يتوجّه المستشار الألماني أولاف شولتز إلى الصين، السبت، في زيارة تعدّ حسّاسة من حيث التوقيت في ظل تشدد الغرب في موقفه من ممارسات تجارية لبكين توصف بغير النزيهة.
وتأتي هذه الزيارة التي تستمر 3 أيام أيضاً في وقت تزداد الانتقادات الموجّهة إلى بكين على خلفية علاقتها الوطيدة بموسكو.
وحذرت واشنطن بكين من تحميلها "المسؤولية" في حال تقدمت القوّات الروسية بعد أكثر في أوكرانيا، ما استدعى رداً شديد اللهجة من الصين التي رفضت أيّ "ضغط" على علاقتها بالكرملين.
ويتصاعد التوتر في ظل حديث الصين عن "إعادة التوحيد" ولو بالقوة مع تايوان.
وبالرغم من هذه المسائل الشائكة، يعتزم المستشار الألماني في ثاني زيارة له منذ توليه منصبه في أواخر 2021 إلى الصين التي تعد أكبر شريك تجاري لألمانيا، التركيز على "الأعمال التجارية".
ويرافق شولتز في جولته وفداً من مدراء كبرى الشركات الألمانية، من بينها "سيمنز" و"بايير" و"مرسيديز-بنتس" و"بي إم دبليو"، فضلاً عن وزراء البيئة والزراعة والنقل، وفق ما كشفت وسائل إعلام ألمانية.
وتكشف هذه المجموعة من المسؤولين الرفيعين "الأهمية التي ستولى للجانب الاقتصادي خلال هذه الرحلة"، وفق ما قال لوكالة "فرانس برس"، ماكس تسنجلاين كبير الاقتصاديين في معهد "ميركاتور" للدراسات حول الصين.
ممارسات غير نزيهة
ويتوقع أن تكون المناقشات صعبة، في حين يخوض الاتحاد الأوروبي "شد حبال" مع الصين متهماً إياها بزعزعة السوق الأوروبية من خلال إغراقها بمنتجات منخفضة التكلفة.
وبعد السيارات والقطارات والألواح الشمسية، فتحت المفوضية الأوروبية في الفترة الأخيرة تحقيقاً في ممارسات غير نزيهة في قطاع الطاقة الريحية قد يفضي إلى عقوبات جمركية.
وأعربت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في الآونة الأخيرة عن قلقها من "الطاقة المفرطة" للإنتاج الصيني، لا سيّما في مجال التكنولوجيا، المدعومة بمساعدات عامة كبيرة.
ومن المفترض أن "يركّز أولاف شولتز في أولوياته على مسألة الحدّ من الطاقة المفرطة واحتواء الصادرات"، بحسب ما قال عالم الاقتصاد في معهد "آي دبليو" يورجن ماتيس في تصريحات لقناة "ان-تي في" الألمانية.
ورأى ماتيس أن المستشار الألماني يحظى بموقع جيّد للتفاوض، في ظلّ "الشلل" الذي يكبّل الاقتصاد الصيني راهناً، ونقص الاستثمارات الأجنبية.
ويمكن أن يعرض أولاف شولتز مظالم المجموعات الألمانية التي فتحت فروعاً لها في الصين، والتي يشتكي ثلثاها تقريباً من "ظروف تنافسية غير مؤاتية" في النفاذ إلى السوق، بحسب تحقيق أجرته غرفة التجارة الألمانية في بكين.
وبالرغم من ذلك، تصرّ الشركات على إبقاء فروعها مفتوحة في الصين.
وما زالت المبادرات الرامية إلى خفض المخاطر بغية الحدّ من الاعتماد على الصين، لا سيّما في قطاع السيارات والكيمياء، بأغلبيتها حبراً على ورق حتى الساعة، بحسب معهد "آي دبليو".
"توازن أفضل"
وأشار ماكسيميليان بوتيك المسؤول في غرفة التجارة الألمانية بالصين، إلى أنه "طوال 20 سنة، لم نتكلّم سوى عن فرص... وفقط الآن بتنا نتكلّم عن مخاطر"، داعياً الحكومة إلى إيجاد "توازن أفضل بين مراعاة المخاطر والفرص".
وإذا كانت زيارة شولتز اقتصرت على يوم واحد في بكين في نوفمبر 2022، بسبب سياسة "صفر كوفيد" في البلد، سيتسنّى للمستشار الألماني هذه المرّة زيارة 3 مدن.
وهو سيتوجّه بداية إلى مدينة تشونجتشينج الكبيرة ثمّ إلى شنغهاي ليقوم بجولات على مصانع، قبل أن يجتمع في العاصمة بكين بالرئيس شي جين بينج ثم برئيس الوزراء لي تشيانج.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ستشكّل أوكرانيا محور المحادثات في وقت حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بلده قد يخسر الحرب بسبب تعذر الحصول على ما يكفي من الذخائر.
وقال شتيفن هيبيشترايت الناطق باسم المستشار الألماني مؤخراً: "أظن أن الصين لها تأثير على روسيا"، و"نتمنّى لو تمارس هذا التأثير" بهدف وضع حدّ للحرب.