الأصول الروسية المجمدة.. كيف تخطط أوروبا لاستغلالها لتسليح أوكرانيا؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، 19 فبراير 2024 - AFP
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، 19 فبراير 2024 - AFP
دبي-الشرق

وافق سفراء الاتحاد الأوروبي مبدئياً في اجتماع في بروكسل الأربعاء، على قانون يتيح استخدام الأرباح الناتجة عن أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في دول الاتحاد في الدفاع عن أوكرانيا وتقديم مساعدات عسكرية وإنسانية لها، ما يتيح للدول الأوروبية المحايدة والرافضة لخطة التسليح، الانسحاب والاكتفاء بالدعم الانساني لكييف.

وذكرت أربعة مصادر دبلوماسية بالتكتل أنه لا يزال تتعين موافقة الوزراء الأوروبيين على القانون الذي سيخصص 90 بالمئة من العوائد لصندوق يديره الاتحاد الأوروبي لمساعدة أوكرانيا عسكرياً، بينما تذهب العشرة بالمئة المتبقية لدعم كييف بطرق أخرى.

وجمدت دول "مجموعة السبع" نحو 300 مليار دولار تابعة للبنك المركزي الروسي في الغرب، معظمها من العملات الأجنبية والذهب والسندات الحكومية، حوالي 70% منها محفوظ في مركز الإيداع المركزي للأوراق المالية البلجيكي "يوروكلير"، الذي يحتفظ بما يعادل 190 مليار يورو.

وتشمل الأصول المجمدة بعد فبراير 2022 مجموعة واسعة من الممتلكات المالية والحسابات المصرفية، والعقارات، والأسهم، والسندات، والأصول الفاخرة، والاستثمارات المختلفة التي تحتفظ بها الكيانات الروسية.

وتسمح الخطة للاتحاد الأوروبي باستخدام الأرباح غير المتوقعة من الأصول الروسية المقيدة، وذلك لتمويل الشراء المشترك للأسلحة المخصصة لأوكرانيا.

"كسب تأييد المعارضين"

وتسعى المفوضية الأوروبية من خطتها هذه، إلى كسب تأييد الدول التي ليست جزءاً من حلف الشمال الأطلسي (الناتو) مثل النمسا ومالطا وقبرص وإيرلندا، والتي ترفض الانخراط في خطة بروكسل لدعم مشتريات كييف من الأسلحة. كما ترفض المجر وسلوفاكيا استخدام الأموال الروسية لتسليح أوكرانيا.

فإيرلندا، مثلاً، تلتزم بالحياد من خلال سياستها الخارجية الطويلة الأمد، ولكنها تساهم بالأموال لأوكرانيا بشرط أن يتم إنفاقها على أغراض "غير فتاكة" مثل إزالة الألغام الأرضية.

واقترحت المفوضية الأوروبية في مارس الماضي، استخدام 90% من عائدات الأصول السيادية الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا، مع توجيه الباقي إلى المساعدات الإنسانية. وتنطبق الخطة فقط على مبلغ 192 مليار يورو الذي تحتفظ به شركة "يوروكلير"، وهي شركة إيداع للأوراق المالية ومقرها بلجيكا.

وهي نفس الفكرة اقترحها المستشار الألماني أولاف شولتز، الاثنين، إذ قال بأن نحو 90% من الإيرادات الناتجة عن الأصول الروسية المجمدة يجب إنفاقها على شراء الأسلحة لأوكرانيا.

وقال شولتز للصحافيين بعد اجتماع مع أعضاء حكومات دول البلطيق الثلاث (إستونيا، ليتوانيا، لاتفيا) في ريجا "من المهم أن نتفق أيضاً على أن هذه الأموال يمكن استخدامها لشراء الأسلحة ليس فقط في الاتحاد الأوروبي، ولكن في جميع أنحاء العالم".

وقال دبلوماسي أوروبي لصحيفة "بوليتيكو" الاثنين، إن دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء أيضاً في مجموعة السبع – ألمانيا وفرنسا وإيطاليا – هي الأقل حماساً بشأن هذا الاقتراح بسبب المخاطر القانونية والمالية.

وإذا منح وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الموافقة النهائية على الاتفاق فسوف يمهد ذلك الطريق أمام الاتحاد الأوروبي لتحويل ما بين 2.5 مليار يورو إلى 3 مليارات يورو بحلول يوليو المقبل، لدعم دفاعات أوكرانيا ضد الغزو الروسي.

مصادرة الأصول كاملة

وتريد دول عدة، مثل الولايات المتحدة، الذهاب إلى أبعد من ذلك، وهي تؤيد فكرة مصادرة هذه الأصول بالكامل. وكانت إستونيا أول من أصدر قانوناً يشجّع على ذلك. وفي المملكة المتحدة، قال وزير الخارجية ديفيد كاميرون أمام مجلس اللوردات إن هناك "طريقاً قانونياً للقيام بذلك".

