قدرة البلدين على إجراء "محادثات صعبة"، وضعت القوتين الاقتصاديتين العظميين على "أساس أكثر استقراراً".
مخاوف غير مبررة
من جهته، اعتبر وزير التجارة الصيني، وانج وينتاو، أن المخاوف الأميركية من أن ازدياد الصادرات الصينية منخفضة الكلفة يمثّل خطراً على الأسواق العالمية "غير مبررة".
وتبنى المسؤولون الصينيون خلال زيارة يلين، نبرة متفائلة بأن العلاقات بين البلدين مستقرة، مع اتفاق الطرفين على فتح قنوات لإجراء مزيد من المحادثات بشأن مسألة الإمكانيات الصناعية المفرطة، رغم وجود خلافات ما زالت قائمة بشكل واضح.
وتخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي الدعم الحكومي الصيني للشركات بفائض في الإنتاج يتجاوز إمكانيات استيعاب الأسواق العالمية، ويمكن لتدفق صادرات زهيدة الثمن في قطاعات رئيسية مثل السيارات الكهربائية، وتلك العاملة بالطاقة الشمسية أن يؤثر على نمو هذه الصناعات في بلدان أخرى.
لكن الوزير الصيني، قال أثناء زيارة إلى باريس، الأحد، إن "الاتهامات بالطاقة الإنتاجية المفرطة من قِبَل الولايات المتحدة وأوروبا لا أساس لها"، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".
وأفاد وانج بأن النمو السريع لشركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية كان نتيجة للابتكار وسلاسل الإمداد الراسخة، وليس الدعم الحكومي.
وأضاف بأن بكين ستدعم الأعمال التجارية للدفاع عن مصالحها، بحسب الوكالة.
وقللت بكين مراراً من أهمية المخاوف حيال الدعم الحكومي الكبير الذي تقدمه الدولة للقطاع.
وأطلق الاتحاد الأوروبي تحقيقاً بشأن حزم دعم السيارات الكهربائية الصينية التي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الرسوم الجمركية على المركبات التي تعتقد بأنها بيعت بشكل غير منصف بسعر أقل، وهو أمر دانته بكين الشهر الماضي على اعتباره "حمائية".
تحركات أميركية وصينية
وطرحت وزيرة الخزانة الأميركية، مسألة الطاقة الإنتاجية المفرطة مراراً خلال محادثاتها مع المسؤولين ورواد الأعمال في مدينة قوانجتشو والعاصمة بكين.
وتطرّقت إلى المسألة في محادثاتها مع نظيرها نائب رئيس الوزراء هي ليفينج التي استمرت نحو 11 ساعة، كما طرحتها مع رئيس الوزراء لي تشيانج في مسعى لإيصال الرسالة بشأن هذه المخاوف إلى أعلى مستويات صناعة القرار في الصين.
وقال لي لوزيرة الخزانة الأميركية، إن على واشنطن النظر إلى مسألة الطاقة الإنتاجية بشكل "موضوعي" ومن منظور "يراعي السوق".
وأضاف أن نمو قطاع الطاقة الجديدة الصيني "سيقدّم مساهمات مهمة للانتقال العالمي إلى الطاقة الصديقة للبيئة والكربون المنخفض"، بحسب نص اجتماعهما الثنائي.
وأقرت يلين من جانبها بأن "هذه قضية معقدة ترتبط بكامل استراتيجيتهم للاقتصاد الكلي والصناعة".
لكنها لفتت إلى أنه تم إطلاع المسؤولين الصينيين على أن "هذه قضية مهمة بالنسبة لنا" وستكون حاسمة بالنسبة للعلاقة الثنائية ولعلاقة الصين مع البلدان الأخرى مستقبلاً.