"المحكمة أُنشئت لإفريقيا وبوتين".. مدعي الجنائية الدولية يكشف حديثه مع "زعيم منتخب"

كريم خان: نواجه تهديدات علنية وأخرى غير ظاهرة.. والضغوط لن تثنينا عن السعي للعدالة

time reading iconدقائق القراءة - 10
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال مقابلة مع شبكة CNN. 21 مايو 2024 - Screengrab
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال مقابلة مع شبكة CNN. 21 مايو 2024 - Screengrab
دبي -الشرق

قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إن المحكمة لن تثنيها الضغوط أو التهديدات عن القيام بواجبها في السعي لتحقيق العدالة، مشيراً إلى أن قادة منتخبين تحدثوا معه "بشكل صريح" بشأن سعيه لإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين إثر حرب غزة، مضيفاً أن زعيماً بارزاً قال له إن المحكمة أنشئت لـ"إفريقيا والبلطجية مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

وأشار خان في مقابلة مع كريستيان أمانبور على شبكة "سي إن إن"، إلى أن بعض التهديدات التي تلقتها المحكمة، "بعضها علني، وبعضها الآخر ربما لا يكون كذلك".

واعتبر كريم خان أن "هذا الأمر (إصدار المذكرات) يقع على صدع كبير في السياسة الدولية والمصالح الاستراتيجية، وبالطبع تحدث معي زعماء منتخبون، بشكل صريح للغاية، لقد قال لي أحد الزعماء البارزين إن هذه المحكمة بنيت لإفريقيا وبلطجية مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

وتابع: "نحن لا نرى المحكمة بهذه الطريقة، هذه المحكمة هي إرث محاكمات نورمبرج (محاكمات النازيين بعد الحرب العالمية الثانية). هي إدانة حزينة للإنسانية. هذه المحكمة هي انتصار القانون فوق السلطة والقوة الغاشمة".

وشدد كريم خان على أنه: "لن تثنينا أي تهديدات أو أي نشاطات أخرى؛ لأنه في النهاية، يجب علينا الوفاء بمسؤولياتنا كمدعين في المحكمة، لن تثنينا أي تهديدات من أي نوع، بعضها علني وبعضها الآخر ربما لا يكون كذلك".

وقال إن مكتبه طلب إصدار مذكرات الاعتقال، وسيعود للقضاة تقرير ما إذا كانوا سيصدرونها، وتابع: "طلبت مراراً في القاهرة عند رفح في أكتوبر العام الماضي، وعلى التليفزيون الإسرائيلي، وفي رام الله بالامتثال للقانون الدولي، ولكن أحداً لم يمتثل".

وشدد على أن المحكمة لديها أدلة موثقة على الاتهامات التي تقدمت بها للمحكمة لإصدار مذكرات الاعتقال، تشمل "مقاطع فيديو موثقة، وكاميرات مراقبة، وشهود عيان وأدلة من ناجين من إسرائيل لديهم مطالب بالعدالة والمحاسبة"، وأضاف أن مكتبه يعتقد أنه لديه "أدلة خبراء كافية لدعم التهم التي قدمناها للقضاة".

وطلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الاثنين، إصدار أوامر لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، و3 من قادة "حماس"، هم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، وقائد الحركة في غزة يحيى السنوار، وقائد "كتائب القسام" الجناح العسكري للحركة محمد الضيف، عن اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

انتقادات و"تهديدات" أميركية 

ولدى سؤاله عن الانتقادات الأميركية الشديدة له، وتهديد أعضاء في الكونجرس باستهداف المحكمة، وقول أعضاء جمهوريين في خطاب "استهدف إسرائيل وسنستهدفك. إذا اتخذت إجراءات ضد إسرائيل، فسوف نتحرك لإنهاء الدعم الأميركي للمحكمة، وفرض عقوبات على موظفي المحكمة، ومنعك وعائلتك من الدخول إلى الولايات المتحدة، وعما إذا كان يعتبر هذا تهديداً.

