"البحث عن نائب".. أبرز تحديات ترمب بمباراة العودة أمام بايدن في انتخابات 2024

أعباء إضافية لنائب الرئيس المحتمل وطموحات تعزز التنافس على شغل المنصب

time reading iconدقائق القراءة - 12
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبه مايك بنس خلال جولة في سينسيناتي بعد انتخابات 2016 - 1 ديسمبر 2016 - AP
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبه مايك بنس خلال جولة في سينسيناتي بعد انتخابات 2016 - 1 ديسمبر 2016 - AP
واشنطن -رشا جدة

خلال أيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الأخيرة في البيت الأبيض عام 2020، وقبل تسليمه الرئاسة لخلفه جو بايدن، كانت أنباء خلافه مع نائبه مايك بنس تُنذر بمستقبل جديد للسياسة الأميركية، إذ كان الرئيس السابق يطالب بإلغاء نتائج الانتخابات.

في حملته الانتخابية الأولى، أعلن ترمب اختيار بنس قبل وقت قصير من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، وهو ما ينوي تكراره في سباق 2024، وفق ما صرح به لقناة "نيوز 12"، متمسكاً بالاحتفاظ باسم نائبه لقبيل المؤتمر المقرر عقده في الفترة من 15 إلى 18 يوليو المقبل في ميلووكي.

ولعب اختيار دونالد ترمب لمايك بنس لمنصب نائب الرئيس، دوراً رئيسياً في فوزه في انتخابات عام 2016، حيث جاء اختيار بنس، حينها، كضمانة للمحافظين الرافضين ترشيح ترمب، آنذاك.

وعلى الرغم من أن منصب نائب الرئيس، شرفي بسلطات محدودة، فإن الحظ قد يواتي النائب، ويحصل على فرصة لإدارة دفة الأمور في حالة استقالة أو موت الرئيس.

وقد حصل، بالفعل، 15 نائباً للرئيس في تاريخ الولايات المتحدة على تلك الفرصة، حيث صعد 9 أشخاص بسبب وفاة الرئيس أو استقالته، في حين تم انتخاب 6 آخرين فيما بعد، بما في ذلك الرئيس الحالي جو بايدن الذي شغل منصب نائب الرئيس، لفترتين في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، منذ عام 2009 حتى عام 2017.

واعتبر خبراء ومحللين تحدثوا لـ"الشرق"، أن دور نائب الرئيس في تلك المرحلة يمكن أن يأخذ دوراً أكثر بروزاً وأهمية بكثير مما كان عليه في العديد من الانتخابات الوطنية السابقة، وفي حالة ترمب تحديداً، لاعتبارات متعددة، واتفقوا جميعاً على معيار واحد يبحث عنه ترمب في نائبه.

معايير ترمب في اختيار نائبه

وأورد الخبراء الذين تحدثوا لـ "الشرق"، 3 معايير أساسية، يبحث عنها المرشح لمنصب رئيس البلاد عند اختيار نائب له، وهي الاعتبارات الحزبية والمؤهلات السياسية والعلاقة الشخصية بين المرشح ونائبه.

وفي حالة ترمب، اتفق الخبراء على أن العلاقة الشخصية هي الأساس الوحيد الذي سيختار على أساسه نائبه في انتخابات 2024، ففي عام 2016، أعلن ترمب، قبل بدء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري بيومين فقط، أنه اختار حاكم ولاية إنديانا مايك بنس نائباً له. 

وكان ترمب متردداً في الاختيار، وأكثر ميلاً لحاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي، لكن الرئيس السابق تعرض لحملة ضغط من أقطاب حزبه وحملته الرئاسية حتى بعض كبار المانحين من أجل اختيار بنس، ليوازن نقاط ضعفه. ومع تأكيد استطلاعات الرأي حينها أن بنس ساعد في رفع ترمب مع الناخبين الإنجيليين والمحافظين، اتخذ ترمب القرار.

وأعلن ترمب ذلك خلال تغريدة على موقع "تويتر" (إكس حالياً)، قائلاً "يسعدني أن أعلن أنني اخترت الحاكم مايك بنس ليكون نائب الرئيس".

ونظراً لما آلت إليه العلاقة في نهاية فترة ترمب السابقة بينه وبين نائبه، حين رفض الأخير قلب نتائج انتخابات 2020 لصالحه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة "ويبستر"، وليام هال، أن الولاء المطلق سيكون معيار ترمب الوحيد عند اختيار نائب له في 2024. 

وقال هال في حديثه مع "الشرق"، إنه "نتيجة للتجربة السابقة السلبية للغاية بين ترمب ونائبه بنس، فإن أي خيار قد يتخذه ترمب لمنصب نائب الرئيس المحتمل سيكون قائماً أولاً وقبل كل شيء على الولاء المطلق الذي لا يتزعزع لترمب والمواقف السياسية التي سيطرحها".