وأعلنت المفوضية الأوروبية التزامها بإعادة الأصول المجمدة إلى روسيا، بشرط انسحابها من أوكرانيا والالتزام بدفع تكاليف إعادة الإعمار. وتتفق أوكرانيا والغرب على أن روسيا لا ينبغي لها أن تستعيد أصولها قبل أن توقف الحرب، وتتخلى عن كل الأراضي التي احتلتها، وتدفع التعويضات.

وتحظى هذه الفكرة بالعديد من المؤيدين، وفي مقدمتهم واشنطن، كما يدعم البيت الأبيض مشروع قانون يسمح بمصادرة الأصول الروسية المجمدة في الولايات المتحدة واستخدامها لمساعدة أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن القسم الأعظم من الأصول الروسية المجمدة ليست في الولايات المتحدة بل في أوروبا، وفي المقام الأول في ألمانيا، وفرنسا، وبشكل خاص بلجيكا، حيث يحتفظ بأكثر من نصف الأصول الروسية المجمدة. ولكن مع عدم وجود سابقة يمكن اتباعها، فإن الحكومات الأوروبية مترددة في الاستيلاء على أصول دولة ليست في حالة حرب معها رسمياً، وفق "بوليتيكو".

وتخشى العواصم الأوروبية في المقام الأول أن يؤدي مصادرة الأصول الروسية إلى تضرر الاقتصاد الوطني، خاصة صناديق الثروة السيادية، والبنوك المركزية، والشركات، بعد امتناع مستثمري القطاع الخاص من الجنوب العالمي عن الاستثمار في الأصول الأوروبية.

ويقول محامو الاتحاد الأوروبي إن مصادرة الأصول بأكملها تتعارض مع المعايير الدولية، لكن الحصول على الأرباح من الأموال المعاد استثمارها فقط يمكن الدفاع عنه قانونياً في المحكمة إذا حاولت روسيا رفع دعوى قضائية، وفق "رويترز".

ولهذا السبب اقترحت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، "حماية" الأرباح الناتجة عن الأصول المجمدة منذ منتصف فبراير من هذا العام، دون المساس برأس المال.

وتشير "بوليتيكو" إلى أن المصادرة الكاملة للأصول ستكون مقبولة، بل وحتى مسموح بها قانونياً، إذا كانت الدول الغربية متورطة بشكل مباشر في حرب واسعة النطاق ضد روسيا. وحدثت مصادرات مماثلة خلال الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، على كلا الجانبين. ولكن الغرب ليس في حالة حرب مع روسيا؛ ومن ثم فإن مصادرة الممتلكات الروسية تصبح في هذه الحالة مشكلة قانونية.

أرباح تفوق 15 مليار يورو

وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي لصحيفة "الجارديان" إن الودائع المحتفظ بها في أوروبا من المرجح أن تدر أرباحاً تتراوح بين 15و20 مليار يورو بعد خصم الضرائب من الآن وحتى نهاية عام 2027، أي نهاية الدورة المالية الحالية للاتحاد الأوروبي، اعتماداً على تطور أسعار الفائدة العالمية.

وفي حين يأمل المسؤولون الأوروبيون في التوصل إلى اتفاق بشأن الاستيلاء على الأرباح، فإنهم لا يتوقعون التوصل إلى اتفاق حتى الآن بشأن كيفية استخدام الأموال، لأن بعض الدول تعارض استخدامها لتمويل الجيش الأوكراني، وتفضل أن يتم إنفاق الأموال على جهود إعادة الإعمار والجهود الإنسانية.

ولم يقف الجانب الروسي مكتوف الأيدي بينما تمت مناقشة مسألة الأصول في العديد من العواصم الغربية، إذ توعد المسؤولون الروس في نهاية أبريل الغرب برد "قاس" وإجراءات قانونية "لا نهاية لها" إذا استخدم هذه الأصول.

كما استخدمت موسكو ثِقَلها الموازن في الاستيلاء على الأصول ـ أو ما أطلق عليه "التدابير المتماثلة"، والتي تتلخص في تأميم رأس المال الاستثماري الغربي الخاص الغرب الذي بقي في روسيا.

ومن بين الشركات الغربية التي أممت الدولة الروسية أصولها بالفعل شركة فورتوم الفنلندية، ويونيبر الألمانية، وكارلسبيرج الدنماركية. وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف لوسائل الإعلام الروسية في أواخر أبريل: "لدينا أصول مجمدة لا تقل عن تلك التي لدى الغرب".

تصنيفات

قصص قد تهمك