السودان.. البحث عن ملاذ آمن تحت القصف العشوائي في "الفاشر"

time reading iconدقائق القراءة - 6
تصاعد ألسنة النيران وأعمدة الدخان في سوق للماشية في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية جراء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. 1 سبتمبر 2023 - AFP
تصاعد ألسنة النيران وأعمدة الدخان في سوق للماشية في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية جراء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. 1 سبتمبر 2023 - AFP
بورتسودان، (السودان)-أحمد العربي

تتوسط الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني مدينة الفاشر، حيث تحتل موقعاً جغرافياً تحيطه مرافق عامة وخاصة مهمة في عاصمة ولاية شمال دارفور.

ولم يتخيل سكان المدينة في غربي البلاد أن تكون الفرقة التي تتوسط مساكنهم، هدفاً لقوات الدعم السريع تسعى إليه منذ بداية حرب الخامس عشر من أبريل 2023، وتحاصر المدينة لإسقاط آخر مواقع الجيش في الإقليم.

وذكر شهود وموظفو إغاثة إن السكان يفرون من قصف الصواريخ ويبحثون عن ملاذ آمن بدون ماء أو طعام وسط قتال متصاعد، مما يزيد من المخاوف من اندلاع معركة شاملة.

وسيكون الاستيلاء على الفاشر، دفعة كبيرة لقوات الدعم السريع، في الوقت الذي تحاول فيه القوى الإقليمية والدولية دفع الجانبين للتفاوض على إنهاء الحرب المستمرة منذ 13 شهراً.

أوضاع إنسانية صعبة

يقول وزير الصحة والرعاية الاجتماعية في حكومة إقليم دارفور بابكر حمدين، لـ"الشرق"، إن "الوضع الإنساني والصحي في الفاشر، تأثر بشكل كبير جراء حصار الدعم السريع للمدينة، والقصف العشوائي الذي أدّى إلى وقوع ضحايا وإصابات وسط المدنيين، وإتلاف بعض المرافق الصحية وخروجها عن الخدمة".

وأشار إلى أن "الاعتداءات المتكررة على معسكرات النازحين بالفاشر، والقصف العشوائي للأحياء أجبر عدداً من السكان بالمدينة على ترك منازلهم والنزوح إلى أحياء أخرى بحثاً عن الأمان والإقامة في مراكز إيواء داخل المدينة، تنعدم فيها مقومات الحياة الكريمة".

وأوضح حمدين أنه "نتيجة المعارك خرج مستشفى الأطفال الوحيد في المدينة عن الخدمة، بينما يقترب المستشفى الجنوبي من ذات المصير، حيث يسعى سكان محليون ووزارة الصحة لتحويل مراكز صحية لبدائل عن المستشفيات التي تخرج عن الخدمة، ورفع نسبة استيعاب المرضى والجرحى والمصابين".

نزوح مستمر

بدورها، قالت ناشطة مجتمعية ومتطوعة في مبادرات السلام بمدينة الفاشر لـ"الشرق"، إن "الوضع الإنساني في غاية الصعوبة، حالة النزوح مستمرة منذ أسابيع في رحلة البحث عن الأمان".

وأضافت: "من يتجه إلى جنوب المدينة (قادماً) من شمالها بسبب المعارك، يجد نفسه في معسكرات تمتلئ بغيره من النازحين، الذين وصلوا في أوقات سابقة، الأوضاع في هذه المعسكرات معقدة، هناك من لا يجد ما يجلس تحته في ظل ارتفاع درجات الحرارة".

وأشارت إلى "ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير، بينما هناك شح فيها بسبب الحصار، ومع استمرار المعارك يعمل سوق (المواشي) وحيداً من ضمن أسواق المدينة الكبيرة".

من جانبه، قال الناطق باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي لـ"الشرق"، إن "قواتنا لم تقم بقصف عشوائي على المدنيين، من يقوم بالقصف على المدنيين طيران الجيش"، حسب زعمه. وأضاف أن قوات الدعم السريع "ملتزمة بالسماح بدخول المؤن والإغاثات للمدينة".

تمركز أطراف الصراع

وأعلن عدد من الحركات المسلحة، بينها حركة جيش تحرير السودان التي يرأسها مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور، "خروجها عن الحياد والقتال إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع".

وتوزعت مهام الدفاع عن المدينة بينها وبين الجيش ضد هجمات الدعم السريع، حيث تنشر القوة المشتركة لحماية المدنيين المكونة من الحركات المسلحة ارتكازاتها (نقاط تفتيشها) إلى جانب الجيش في الخطوط الأمامية لمدينة الفاشر.

وقال الأمين إسحاق زكريا، المتحدث باسم حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، لـ"الشرق، إن "قوات الدعم السريع كانت تتمركز في الأحياء الشرقية من الفاشر (المنهل، البورصة القديمة)، وشمالاً في بوابة مليط والاتجاه الشمال الغربي لمعسكر أبوشوك للنازحين، قبل هجماتها الأخيرة على الارتكازات الأمامية لقواتنا، والقصف العشوائي للأحياء الجنوبية المكتظة بالسكان".

وأضاف: "استطاعت قواتنا دحر مليشيا الدعم السريع، من مواقع تواجدها في الأحياء الشرقية والشمالية حتى الميناء البري خارج المدينة، وتجري الآن عمليات تمشيط واسعة".

وتفرض قوات الدعم السريع حصاراً محكماً على مدينة الفاشر في مسعى للسيطرة عليها، بعد أن أحكمت قبضتها على أربع من أصل خمس ولايات في إقليم دارفور، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع.

قلق أممي

وأعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن جريفيث عن قلقه الشديد إزاء التقارير بشأن تصاعد حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية.

ودعا جريفيث على منصة "إكس": "الأطراف المتصارعة في السودان للوفاء بالتزاماتها بحماية المدنيين ووقف التصعيد على الفور".

وأضاف المسؤول الأممي: "الناس في دارفور يحتاجون المزيد من الطعام وليس القتال".

واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على نحو مفاجئ في منتصف أبريل 2023 بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

تصنيفات

قصص قد تهمك