وبجانب الولاء المطلق الذي يبحث عنه ترمب في نائبه تجنباً لتكرار ما حدث مع بنس، ذكر مدير برنامج الإدارة السياسية في جامعة جورج واشنطن، مايكل كورنفيلد، لـ "الشرق"، أن هناك عوامل أخرى يتطلع إليها ترمب في نائبه منها أن يبقى بعيداً عن دائرة الضوء، وأن يتملقه، ويكون لديه قدرة كبيرة على جمع الأموال، ويجذب الناخبين خارج قاعدته الانتخابية.

من جانبه، لفت أستاذ العلوم السياسية وعضو الأكاديمية الفخرية في جامعة أوهايو، بول بيك، إلى أن ما جلبه بنس لترمب في عام 2016 هو دعم الإنجيليين المحافظين، الذين لم يكونوا قد انجذبوا إليه بعد. 

وقال بيك في حديثه لـ "الشرق"، إن ترمب "لا يحتاج الآن إلى وسيط، لأنه بات يتمتع بالولاء من تلك المجموعة التصويتية المهمة، فلا توجد اعتبارات محددة لدى ترمب عند اختيار نائب له سوى الولاء المطلق وعدم حجب الاهتمام عنه، وربما ذلك هو السبب في عدم إعلانه عن نائب له حتى الآن. حتى لا يجذب الاهتمام".

أهمية نائب ترمب

تأتي "مباراة العودة" المحتملة بين بايدن وترمب في ظل ظروف استثنائية، إذ تشير استطلاعات رأي متعددة أن كثيراً من الأميركيين غير متحمسين لمباراة العودة بينهما.

ويعاني بايدن من معدلات قبول منخفضة وانقسامات في الائتلاف الديمقراطي نتيجة دعمه المطلق للحرب الإسرائيلية على غزة.

في المقابل، يعاني ترمب من أعباء قانونية كبيرة، وقد يواجه السجن لمدة قد تصل إلى 4 سنوات في 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية، وذلك لتعويض مبلغ قدره 130 ألف دولار دُفع فيما يعرف بقضية "شراء صمت" ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز، بعد تهديدها بالكشف عن علاقة جنسية معه، خلال حملته الانتخابية في عام 2016.

وقال بيك، إن تلك الأعباء القانونية التي يعاني منها ترمب، إضافة إلى الانقسام غير المسبوق داخل الحزب الجمهوري من اختيار نائب الرئيس أمر غاية في الخطورة، موضحاً أنه "حال فوز ترمب في الانتخابات ودخل السجن، فإن نائبه سيتولى المنصب بدلاً عنه".

ولفت بيك، إلى أن عملية اختيار النائب بشكل عام، تؤدي إلى ترقية شخص ما داخل الحزب، ويمكن أن يكون الخليفة، سواء فاز ترمب بولاية ثانية أم لا، معتبراً أن ذلك مكمن الخطر الذي لا مفر منه.

وأضاف: "إذا فاز ترمب، فإنه طبقاً للدستور سيتولى لمدة واحدة أي 4 سنوات فقط، وبالتالي فإن اختياره لنائب محدد قد يتم التعامل معه بأنه خليفة ترمب في انتخابات الرئاسة 2028 مثلاً، خاصة مع سيطرة ترمب على الحزب الجمهوري في السنوات الأخيرة".

بدوره، اعتبر هال أن احتمالية وفرص ترقية النائب تزداد حين يتعلق الأمر بـ"سن الرئيس"، ويتقاسم ترمب وبايدن ذلك، إذ أن نائب الرئيس، في هذه الانتخابات على وجه الخصوص، يمكن أن يأخذ دوراً أكثر بروزاً وأهمية بكثير مما كان عليه في العديد من الانتخابات السابقة.

وأرجع هال ذلك، إلى أن المتنافسين يعتبران أكبر مرشحين في التاريخ الأميركي، وبالتالي، فإن الاختيار لخلافة محتملة للرئاسة إذا كانت هناك حاجة لاستبدال الرئيس، مشيراً إلى أنه بناءً على عمر كلا المرشحين، ربما تكون الاحتمالية والفرص المحتملة لترقية نائب الرئيس لخلافة الرئيس أكبر من أي وقت سابق.

ويتمتع نائب الرئيس بالسلطة لكسر التعادل في الأصوات في مجلس الشيوخ ويرأس رسمياً عملية تلقي وفرز الأصوات الانتخابية والتصديق عليها بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، ورغم أن تلك المهام شرفية أو رمزية، فإن البحث السياسي ومستطلع الآراء الانتخابية زاك مكيري، قد لفت إلى أن إشراف النائب على فرز الأصوات الانتخابية في الكونجرس اكتسب أهمية في الانتخابات السابقة حين حاول ترمب قلب النتائج لصالحه.

