ترمب يقبل شروط بايدن.. أميركا على أعتاب مناظرة رئاسية مبكرة "دون جمهور"

time reading iconدقائق القراءة - 12
الرئيس الأميركي والمرشح الديمقراطي لانتخابات 2024 جو بايدن ومنافسه الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب - Reuters
الرئيس الأميركي والمرشح الديمقراطي لانتخابات 2024 جو بايدن ومنافسه الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب - Reuters
واشنطن-رشا جدة

بعد جمود سيطر على المشهد السياسي لأشهر، يترقب الأميركيون المناظرة الأولى في السباق إلى البيت الأبيض بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترمب، إذ اتفاق المرشحان في وقت سابق هذا الشهر على عقد مناظرتين، الأولى في يونيو المقبل، ثم تعقبها أخرى خلال سبتمبر، في وقت يحث كل منهما السعي لإقناع الناخبين بأنه الأجدر للفوز بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

واتفق بايدن وترمب على موعد أبكر كثيراً من المعتاد للمناظرة الأولى، التي كانت تُجرى عادة في سبتمبر من عام الانتخابات.

وعبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن بايدن، منتصف مايو الجاري، أنه وافق على حضور مناظرة تستضيفها شبكة CNN الإخبارية، في 27 يونيو، بولاية أتالانتا. وبعد ذلك قال ترمب لشبكة "فوكس نيوز": "سأكون هناك".

أما المناظرة الثانية، ستكون في 10 سبتمبر، وتستضيفها قناة ABC NEWS. وفي منشور على موقعه الإلكتروني "تروث سوشال"، كتب ترمب: "إنه لشرف عظيم لي أن أقبل المناظرة ضد المحتال جو بايدن في الموعدين المقترحين خلال يونيو وسبتمبر. أوصي بشدة بإجراء أكثر من مناظرتين".

واعتبر محللون تحدثوا لـ"الشرق"، أن توقيت المناظرة الرئاسية غير المعتاد يُمثّل محاولة من بايدن لتغيير مجرى الأمور لصالحه، خاصة أن القرار حُسم في وقت تتقارب حظوظ المتنافسين على الفوز بالسباق إلى البيت الأبيض.

وبينما يتقدم ترمب على بايدن في استطلاعات الرأي، فإن تفوقه يُعتبر ضئيلاً لا يتجاوز نقطتين إلى 4 نقاط.

وحتى في استطلاع الرأي، الذي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، وكلية "سيينا"، وصحيفة "فيلادلفيا إنكوايرر"، في أبريل الماضي، وصدرت نتائجه في 13 مايو، وكشف أن  ترمب يتقدم في 5 من الولايات الست الرئيسية المتأرجحة، أظهر أيضاً أن بايدن متعادل مع ترمب بين الناخبين من أصل إسباني في الولايات الست الحاسمة (بنسلفانيا، وأريزونا، وميشيجان، وجورجيا وويسكونسن، ونيفادا).

كما أظهر الاستطلاع أن بايدن يتقدم على ترمب بنسبة 63% مقابل 23% بين الناخبين من أصول إفريقية.

بايدن يحاول التحكم في الوقت

الرئيس الأميركي جو بايدن قرر مع حملته الانتخابية أن تبدأ المناظرات في وقت أبكر بكثير من التواريخ التي اقترحتها لجنة المناظرات الرئاسية، حتى قبل أن يصبح أي من المرشحين هو المرشح الرسمي لحزبه في المؤتمرات الحزبية المقرر أن تبدأ في 15 يوليو بالنسبة للجمهوريين، و19 أغسطس بالنسبة للديمقراطيين.

وكان ترمب الذي تخطّى كل المناظرات الجمهورية التمهيدية للحزب الجمهوري، طالب، على مدى أشهر، بإجراء مناظرة مع الرئيس الأميركي، وفي مارس الماضي، جدّد الدعوة عبر منصته قائلاً: "من المهم، من أجل مصلحة بلدنا، أن نناقش أنا وجو بايدن القضايا الحيوية جداً للولايات المتحدة والشعب الأميركي. لذلك، أنا أدعو إلى المناقشات، في أي وقت، وأي مكان".

في المقابل لم يُبدِ الرئيس الأميركي أي اهتمام حينها، وهو التصرف الذي فسّره الباحث السياسي جي مايلز كولمان في سياق مقابلات بايدن القليلة التي لم تتجاوز 54 في أول عامين من رئاسته، وهو أقل عدد من المقابلات لرئيس أميركي منذ عهد رونالد ريجان، في حين أجرى ترمب 202 مقابلة في أول عامين.

وقال كولمان لـ"الشرق"، إن "السيطرة على المقابلات هي استراتيجية ناجحة من حملة بايدن، إذ جنّبته مساءلات عامة عن تعليقاته وأفعاله"، لافتاً إلى أن "حملة بايدن هي التي اقترحت هذه المناظرة، ربما لإدراكها أن مرشحها متأخر في استطلاعات الرأي، ويحتاج إلى إحداث تغيير".

