شنّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الاثنين، هجوماً شرساً على خصومه السياسيين، حيث استغل مناسبة "يوم الذكرى" الذي تحييه الولايات المتحدة لاستذكار جنودها القتلى ليصف مناوئيه بأنهم "حثالة بشرية"، فيما استغل الرئيس الديمقراطي جو بايدن المناسبة لتقديم "رسالة نموذجية".
وبينما كان الأميركيون يكرّمون جنودهم الذين سقطوا في ساحات المعارك والحروب السابقة بزيارة قبورهم ولقاء أفراد العائلة والأصدقاء على موائد الطعام، نشر الرئيس الجمهوري السابق على منصته Truth Social منشوراً قاسياً بحق من يصنفهم على أنهم خصومه.
ومن بين من شملهم الهجوم، القضاة الذين يشرفون على القضايا المرفوعة ضده، سواء تلك المدنية المتعلقة بالاعتداء الجنسي والاحتيال، أو الجنائية التي تتهمه بشراء صمت نجمة إباحية ومحاولة قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية.
وتمنّى ترمب، الذي يتقدم في العديد من استطلاعات الرأي، بينما يستعد لمواجهة بايدن في انتخابات نوفمبر المقبل، في منشوره "يوم ذكرى سعيد للجميع، بما في ذلك الحثالة البشرية التي تعمل بجهد كبير لتدمير بلدنا الذي كان عظيماً في السابق".
ووصف ترمب أحد القضاة بأنه "أحمق"، كما طال هجومه الكاتبة الصحافية السابقة إي جين كارول، التي ربحت دعوى ضده مع تعويض بمبلغ 88 مليون دولار في قضية اعتداء جنسي.
وفي منشور منفصل، نشر ترمب صورة لنفسه وهو يؤدي التحية لقبر مغطى بالعلم الأميركي، مرفقة بتعليق جاء فيه: "لا يمكننا استبدالهم أبداً. لا يمكننا أبداً رد الجميل لهم. لكن يمكننا أن نتذكرهم دائماً".
وسبق أن وصف ترمب اليساريين الأميركيين بـ"حشرات"، والمهاجرين الذين يعبرون الحدود من المكسيك بأنهم "يسممون دماء بلادنا".
لكن منشور ترمب الحاد اللهجة، يتناقض تماماً مع التعليقات التي أدلى بها بايدن في هذه المناسبة خلال زيارته السنوية إلى مقبرة أرلينجتون الوطنية قرب واشنطن.
"رسالة نموذجية"
وعلى النقيض من ترمب، كان ظهور بايدن نموذجياً لنوع الرسالة التي يلقيها الرؤساء الآخرون في كلا الحزبين، إذ ركز على تضحيات الماضي وأفراد الجيش الذين سقطوا ضحايا في الحربين العالميتين.
وقال بايدن في كلمته، التي أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز"، إن "المقبرة تضم رفات جنود قتلوا في جميع الحروب التي خاضتها البلاد، بدءاً من الحرب الأهلية بين عامي 1861 و1865 مروراً بالحربين العالميتين في أوروبا، ووصولاً إلى حربي العراق وأفغانستان في عصرنا الحالي".
وأضاف: "اليوم نشهد على الثمن الذي دفعوه"، لافتاً إلى أن "كل شاهد قبر أبيض على هذه التلال، في كل مقبرة عسكرية وساحة كنيسة في جميع أنحاء أميركا هناك والد ووالدة وابن وابنة وأخ وأخت وزوج وجار".
وأشاد بايدن بالمحاربين القدامى الذين لقوا حتفهم في حروب أميركا في المقبرة، ووصفهم بأنهم "حلقة في سلسلة الشرف الذين يستحقون التقدير لحماية ديمقراطية البلاد".
وأضاف في خطاب مدته تسع دقائق بعد لحظات من وضع إكليل من الزهور على أحد القبور: "لم يتم ضمان الحرية أبداً. يجب على كل جيل أن يستحق ذلك. الكفاح من أجل ذلك. دافعوا عنها في المعركة بين الاستبداد والديمقراطية. إن ديمقراطيتنا هي أكثر من مجرد نظام حكم. إنها روح أميركا ذاتها".
ولم يذكر بايدن الحروب المستعرة في أوروبا والشرق الأوسط، حيث تعهد بعدم إرسال أفراد الخدمة الأميركية للقتال إلى جانب الحلفاء في أوكرانيا أو إسرائيل.
وتوقف بايدن للحظة خلال الخطاب ليتذكر ابنه بو، الذي توفي بسرطان الدماغ، بعد أن خدم في العراق كعضو في الحرس الوطني، ولطالما قال بايدن إنه يعتقد أن ابنه أصيب بالسرطان نتيجة العيش بجوار "حفر حرق" مفتوحة في العراق، حيث يحرق الجيش النفايات، وينتج دخاناً ساماً يستنشقه الجنود القريبون.
وقال بايدن: "يصادف هذا الأسبوع 9 سنوات منذ أن فقدت ابني"، فيما كان حريصاً على توضيح أن وفاة بو بايدن ليست كوفاة الجنود الذين فقدوا أرواحهم في المعارك.
وأضاف: "ألم فقدانه لا يزال يرافقني يومياً. لا تزال حادة وواضحة. ولكن هذا هو الفخر الذي يجب على الأميركيين أن يتذكروه عندما يعود أفراد الخدمة إلى الوطن من المعركة، أو عندما يتسلم أفراد أسرهم المكلومة رفاتهم".
ولفت بايدن إلى أن الالتزام "الأكثر قدسية" للبلاد هو رعاية الأفراد العسكريين الذين يعودون إلى ديارهم من المعركة، أو رعاية أقارب الذين ماتوا.
وأشاد بإقرار التشريع الذي دافع عنه في عام 2022، لتسهيل حصول أفراد الخدمة على الرعاية الصحية والمزايا الأخرى التي من المرجح أن تكون ناجمة عن حوادث أو تعرضات سامة، مشيراً إلى أن الجهود الأخرى لدعم المحاربين القدامى كانت تعبيراً عن الامتنان من دولة شاكرة.