وقال مكيري في حديثه لـ "الشرق"، إنه من الواضح أن "ترمب يلوم مايك بنس، لأنه لم يكن نائباً مخلصاً له، خاصة فيما يتعلق بالتصديق على نتائج الانتخابات بعد انتخابات 2020". 

وافترض مكيري، أن ترمب سيختار هذه المرة فقط شخصاً يثق بشكل خاص في أنه سيوافق على أي من الخطط التي يريدها، متسائلاً إذا كان بإمكان نائب ترمب التصدي له عند أي تهديد للديمقراطية في حال أصبح رئيساً؟ 

واعتبر مكيري، أن اختيار نائب ترمب، وحال فوزه، قد يكون له تداعيات على الديمقراطية الأميركية، إذ "سيكون الأمر مختلفاً بعض الشيء عن فترة ولاية ترمب الأولى، نظراً لأنه لن يتمكن من الترشح لإعادة انتخابه، لذلك من المفترض أن ترمب لن يكون على بطاقة الاقتراع مرة أخرى في عام 2028، ولن يكون بحاجة لقلب الانتخابات. لكن حال اتخذ ترمب أي قرار من شأنه أن يهدد الديمقراطية، كيف سيكون قرار نائبه؟".

المتنافسون الرئيسيون 

ويتردد اسم حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السابقة، نيكي هيلي، المنافسة الأخيرة السابقة لترمب، كخيار محتمل لنائب الرئيس، من أجل وحدة الحزب الجمهوري المنقسم بزعامة ترمب، مثلما فعل مايك بنس في عام 2016.

وتعهد ترمب سابقاً وبشكل قاطع باستبعاد هيلي من خياراته، لكن تراجعها، وإعلانها أنها ستدعم ترمب في الانتخابات القادمة، جعل البعض يأمل أن تكون خيار ترمب المقبل.

ومع ذلك، استبعد هال، أن يفكر ترمب بجدية في اختيار هيلي لتكون نائبته المحتملة، لافتاً إلى أن هناك اختلافات راسخة للغاية بين ترمب وهيلي، تشمل المواقف السياسية والشخصية، "ولا تزال مستمرة". 

وقال هال، إن "التباين الواضح بين هيلي وترمب يحظر عليهم أي احتمال لأي تعاون هادف، خاصة أن ترمب يشعر بالخوف الشديد من ذكاء هيلي المتفوق وقدرتها على التغلب عليه".

ويدرس ترمب عدة خيارات أخرى للانضمام إلى قائمته، بما في ذلك رئيسة المؤتمر الجمهوري إليز ستيفانيك، والسيناتور توم كوتون عن ولاية أركنساس، والسيناتور جي دي فانس عن ولاية أوهايو، والسيناتور ماركو روبيو عن ولاية فلوريدا، وحاكم نورث داكوتا، دوج بورجوم، ومنافسه السابق السيناتور تيم سكوت.

ولفت مكيري، إلى أن الناخبين سيصوتون بأغلبية ساحقة بناءً على آرائهم تجاه بايدن وترمب، وليس بسبب هوية المرشحين لمنصب نائب الرئيس.

ومع ذلك، قال مكيري إنه "قد تكون هناك نسبة صغيرة من الناخبين الذين يقررون دعم ترمب أم لا بناءً على اختياره، إذا كان اختياره لمنصب نائب الرئيس يشير إلى أن ترمب يركز بشكل أكبر على سلطته السياسية، فقد يكون ذلك محبطاً. وإذا اختار ترمب شخصاً مؤهلاً بشكل جيد ويتمتع بنوع من الاستقلالية، فقد يظهر ذلك أن ترمب يحاول بناء تذكرة انتخابية أكثر توحيداً". 

وذكر مكيري، أن علاقة ترمب السيئة مع بنس لم تشكل، فيما يبدو، عائقاً أمام المتنافسين على منصب النائب، قائلاً إن "معظم المتنافسين الرئيسيين على منصب نائب الرئيس، مثل سكوت، وروبيو، وهيلي، يبدو أنهم يريدون منصب نائب الرئيس بأي ثمن، ولم أر أي مؤشر على أن هناك مرشحين محتملين مترددون في تولي المنصب؛ بسبب الطريقة التي عومل بها بنس".

ومع ذلك، اتفق مكيري مع هال على استبعاد هيلي من خيارات ترمب، قائلاً إن ترمب "يريد شخصاً مخلصاً للغاية له، ولم تتنافس هيلي ضده فحسب، بل كانت آخر من انسحب من منافسيه. لا أشعر أن هيلي ستضيف الكثير إلى التذكرة. كان معظم النجاح الذي حققته في الانتخابات التمهيدية هو كونها البديل لترمب، وليس لجاذبية محددة كانت لديها كمرشحة".

تصنيفات

قصص قد تهمك