وتساءل كولمان: "لو كان بايدن متقدماً، فهل سيشعر بالحاجة إلى اقتراح شيء جديد؟".

وبينما رجح أستاذ القانون والسياسة العامة بجامعة "ماركيت" الأميركية تشارلز فرانكلين، أن تكون الرغبة في تحفيز اهتمام الناخبين هي وراء اقتراح بايدن إجراء مناظرة في يونيو، قبل الموعد المعتاد بـ3 أشهر، أرجع الخبير السياسي كايل كونديك، مدير تحرير نشرة مركز السياسة بـ"جامعة فيرجينيا"، ذلك إلى سعي بايدن لدفع الجمهور نحو التركيز أكثر على ترمب وخطاياه، بدلاً من الاستفتاء عليه.

ورأى فرانكلين في حديثه لـ"الشرق"، أن "الناخبين غير متحمسين للانتخابات، ولهذا من الممكن أن تعطي هذه المناقشة، المبكرة، دفعة للانطلاقة، من خلال تعزيز المشاركة في يونيو بدلاً من انتظار المؤتمرات. كما أن إجراء المناظرة الثانية قبل بدء التصويت المبكر أمر جيد للحملة".

ورغم اعتقاد فرانكلين أن المناقشات، نادراً ما تؤدي إلى إعادة تشكيل السباق الانتخابي في الولايات المتحدة، إلا أنه يعتقد أن الأخطاء والمفاجآت قد تحدث وتغير الأمر.

واتفق الباحث السياسي ومستطلع الآراء الانتخابية زاك مكيري، مع فرانكلين، منطلقاً من كون الحملة الرئاسية الفعلية لم تبدأ بشكل جدي، وأن من شأن مناظرة يونيو أن تستهل الحملة الانتخابية بطريقة ملموسة، وتساعد على تنبيه العديد من الناخبين الذين لم ينتبهوا بعد للحملة بأن السباق قد بدأ الآن.

وأضاف مكيري: "من الواضح أن الرئيس بايدن مستعد لبدء حملته وعرض قضيته على الناخبين، في حين انقطع ترمب عن مسار الحملة الانتخابية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بسبب قضاياه أمام المحكمة. الرئيس بايدن مستعد لإخراج الحملة من المحاكم، ومن الصحافة، والذهاب مباشرة إلى الناخبين".

أما كونديك، الذي يرى في التوقيت المبكر رغبة من بايدن في صرف انتباه الناخبين نحو ترمب، فأوضح أن هذه الرغبة تنبع من خوف بايدن من تحول الانتخابات إلى استفتاء عليه، وقال إن بايدن "يريد تأطير الانتخابات على أنها خيار بينه وبين ترمب، وليس مجرد استفتاء على أدائه الوظيفي، ما يمنحه فرصة أكبر بالنظر إلى أن ترمب لديه مشاكل خاصة به".

وأضاف أن إجراء المناقشة في وقت مبكر ربما يدفع الجمهور إلى التركيز أكثر على ترمب، خاصة في الولايات التي ستصوت مبكراً قبل الانتخابات العامة بنحو 6 أسابيع، لافتاً إلى سبب آخر لتفضيل بايدن إجراء المناظرة مبكراً عن موعدها المتعارف عليه، إذ سيكون هناك متسعاً من الوقت لإصلاح الأخطاء والتعافي إذا سارت مناظرة يونيو بشكل سيئ له".

وتابع كونديك: "حتى لو فشل بايدن في سبتمبر أيضاً، فإن الحملة ستستمر طوال شهر أكتوبر، ما يمنحه المزيد من الوقت مع تزايد أعباء ترمب القانونية".

اشتراطات بايدن

بعد أشهر من عدم اليقين بشأن عقد أي مناظرات رئاسية، اشترط بايدن أن تُجرى المناظرة داخل استوديو تلفزيوني من دون جمهور، مع ميكروفونات يتم قطعها تلقائياً عند انقضاء المهلة الزمنية للمتحدث.

واعتبر الخبراء أن هذه الاشتراطات ملائمة وجيدة، خاصة بعد مناظرة عام 2020، التي وُصِفت بأنها الأكثر توتراً في التاريخ الحديث، حين قاطع المنافِسَين بعضهما، وارتفعت حدة الانتقادات والصراخ من قبل دونالد ترمب.

وسيضمن قطع الميكروفونات تلقائياً مع انتهاء المهلة الزمنية للمتحدث، إعطاء كل مرشح وقته للتحدث وتوضيح الأمور دون إلهاء من الآخر، بحسب كولمان، قائلاً  إن "نفس المرشحين تحدثا عام 2020 بشكل سيئ مع بعضهما البعض خلال المناظرات، وبدا أنهما كانا يصرخان في بعض الأحيان، رغم أن هذا كان خطأ ترمب، لكن سنرى مدى جودة تطبيق قطع الميكروفونات هذه المرة".

