يشعر مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بقلق متزايد من أن يتخذ الجنود الروس في النيجر أي إجراءات لاستعداء القوات الأميركية هناك، ما قد يجبر الولايات المتحدة على الرد، بحسب "بوليتيكو".
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين مطلعين قولهم إن مسؤولي إدارة بايدن قلقون من أن ينخرط الجنود الروس، المتمركزين في نفس القاعدة الجوية التي تتمركز فيها قوات الولايات المتحدة بالعاصمة نيامي، في أي سلوك تخريبي مثل القيادة بعنف أو مضايقة القوات الأميركية عند نقاط التفتيش.
وشدد المسؤولون، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، على أن المعلومات الاستخباراتية تُظهر أن الجنود الروس لا يشكلون تهديداً مباشراً للقوات الأميركية، لكن في حال حدوث أي أعمال عدائية، حتى لو كانت صغيرة، فإنها ستزيد من خطر المواجهة التي قد تؤدي إلى تبادل إطلاق النار.
ويقيم الجنود الروس والأميركيون في القاعدة الجوية "101" الملحقة بمطار نيامي الدولي منذ أسابيع، إذ بدأ المقاتلون الروس في الوصول إلى النيجر في أبريل بدعوة من المجلس العسكري في البلاد بعد وقت قصير من دعوته إلى حل الاتفاقية التي تحكم وجود القوات الأميركية في نيامي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) قوله "إن قوات الولايات المتحدة تجري بالفعل الاستعدادات لمغادرة النيجر، لكن ليس لديها مواعيد محددة يتعين عليها المغادرة بحلولها".
وحذرت "بوليتيكو" من أن المناوشات بين القوات الأميركية والروسية في النيجر قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بشكل كبير بين البلدين في وقت تتوتر فيه العلاقات بينهما بشكل متزايد بالفعل بسبب الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه في المرة الأخيرة التي تمركزت فيها قوات البلدين بهذا القرب في سوريا، انخرط الجانبان في معركة مكثفة هددت بجرهما إلى صراع مباشر.
وأضاف مسؤول البنتاجون "أن هناك ما بين 60 إلى 100 جندي روسي الآن في نيامي".
وحاول المسؤولون الأميركيون التوصل إلى اتفاق مع المجلس العسكري في البلاد يسمح لهم بالبقاء في نيامي، كما دفعوا قادته إلى الموافقة على خريطة طريق تؤدي في النهاية إلى العودة إلى الحكم الديمقراطي، وبينما يحاول هؤلاء المسؤولين التفاوض، يرفض المجلس العسكري حتى الآن الموافقة على هذه الشروط، وطلب تواجد قوات شبه عسكرية روسية في البلاد للمساعدة في تدريب قواته وتوفير الأسلحة لهم.
شراكات حكومية
ورأت الصحيفة أن وجود المقاتلين شبه العسكريين الروس في نفس القاعدة التي توجد بها القوات الأميركية هو رمز للمشكلة الأوسع التي تواجهها إدارة بايدن في إفريقيا، إذ تعمل موسكو بشكل متزايد على إقامة شراكات مع الحكومات الانقلابية هناك، حيث توفر الأسلحة والأمن للجيوش في وقت يحظر فيه القانون الأميركي مثل هذا الدعم.
ورفض مجلس الأمن القومي الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التعليق للصحيفة على المعلومات الواردة في التقرير، كما لم يستجب المتحدثون باسم سفارتي روسيا والنيجر أيضاً لطلباتها الحصول على تعليق.
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن العديد من المقاتلين الروس هم أعضاء في ما كان يُعرف سابقاً باسم "قوات فاجنر"، التي كان يقودها الروسي الراحل يفجيني بريجوجين، إذ قامت موسكو، بعد وفاته في أغسطس 2023، بدمج الآلاف من هؤلاء المقاتلين في مجموعات شبه عسكرية جديدة، وأخرى قائمة، متحالفة مع أجهزتها العسكرية والاستخباراتية، والآن، يستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هؤلاء المقاتلين للمساعدة في تعزيز الوجود الروسي في القارة.
مهام سياسية
ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن المقاتلين الروس في النيجر سيشاركون أيضاً في مهام سياسية بتوجيه من موسكو لتشجيع حكومة نيامي على التدخل في المهمة الأميركية في البلاد ومحاولة إجبار أفراد الولايات المتحدة على الانسحاب من هناك.
ووفقاً للصحيفة، فإن القوات الروسية تتواجد في نيامي لتدريب القوات المسلحة هناك وتقديم المشورة لها، إذ قال أحد المسؤولين الأميركيين إن من المتوقع أن يساعد الروس الجنود النيجريين في التدريب على الدفاعات الجوية.
ولكن البنتاجون يبدو واثقاً من إجراءات حماية قواته هناك ويقدر أن القوات الروسية لا تسعى إلى الاشتباك مع الأميركيين، إلا أن مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية يشعرون بالقلق من أن مقاتلي موسكو قد يحاولون جمع معلومات استخباراتية عن قدرات الولايات المتحدة.
معلومات استخبارية
وقال مسؤول آخر في وزارة الدفاع الأميركية: "إن القلق يتعلق أكثر بالمعلومات الاستخباراتية، فمن الواضح أنهم يراقبون الوضع على الأرض ولديهم القدرة على الرصد". وأضاف: "صحيح أننا لا نحب وجودهم هناك، لكن هذا ليس بلدنا".
وقال مسؤول ثانٍ في وزارة الدفاع إن المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق أيضاً من أن القوات الروسية ستكون في وضع يمكنها من الاستيلاء على المجمعات والمعدات الأميركية عندما تنسحب قوات الولايات المتحدة.
وأكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن التقارير التي تفيد بأن القوات الروسية انتقلت إلى القاعدة الجوية "101"، وهي قاعدة جوية نيجرية تقع في موقع تابع لمطار نيامي الدولي، مضيفاً "أن الروس موجودين في مجمع منفصل ولا يمكنهم الوصول إلى القوات أو المعدات الأميركية".
وذكر أوستن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظرائه الأستراليين واليابانيين والفلبينيين في هونولولو بهاواي: "أركز دائمًاً على سلامة وحماية القوات الأميركية وهو أمر نواصل مراقبته، ولكن في الوقت الحالي، لا أرى مشكلة فيما يتعلق بحماية قواتنا".
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق على نطاق أوسع من أن القوات الروسية قد تسعى إلى استغلال شعب النيجر وموارده، كما فعلت في دول أفريقية أخرى غير مستقرة، وقال أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين إنه "على الرغم من أن بعض تلك الدول تتطلع إلى الجماعات الوكيلة المدعومة من الكرملين، مثل فاجنر، لتوفير الأمن لها، فإن المشكلة تتفاقم بشكل واضح"، مشيراً إلى "الزيادات الكبيرة في مستوى العنف ضد المدنيين وتفاقم التطرف العنيف".