قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز"، إن مصادر سعودية وأميركية أخبرته بأن البلدين أنجزا 90% من معاهدة الدفاع المشترك بينهما، فيما ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، أن المملكة كانت "واضحة للغاية" في تحديد مطلبين كجزء من أي صفقة تطبيع مع إسرائيل، الأول أن يسود الهدوء في غزة، والثاني وجود مسار نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف فريدمان أن السعوديين والأميركيين ما زالوا يبحثون بعض المسائل الدقيقة المتعلقة بالاتفاق مثل علاقة واشنطن ببرنامج الطاقة النووية المدني الذي ستحصل عليه السعودية بموجب الصفقة، وما إذا كانت اتفاقية الدفاع المشترك "ستكون صريحة، مثل تلك التي بين أميركا واليابان، أو أقل رسمية، مثل التفاهم بين الولايات المتحدة وتايوان، والتزام طويل الأجل من جانب السعودية بمواصلة تسعير النفط بالدولار الأميركي، وليس التحول إلى العملة الصينية".
وأكد الكاتب الأميركي أن "الجزء الآخر من الصفقة، والذي يُنظر إليه على أنه حاسم لكسب الدعم في الكونجرس، هو أن تقوم السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وتابع: "لن يحدث ذلك إلا إذا وافقت إسرائيل على شروط الرياض: الخروج من غزة، وتجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية، والشروع في مسار تتراوح مدته من 3 إلى 5 سنوات لإقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة".
وذكر فريدمان أنه "من الواضح للمسؤولين الأميركيين والسعوديين أنه مع انضمام نتنياهو إلى اليمين المتطرف للبقاء في السلطة، فمن غير المرجح أن يوافق على أي نوع من الدولة الفلسطينية التي من شأنها أن تدفع شركائه إلى الإطاحة به - ما لم يفرض بقاؤه السياسي خلاف ذلك، ونتيجة لذلك، تدرس الولايات المتحدة والسعوديون وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة وعرضها على الكونجرس بشرط أن تقوم المملكة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في اللحظة التي يكون فيها لدى تل أبيب حكومة مستعدة لتلبية شروط السعودية والولايات المتحدة".
"شروط سعودية واضحة"
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، قال إن السعودية كانت "واضحة للغاية" في تحديد مطلبين كجزء من أي صفقة تطبيع مع إسرائيل، الأول أن يسود الهدوء في غزة، والثاني وجود مسار نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقال ميلر، خلال إحاطة صحافية يومية رداً على تقارير تفيد بأن السعودية والولايات المتحدة على وشك إتمام اتفاقية دفاع ثنائية كجزء من صفقة تطبيع أوسع تنضم إليها إسرائيل لاحقاً، وعن الموعد الذي يتم التخطيط للإعلان فيه عن الخطة الكاملة: "ما سأقوله إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذا الأسبوع عندما كان في الرياض.. نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق بشأن الأجزاء الثنائية التي ستكون بين واشنطن والرياض من اتفاق التطبيع الذي سيكون بالطبع بين المملكة وإسرائيل".
وتابع ميلر: "هناك بعض التفاصيل التي يتعين علينا مواصلة العمل عليها، لكننا نعتقد أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق بشأنها في وقت قصير جداً، فلا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به بشأن جزء منفصل من الاتفاق يتمثل في وضع مسار يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، لكننا نناقش ذلك بنشاط مع نظرائنا السعوديين، وكذلك مع المجموعة الأوسع من الدول العربية التي التقى بلينكن مع مسؤوليها الاثنين في الرياض، إذ أننا لم نبحث هناك عن مسار نحو حل الدولتين فحسب، بل أيضاً لإعادة إعمار غزة، وقضايا الحكم والأمن في القطاع".
وأردف: "نعمل على كل ذلك، كما أن هناك بعض الأجزاء في الاتفاق تكون أبعد من غيرها، فصحيح أن الأجزاء الثنائية بين واشنطن والرياض هي الأقرب الآن، لكن بعض الأجزاء الأخرى تبدو أبعد قليلاً، إلا أننا نأمل أن نحرز تقدماً في هذا الشأن وأن تكون الاتفاقيات جاهزة للطرح في أقرب وقت ممكن".
"استكمال المقترحات"
وعما إذا كانت الولايات المتحدة قريبة فيما يتعلق بالجزء الخاص بالاتفاق الأميركي-السعودي فقط، وليس الجزء الإسرائيلي، قال ميلر: "فكرة هذه الاتفاقية هي أنه سيكون هناك سلام ثنائي يتضمن اتفاقيات بين الولايات المتحدة والسعودية، لكنني لن أتحدث عن تفاصيل هذه الاتفاقيات، لأن الجميع بات يعرفها الآن، إلا أن هذا الجزء يشهد تقدماً بشكل جيد إلى حد ما، فصحيح أنه يتعين علينا القيام ببعض العمل لوضع اللمسات الأخيرة على بعض التفاصيل، لكننا قطعنا شوطاً طويلاً بالفعل، وأعتقد أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان تحدث أيضاً بعد أن التقينا به".