أما عن استبعاد الجمهور من حضور المناظرة، قال زاك مكيري إن العديد من المناظرات السابقة كانت بمشاركة جماهير يُطلب منها التزام الصمت، لكنها غالباً ما كانت تنتهي بالهتاف أو الضحك على بعض النقاط أثناء المناظرة، لا سيما في ظل أسلوب ترمب، الذي "يتغذى ويتلاعب بالجمهور"، ما يؤثر سلباً على النقاش.

وشكّك مكيري في إجراء المناظرة من الأساس، قائلاً إنه على الرغم من موافقة كلا المرشحين عليها، فمن الصعب التأكد من إجرائها بنسبة 100%، وفقاً للجدول الزمني. معتبراً أن "غرابة أطوار ترمب، قد تجعله يجد بعض الأسباب المنطقية لمحاولة تأخير أو حتى إلغاء المناقشات"، على غرار ما فعل خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

بدوره، أرجح كونديك أن يكون تأثير المناظرة الأولى، إذا حدثت بالفعل، محدوداً، ذلك أنها تحدث في وقت بعيد جداً عن الانتخابات الفعلية، مستبعداً أن تكون نسبة المشاهدة بمستوى المناظرات السابقة، وقال: "إذا كانت المناظرة الأولى على قناة CNN فقط، بدلاً من بثها على العديد من الشبكات المختلفة، ستكون نسب المشاهدة ضعيفة، وسيكون تأثيرها أقل".

مناظرة خطرة على الفريقين

في وقت يتوقع الخبراء طرح عدد من القضايا خلال المناظرة، فإنهم يشيرون إلى مخاطر ذلك بالنسبة لكلا المرشحين، وذلك في ضوء خوضهما السباق الرئاسي بنسبة تأييد متقاربة، وتقاسمهما كذلك حماساً منخفضاً من الناخبين.

وكان استطلاع للرأي، أجرته "رويترز/إبسوس"، كشف أن الأميركيين غير راضين عن إعادة الانتخابات بين بايدن وترمب. وأظهر الاستطلاع أن 67% من المشاركين سئموا رؤية المرشحين أنفسهم في الانتخابات الرئاسية، ويريدون شخصاً جديداً.

وأشار تشارلز فرانكلين الذي يشغل منصب مدير استطلاع كلية الحقوق بجامعة "ماركيت" أيضاً، إلى أن المناظرة ستُغطي قضايا الاقتصاد والهجرة والإجهاض، وربما قضايا ترمب الجنائية، واقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021، و"وبالتأكيد حرب إسرائيل على غزة".

ولفت إلى أن بايدن يحتاج إلى تبديد فكرة أنه كبير في السن، معتبراً أن خطابه عن حالة الاتحاد أظهر قدرته على الارتقاء لمستوى المناسبة، لكن فرانكلين تساءل: "هل يستطيع ترمب ذلك في المناظرة؟ وهل يستطيع السيطرة على نفسه؟ لم يفعل ذلك في المناظرة الأولى لعام 2020، لكنه فعل ذلك في المناظرة الثانية".

من جانبه، ذكر كونديك أن بايدن متخلف الآن في استطلاعات الرأي، لكنه يعتقد أن الانتخابات في الوقت الحالي عبارة عن قلب عملة معدنية.

وأضاف: "يواجه الرئيس الأميركي المزيد من الأسئلة بشأن عمره وقدرته على الأداء، ويواجه انتقادات أكثر قسوة بسبب الأخطاء اللفظية، ومع ذلك، فإن التوقعات من بايدن غالباً ما تكون منخفضة، ما يعني أنه يمكن أن يتجاوزها كثيراً".

أما كولمان، فقد أوضح أن الكثير من الناخبين لم يقبلوا، في الأساس، أن تكون الانتخابات بمثابة مباراة العودة بين ترمب وبايدن، مشيراً إلى أن هناك بعض المخاطر بالنسبة لترمب، لكن هناك أيضاً مخاطر كبيرة بالنسبة لبايدن، قد تحسمها المناظرات.

جانب سلبي آخر محتمل لبايدن، ذكره كولمان قائلاً إنه "في أوائل مايو الحالي، كان من المقرر أن تستضيف جامعة ولاية فرجينيا، وهي كلية تاريخية للأميركيين من أصل إفريقي مناظرة رئاسية، لتنفرد بذلك تاريخياً على مستوى الجامعات المشابهة، لكن تم إلغاؤها لاحقاً، ولذلك قد يشعر بعض الناخبين من أصل إفريقي، الذين يحتاج بايدن لأصواتهم بخيبة أمل كبيرة".

على الجانب الآخر، رأى كولمان أن الخطر الأكبر الذي يواجهه ترمب، هو أنه سيُذكر الناخبين المتأرجحين بأسباب تصويتهم ضده في الانتخابات الماضية، موضحاً أن حضور ترمب الإعلامي كان خافتاً نسبياً هذا العام، بسبب كثرة محاكماته، وهذا لم يعقد نقاشات، أو ينشر تغريدات مثيرة للجدل، لكن "قد تؤدي بعض نقاشاته في المناظرة إلى إبعاد الناخبين المتأرجحين".

تصنيفات

قصص قد تهمك