قال خان: "أعتقد أن هذا هو ما تعنيه تلك الكلمات بوضوح في اللغة الإنجليزية".

وأضاف: "ولكن هناك متهورين في كل مكان، وهناك رجال وسيدات دولة عاقلين وزعماء راشدين. هناك أيضاً هؤلاء الذين لديهم شيء أكبر من أنفسهم، سواءً كان ذلك الدستور، أو في النهاية، حكم القانون، الأمر الجيد هو أنه عبر العامين ونصف الماضيين، كان لدينا تعامل إيجابي مع إدارة الرئيس جو بايدن. نحن نعمل معاً على عدد من القضايا من أوكرانيا إلى دارفور، وقلت لأعضاء في الكونجرس أن نظام روما الأساسي، جوهري للقيم الأميركية. هو ضد التنمر واستخدام القوة ضد الضعفاء. هذه أمور أساسية في القيم الأميركية ويجب أن تحظى باتفاق حزبي".

"لا أحد فوق القانون بسبب دينه أو جنسيته"

وعن الضغوط على المحكمة وسط التهديدات الإسرائيلية، قال كريم خان: "هذه المحكمة هي ابنة محاكمات نورمبرج، لقد بنيت المحكمة من الصور المريعة التي تطاردنا اليوم للمحرقة اليهودية وأفران الغاز، وبعدها البلقان، وهكذا تجري القائمة. علينا النظر إلى الأدلة، والطريقة البسيطة التي أقوم بها بالأمور هي النظر للأدلة، والنظر للسلوك، النظر للضحايا، وغض النظر عن جنسيتهم، وإذا ارتكبت جريمة ما، فيجب أن نمضي قدماً".

وأضاف كريم خان: "لا أحد فوق القانون، لا أحد يحصل على حصانة بسبب مكان مولده أو جواز سفره، أو دينه، أو جنسيته، أو لون بشرته، أو يكون له الحق في أن يقول أن القانون لا يطبق عليه، هذه لحظة نرى فيها في ظل أوكرانيا، ضوضاء المعايير المزدوجة، ما نحاول فعله ليس أن نذهب في اتجاه المشاعر المتأججة، ولكن التحرك بفعالية، مسترشدين بالأدلة".

ولفت المدعي العام للجنائية الدولية، إلى أن جريمة التجويع لم تستخدم من قبل في المحكمة، مشيراً إلى أننا "أمام وضع مؤسف غير معتاد وسيكون سابقة".

وتابع كريم خان: "نرى أعداداً كبيرة من النساء والأطفال ممن عانوا لـ17 عاماً من نظام شديد للتضييق على دخول البضائع إلى غزة، أعتقد أنه في 2022، الأمم المتحدة وآخرون قالوا إن 80% من السكان يعيشون على مساعدات إنسانية، وأصبح هذا الوضع أكثر سوءاً بعد الثامن من أكتوبر، بعد القيود التي تم فرضها".

وأشار إلى أن لدى المحكمة أدلة على هذه الجريمة، وقال: "نرى صوراً لأطفال جائعين، أطفال هزيلين للغاية. لدينا أدلة متنوعة، وليس مجرد حجج، لدينا أدلة عاينها الطب الشرعي لدعم التهم الخاصة بالتجويع الذي يستخدمه نتنياهو وجالانت كوسيلة حرب، ومن المحزن أننا نقدم مثل هذه الأدلة لقضاة المحكمة الجنائية في 2024 لإصدار مذكرات كهذه".

إبادة أم إبادة جماعية؟

وعن تهمة الإبادة الجماعية، قال إن الاتهامات التي وضعها مكتبه "لا تتضمن الإبادة الجماعية، ولكننا نواصل التحقيق، هذا وضع معقد للغاية، إذ لم يسمح لنا بالوصول إلى غزة، وفيما يتعلق بهجوم حماس في السابع من أكتوبر، نواصل تحقيقنا وإذا ظهرت أدلة تأخذنا إلى مسار آخر، فلن نتردد في أخذه".