وأضاف: "سيكون هناك جزء من هذه الحزمة يتعلق بإقامة دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل، وهذا شيء مهم بالنسبة للولايات المتحدة، وكذلك للسعودية وسيكون جزءاً أساسياً من الصفقة، ففي حين أن هناك أجزاء من الصفقة تبدو أقرب من غيرها، فإن الحزمة بأكملها ستشمل كل تلك الأجزاء معاً".
وبسؤاله عن مدى ثقته في إمكانية تحقيق ذلك، في ظل عدم وجود هدنة بين إسرائيل وحركة "حماس"، قال ميلر: "يمكننا التوصل إلى اتفاق، لكن هناك بعض التكهنات بشأن توقيت ذلك، لأننا لا نعرف ما إذا كان سيكون هناك وقف للنار، لكن الأمر بات في أيدي حماس الآن".
وتابع ميلر في هذا السياق: "يمكننا التوصل إلى اتفاق مع السعودية بشأن الشكل الذي يجب أن يبدو عليه الاتفاق، كما يمكننا التوصل إلى اتفاق مع بعض الدول العربية الأخرى التي نعمل معها على الشكل الذي ستبدو عليه الحزمة الأوسع، وذلك ليس فيما يتعلق بالتطبيع فحسب، لكن بقضايا ما بعد الصراع المتعلقة بغزة".
وذكر ميلر أن "السعودية كانت واضحة للغاية في هذا الشأن، إذ أنه يمكن طرح اقتراح على الطاولة لنقله إلى إسرائيل، لكن لن يكون هناك اتفاقاً في هذا الصدد في ظل استمرار احتدام الصراع بقطاع غزة، كما أكدت المملكة بشكل واضح أن لديها مطلبين كجزء من أي صفقة تطبيع مع إسرائيل، الأول أن يسود الهدوء في غزة، والثاني وجود مسار نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولذا، يمكنكم رؤية إلى أي مدى يمكن أن نتوصل في الاتفاق مع الرياض بشأن الشكل الذي يجب أن تبدو عليه هذه الحزمة، لكن فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق فعلي يتضمن التطبيع مع إسرائيل، فإنه يجب أن يسود الهدوء في غزة أولاً".
وعن إمكانية إحراز تقدم في المفاوضات مع السعودية، وسط اعتراض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على إقامة دولة فلسطينية (وهو شرط سعودي)، قال ميلر: "تحدث بلينكن عن هذا الأمر بالتفصيل عدة مرات، بما في ذلك بشكل مكثف في إسرائيل خلال يناير، والنقطة التي أشار إليها آنذاك، والتي لا تزال هي وجهة نظرنا اليوم أننا نعتقد أن التكامل الأوسع هو مفتاح أمن إسرائيل على المدى الطويل، فالأمر لا يقتصر على أن هذا هو الأمر الصحيح الذي يجب القيام به من أجل الشعب الفلسطيني، أو أنه الأمر الصحيح الذي يجب القيام به من أجل الاستجابة لتطلعات الشعب الفلسطيني السياسية المشروعة، لكنه أفضل شيء يمكن القيام به لتحقيق هدف إسرائيل على المدى الطويل، وكان هدفها منذ تأسيسها، والمتمثل بإقامة علاقات طبيعية مع جيرانها، الأمر الذي سيوفر لها الأمن بشكل أوسع، فضلاً عن عزل إيران، ومعالجة بعض التحديات المتعلقة بإعادة بناء غزة، وتوفير الأمن لسكان القطاع في مرحلة ما بعد الصراع".
وتابع: "لذا، سيتعين على حكومة إسرائيل في نهاية المطاف أن تختار ما هو في مصلحة شعبها، لكن بالنسبة للولايات المتحدة، لدينا وجهة نظر، وسنعمل على استكمال المقترحات التي نعمل عليها مع شركائنا العرب، وسنطرح وجهة النظر هذه، ويمكن لإسرائيل حينها أن تتخذ قرارها".
صفقة شاملة
وعن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع السعودية من حيث المبدأ بشأن الجزء الثنائي من اتفاقية التطبيع، دون صفقة أوسع قائمة على حل الدولتين في صحراء النقب، قال ميلر: "كنا واضحين للغاية، كما كانت السعودية واضحة للغاية أيضاً في أن هذه صفقة شاملة ستتضمن مكوناً ثنائياً وكذلك مساراً نحو حل الدولتين"، نافياً أن تكون الاجتماعات في الرياض قد شهدت أي نقاشات حول فصل هذا الجزء الثنائي عن اتفاقية التطبيع الأوسع.
