تتجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الأشهر التي تسبق الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، للضغط أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين من أجل تعيين عدد أكبر من القضاة مقارنة بعدد التعيينات خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترمب.
ومن المتوقع أن يؤكد مجلس الشيوخ، الأربعاء، تعيين القاضي رقم 200 خلال فترة رئاسة بايدن، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
ويضع هذا الرقم الحزب الديمقراطي في موقع متقدم قليلاً مقارنة بعدد القضاة الذين عينهم ترمب خلال ذات الفترة من ولايته، والذين بلغ عددهم 196 قاضياً، بحسب إحصائية "جمعية الدستور الأميركي"، وهي منظمة قانونية تقدمية.
وقالت "بوليتيكو"، إن تأكيد تعيين أكثر من 234 قاضياً، وهو عدد القضاة الذين عينهم الرئيس الأميركي السابق خلال فترة رئاسته بمناصب دائمة مدى الحياة، سيمنح بايدن تأثيراً حكومياً لا يستطيع ترمب محوه إذا فاز في الانتخابات المقررة خلال نوفمبر المقبل.
وأكد بعض النشطاء التقدميين منذ فترة طويلة، على ضرورة أن يعطي الحزب الديمقراطي أولوية أكبر لمسألة تعيين القضاة، وهي حجة أصبحت أكثر وضوحاً بعد قرار المحكمة العليا في قضية دوبس، حيث ألغت المحكمة العليا الحق المحمي دستورياً في الإجهاض.
وإذا تمكن الديمقراطيون من تجاوز عدد 234 قاضياً، فإنهم سيكونون قد استبدلوا حوالي ربع السلطة القضائية الفيدرالية بمستوى غير مسبوق من التنوع على منصة القضاء.
لكن المهمة تصبح أصعب من هذه النقطة فصاعداً، إذ أن أكثر من نصف المناصب القضائية الشاغرة المتبقية في المحاكم الجزئية تقع في ولايات حمراء (جمهورية)، ما يتطلب تعاون الجمهوريين.
وبدأ بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ بانتقاد البيت الأبيض لمحاولته "إجبار" مرشحي محكمة الاستئناف على التعيين قبل الانتخابات، وتجاهل اعتراضات أعضاء مجلس الشيوخ.
وقال السيناتور الجمهوري جون كينيدي: "إنهم يخشون أن يُهزم بايدن، ولن يكون لديهم أي مرشحين"، وهو شعور كرره العديد من الجمهوريين في لجنة القضاء.
وذكر مسؤول في البيت الأبيض، أن الضغط لتعيين القضاة هو تحقيق لوعد بايدن بملء كل منصب شاغر ممكن.
ويستفيد الرئيس الأميركي من حقيقة أن معظم المهام التشريعية الرئيسية، إن لم يكن كلها، لهذا الكونجرس قد انتهت الآن.
ويأمل مسؤولو إدارة بايدن في تجاوز عدد القضاة الذين تم تأكيد تعيينهم إلى 234 قبل انتهاء فترة حكمه.
وقال فيل بريست، المستشار الكبير في البيت الأبيض المسؤول عن الترشيحات: "نريد أن نحافظ على وتيرة ثابتة من الترشيحات، ونود أن نرى من مجلس الشيوخ وتيرة ثابتة مصاحبة من التعيينات. بالطبع، نحب أن نحظى بفرصة لتجاوز أرقام ترمب".
وأشار بريست، إلى أن "البيت الأبيض يواصل تذكير مجلس الشيوخ بشكل منتظم بأهمية تحقيق هذا الهدف".
وأفاد رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الديمقراطي ديك دوربين: "سأواصل العمل مع البيت الأبيض وزملائي في مجلس الشيوخ وزعيم (الأغلبية في المجلس شاك) شومر لضمان تحديد وترشيح وتقديم المرشحين المؤهلين والمتنوعين، والتصويت عليهم وتأكيدهم في النهاية".
وذكر شومر، أن الديمقراطيين "سيواصلون العمل على ذلك"، مضيفاً: "لقد حافظنا على وتيرة قوية وثابتة، بينما كان علينا موازنة الترشيحات الأخرى، والتشريعات المهمة وعرقلة الجمهوريين".
ولا يزال هناك 41 منصباً قضائياً شاغراً في المحاكم الجزئية، منها 25 في ولايات بها على الأقل عضو جمهوري واحد بمجلس الشيوخ.
وفي حين أن شومر لديه القدرة على إبقاء مجلس الشيوخ منعقداً على مدار الساعة حتى نهاية العام، لتأكيد أكبر عدد ممكن من المرشحين إذا اختار إبقاء المرشحين الضعفاء خارج الحملة الانتخابية، فإن الجمهوريين لديهم أدوات تحت تصرفهم لوقف مرشحي إدارة بايدن بالمحاكم الجزئية.
وقرر دوربين الاحتفاظ بتقليد "البطاقة الزرقاء" للمرشحين للمحاكم الجزئية، والتي تمنعهم من المضي قدماً في عملية التعيين ما لم يوافق كل من عضوي مجلس الشيوخ من ولاية المرشح على ترشيحه.
و"البطاقة الزرقاء" تمثل في الأساس حق النقض، ما يعني أن البيت الأبيض يجب أن يسحب المرشح، ويقوم بفحص جديد لمرشح آخر في حال عدم موافقة عضوي مجلس الشيوخ على المرشح الأول.
ويمكن أن تكون هذه الخطوة مغرية للغاية لأعضاء الكونجرس الجمهوريين بهدف إطالة الوقت للحفاظ على المقاعد القضائية متاحة لإدارة ترمب المحتملة.
وأشارت إدارة بايدن إلى أن الجمهوريين أظهروا مقاومة أكبر لمرشحيهم مقارنة بما فعله الديمقراطيون لمرشحي ترمب.
وبشكل عام، قال بريست: "إن الجمهوريين في مجلس الشيوخ أقل استعداداً لدعم مرشحينا، حتى مرشحي المحاكم الجزئية العاديين، بكثير مقارنة بالديمقراطيين الذين كانوا على استعداد لدعم مرشحي ترمب في مواقف مماثلة".
وتابع: "نأمل أن يأتي بعض الجمهوريين الذين كانوا أكثر تصلباً إلى الطاولة، بسبب الرهانات في تنفيذ سيادة القانون في ولاياتهم الأم".
ولفت أعضاء اللجنة القضائية من الجمهوريين إلى أنهم لاحظوا زيادة في اهتمام إدارة بايدن بتقديم المرشحين.
ورث بايدن أقل من نصف الشواغر التي كانت لدى ترمب عند توليه المنصب، لكن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تمكنوا من تأكيد تعيين مرشحي الرئيس الأميركي بمعدل تقريبي مماثل لأعداد عمليات التأكيد التي قام بها الجمهوريون تحت إدارة ترمب، ووفقاً لـ"بوليتيكو".
وأعطى البيت الأبيض الأولوية لمستويات مختلفة من التنوع، بما في ذلك الجنس والعرق والخلفية المهنية لقضاته، وما يقرب من ثلثي القضاة المؤكدين هم من النساء، و62% من الأشخاص الملونين، بحسب أرقام الإدارة التي يروج لها الديمقراطيون في كثير من الأحيان.
وقال بريست إن الإدارة ستواصل إرسال الترشيحات إلى الكونجرس بشكل منتظم، وربما حتى خلال موسم الحملات الانتخابية.