وعن تهمة الإبادة Extermination، أوضح أنها تعني القتل الجماعي، مشيراً إلى أنها تختلف عن الإبادة الجماعية Genocide، والتي يتم تحديدها بالنية، وليس فقط القتل، ولكن نية تدمير مجموعة كلياً أو جزئياً.

وعن تصريح يوآف جالانت بعد هجوم 7 أكتوبر، والذي قال فيه: "سنفرض حصاراً كاملاً لا وقود أو غذاء أو كهرباء، كل شيء يتوقف الآن. نحن نحارب حيوانات بشرية، وسنعمل وفقاً لذلك"، وكذلك تصريح نتنياهو الذي قال فيه: "سننزل عليهم عقاباً يتذكرونه هم وأعداء إسرائيل الآخرين لعقود"، وعما إذا كان ذلك يشكل أساساً للنية (الإجرامية)، قال خان: نعم وأكثر بكثير من ذلك، بعض الكلمات التي نطق بها هذان الاثنان هي بالطبع إثباتية وذات صلة، في التحقيق".

وأشار كريم خان إلى أن هناك "الكثير من الأفراد الذين قالوا كلمات من قبيل أن لا أحد هناك بريئاً في غزة، كلهم مسؤولون، وكذلك كلمات اللجنة الأمنية، وتصريحات كثيرة أخرى لم يتبرأ منها أحد. الموضوع لا يتعلق فقط بمنع دخول المساعدات، ولا أن إسرائيل هي قوة الاحتلال، إسرائيل لديها التزامات، فهي تسيطر على شمال غزة، الدبابات الإسرائيلية هناك يمكنها حماية قوافل المساعدات، والتأكد من أنها تذهب إلى المخيمات، ولكنها لا تفعل ذلك".

وأضاف: "المياه والكهرباء مقطوعة ومحطات التحلية معطلة بالكامل، وتم استهداف محطات الكهرباء، والوقود ممنوع من الدخول، وتم تصنيف أقراص تنقية المياه، وأنظمة فلترتها، على أنها مواد ذات غرض مزدوج، وكذلك حضانات الأطفال والأوكسجين، ومواد التخدير".

وتابع: "كل الأمور الحيوية للبقاء على قيد الحياة تم تقييدها أو خنقها، بسبب السياسات (الإسرائيلية)".

وأضاف: "كون مقاتلي حماس يحتاجون إلى الماء، لا يعني ذلك قطع المياه عن السكان بالكامل، هناك التزام على إسرائيل كقوة احتلال بتوفير المياه والدواء، إذا كانت الدبابات تستطيع الدخول لماذا لا يتمكن الجنود وهذه الدبابات من حماية قوافل الإغاثة، هناك الكثير من النقص الذي لا يمكن أن نعزوه فقط إلى الرعونة والإهمال، ولكن يبدو أن هناك خطة إجرامية لمنع هذه الأشياء الضرورية لبقاء المدنيين على قيد الحياة".

معايير عالية للأدلة

وقال المدعي العام إن مكتبه اعتمد في سعيه لإصدار مذكرات الاعتقال على معايير "أعلى من المعتاد"، للأدلة المستخدمة لطلب تلك المذكرات.

وأضاف: "حين توليت المنصب كان المعيار لطلب مذكرات الاعتقال هو الاعتقاد بوجود أسس معقولة لارتكاب الجريمة، هذا هو ما قرره القضاة، ولكنني طلبت من قيادات مكتبي التأكد من وجود احتمالية حقيقة للإدانة، ليس كافياً أن تجلب مثل هذه القضايا أن تصدر مذكرة اعتقال فقط، يجب أن نكون قادرين على الوصول للنتيجة".

تصنيفات

قصص قد تهمك