وعما إذا كان أي خلاف بين واشنطن والرياض بشأن هذه الاتفاقيات سيكون مرتبطاً بالصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، قال ميلر: "هناك عدة عناصر في اتفاقية التطبيع المحتملة التي نتحدث عنها مع السعودية، وأحد هذه العناصر هو حزمة الاتفاقيات بين الولايات المتحدة والسعودية، وهناك عنصر آخر وهو تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل، كما ستكون هناك حزمة أخرى تتمثل في مسار نحو حل الدولتين للشعب الفلسطيني، وكلها مرتبطة ببعضها البعض، فلا يمكن تمرير أي منها دون الأخرى".
وبشأن ما إذا كان بالإمكان تنفيذ بعض عناصر الصفقة، مثل الأجزاء المتعلقة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أو اتفاق الطاقة النووية أو الشراكة الأمنية، قبل الانتهاء من العناصر الأخرى، قال ميلر: "هذه صفقة شاملة، ونتعمق كثيراً في التفاصيل، لأن أحد الأمور التي أوضحها السعوديون أن الهدوء في غزة يعد شرطاً أساسياً لموافقتهم على أي اتفاق تطبيع في المقام الأول، وهو ما لم يتحقق الآن بالطبع، لكن هذا ليس السبب وراء محاولتنا السعي إلى وقف إطلاق النار في القطاع، فنحن نحاول السعي إلى تحقيق ذلك وإطلاق سراح الرهائن من أجل الفوائد الخاصة التي سيجلبها مثل هذا القرار، لكنه بالتأكيد أحد الأشياء التي سنحاول دفعها للمضي قدماً في حال نجحنا في التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار يشمل إطلاق سراح الرهائن".
"ضمانات أمنية أميركية"
وفي وقت سابق الخميس، قالت "بلومبرغ" نقلاً عن مصادر مطلعة، إن الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية تقتربان من اتفاق تاريخي من شأنه أن يوفر ضمانات أمنية للمملكة، وقد يشمل انضمام إسرائيل لاحقاً، في حال أنهت حكومتها الحرب في قطاع غزة، وأقرت مساراً لإقامة دولة فلسطينية، ما يسمح بعلاقات دبلوماسية مع الرياض.
وأضافت "بلومبرغ" أنه عندما تنتهي الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية من الاتفاق، سيعرض البلدان على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يختار: "إما الانضمام إلى الاتفاق، بما يتبعه من إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع المملكة لأول مرة، وزيادة الاستثمار والتكامل الإقليمي، أو تركه يتخلف عن الركب".
وحسب "بلومبرغ"، فإن هناك تحولاً في المقاربة من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فالاتفاق في صيغته الأصلية، كان صفقة ثلاثية تصوغ علاقات دبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، إلى جانب تعزيز الاستثمارات، والتكامل في المنطقة.
وفي وقت لاحق، السبت، نقلت "رويترز" عن 7 مصادر مطلعة، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والسعودية تعملان على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن ضمانات أمنية أميركية ومساعدة في المجال النووي للأغراض المدنية رغم أن اتفاق التطبيع الذي يجري الحديث عنه بين إسرائيل والسعودية في إطار "صفقة كبرى" في الشرق الأوسط لا يزال بعيد المنال.
وتحدد مسودةٌ للعمل المبادئ والمقترحات، التي تهدف إلى إعادة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة بشأن المنطقة المضطربة، إلى نصابها بعدما انفرط عقد الأمور إثر الهجوم الذي شنته حركة حماس الفلسطينية في 7 أكتوبر على إسرائيل واندلاع الحرب في غزة، وفقاً لمصدرين اطلعا على المسودة.
ويبدو أن هذا يمثل استراتيجية بعيدة المدى تواجه العديد من العقبات ليس أقلها عدم اليقين بشأن ما يمكن أن يؤول إليه الصراع في غزة.
وقال 5 من المصادر إن المفاوضين الأميركيين والسعوديين يعطون في الوقت الراهن الأولوية لمعاهدة أمنية ثنائية يمكن أن تكون بعد ذلك جزءاً من حزمة أوسع يتم عرضها على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سيقدم تنازلات لضمان التوصل لعلاقات تاريخية مع الرياض.
وتوقعت مصادر مطلعة أن يتضمن الاتفاق الأمني الأميركي السعودي تبادل التقنيات الحديثة مع الرياض بما في ذلك المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن من المتوقع استكمال البنود في غضون أسابيع.