يسعى النواب الجمهوريون في الكونجرس إلى استغلال صلاحياتهم الرقابية للتحقيق في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، ومعاداة السامية بالجامعات الأميركية، بهدف تسليط الضوء على هذه القضية "الساخنة" قبل انتخابات نوفمبر المقبل، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
ويجري حالياً 4 رؤساء لجان من الجمهوريين على الأقل، تحقيقات بشأن الاحتجاجات الطلابية، كجزء مما وصفه رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، بأنه "تحقيق على مستوى مجلس النواب بشأن معادة السامية في أميركا".
ويٌظهر حجم الجهود المبذولة في هذه التحقيقات حرص الحزب الجمهوري على استخدام الاحتجاجات التي أدت إلى انقسام الحزب الديمقراطي، وصرفت الانتباه عن المحاكمات الجنائية التي يخضع لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، كـ"هراوة سياسية"، وفقاً لـ"واشنطن بوست".
وقاد جونسون حملة الجمهوريين، وزار جامعة كولومبيا، الأسبوع الماضي، وحمّل الديمقراطيين مسؤولية إطلاق العنان لما أسماه "الخروج على القانون والفوضى".
واعتبرت النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك، الثلاثاء الماضي، أن "قيادة الجامعة فقدت السيطرة الكاملة"، في إشارة إلى سيطرة المحتجين على مبنى أكاديمي بجامعة كولومبيا، ما وصفته بـ"وصمة العار" و"غير المقبول"، مضيفةً: "نحن كنواب جمهوريون سنخضعهم للمحاسبة".
والأسبوع الماضي، طلبت النائبة الجمهورية ورئيسة لجنة التعليم بمجلس النواب فرجينيا فوكس، من رؤساء جامعات ييل وكاليفورنيا في لوس أنجلوس وميشيجان، الإدلاء بشهاداتهم بشأن النشاط المؤيد لفلسطين في جامعاتهم.
انتهاك محتمل للقانون
وتعهدت النائبة الجمهورية ورئيسة لجنة الطاقة والتجارة بمجلس النواب كاثي ماكموريس روجرز، بالتحقيق مع الجامعات بشأن الانتهاك المحتمل لقانون الحقوق المدنية.
ودعا النائب الجمهوري ورئيس لجنة الرقابة بمجلس النواب جيمس كومر، إلى عقد جلسة استماع، الأسبوع المقبل، لبحث رد العاصمة واشنطن على الاحتجاجات في جامعة جورج واشنطن.
وأرسل النائب الجمهوري ورئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب جيم جوردان، خطابات إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، يتساءل فيها عن ما إذا كان يتعين إلغاء التأشيرات التي أصدرت للطلاب المشاركين في النشاط المؤيد لفلسطين بحرم الجامعات.
وقام مجموعة من المشرعين الجمهوريين، الأربعاء الماضي، بجولة في واشنطن لعقد مؤتمر صحافي بالمخيم المؤيد للفلسطينيين في جامعة جورج واشنطن.
وبعد فترة وجيزة من ظهور المشرعين، أقر مجلس النواب قانون التوعية بمعاداة السامية، والذي سيطلب من وزارة التعليم استخدام تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية لإنفاذ قوانين مكافحة التمييز.
وتمت المصادقة على مشروع القانون الذي قدمه النائب الجمهوري مايكل لولر، بموافقة الحزبين (320-91)، مع تصويت أقلية ديمقراطية وجمهورية ضد مشروع القانون على خلفية مخاوف من انتهاكه حقوق الأميركيين التي كفلها التعديل الأول للدستور، بحسب "واشنطن بوست".
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، الديمقراطي تشارلز شومر، الخميس الماضي، إنه سيبحث عن "أفضل طريقة للمضي قدماً بمشروع القانون".
وذكر مكتب شومر للصحافيين، أن التصويت قد يجري "خلال الشهر الجاري".
وعلى الجانب الآخر، ينظر بعض الديمقراطيين إلى الدعم الجمهوري الكاسح لمشروع القانون باعتباره "ترميزاً" للمقاربة السياسية المعلنة التي ينتهجها الجمهوريون تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة.
وبينما يزعم المؤيدون لمشروع قانون لور، أنه سيمكن الحكومة الفيدرالية من قمع الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل، أكد ديمقراطيون أنه "يفتقد إلى الجوهر، ولا يوفر أي تمويل لمحاربة معاداة السامية".
ورغم تصويت النائب الديمقراطي جيمي راسكين، لصالح مشروع القانون، إلا أنه قال للصحافيين، إنه ينظر إليه باعتباره قانون "أمسكنا بكم"، لافتاً إلى أنه كان يفضل أن يرى مقترحاً أكثر شمولاً من قبل النائبة الديمقراطية كاثي مانينج.
ووفق "واشنطن بوست"، يمثل التحقيق الموسع من قبل الحزب الجمهوري في احتجاجات الجامعات "جزءاً من توجه أشمل". فرغم أن تحقيقاتهم الكبرى، كـ"فشلهم" في عزل مايوركاس وتحقيق العزل الفاشل الخاص بشؤون أسرة بايدن المالية، قد "ماتت جميعاً"، على حد تعبير الصحيفة الأميركية، إلا أن النواب الجمهوريون أحرزوا انتصارات سياسية من خلال التحقيق الذي أجروه بشأن مؤسسات التعليم العالي النخبوية.
والعام الماضي، أدى استجواب ستيفانيك لـ3 رؤساء جامعات بشأن تعاملهم مع معاداة السامية بجامعاتهم إلى استقالة اثنين، فيما هاجم ديمقراطيون بارزون الاستراتيجية التي ينتهجها الجمهوريون باعتبارها "انتهازية سياسية وعدم نزاهة فكرية"، وفقاً لـ"واشنطن بوست".
وشددت النائبة الديمقراطية براميلا جايابال، على وجوب أن "نكون واضحين حقاً فيما يتعلق بنفاق الجمهوريين في كل ما يفعلونه بشأن معاداة السامية قبل أن يصل الأمر إلى هذه القضية".
ولفتت إلى أنه "حتى فيما يتعلق بحرية التعبير، فهؤلاء هم الأشخاص الذين كانوا يتحدثون عن ثقافة الإلغاء وحرية التعبير في الجامعات حتى وصل الأمر إلى حرية التعبير التي لا يحبونها، ولذلك تحولوا جميعاً الآن وبدون مقدمات إلى الجانب المقابل"، بحسب "واشنطن بوست".
وقد سار الديمقراطيون على "خط رفيع" حاولوا خلاله إدانة معاداة السامية والإعراب عن دعمهم لإسرائيل، وفي الوقت نفسه التعبير عن دعمهم للاحتجاجات السلمية في الحرم الجامعي.