كيف تؤثر إدانة ترمب على مسار حملته الانتخابية؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خارج المحكمة بعد إدانته بـ34 تهمة جنائية في محكمة نيويورك. 30 مايو 2024 - REUTERS - REUTERS
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خارج المحكمة بعد إدانته بـ34 تهمة جنائية في محكمة نيويورك. 30 مايو 2024 - REUTERS - REUTERS
واشنطن-رشا جدة

جاءت إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في القضية المعروفة بـ"شراء الصمت"، لتضيف مزيداً من التحديات و"الفرص التاريخية" لحملة انتخابية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة.

ووجدت هيئة محلفين في مانهاتن، ترمب مذنباً، بكل التهم الجنائية الـ34 الموجهة إليه في قضية دفع أموال خلافاً للقانون، من أجل شراء صمت ممثلة أفلام إباحية، وأنه زور سجلات تجارية لمحاولة التأثير بشكل غير قانوني على الانتخابات الرئاسية لعام 2016، التي فاز بها بفارق ضئيل على هيلاري كلينتون.

وبقرار المحكمة، يعد ترمب أول رئيس أميركي سابق يُدان بارتكاب جرائم، وأول مرشح للحزب الجمهوري يخوض السباق الرئاسي، وهو مدان. 

وفور قرار المحكمة علّق ترمب، الذي توقع في وقت سابق أن الإدانة في هذه المحاكمة يمكن أن تعزز أرقامه في استطلاعات الرأي، قائلاً: "لقد كان هذا وصمة عار. لقد كانت محاكمة شائنة ومزورة"، معتبراً أن "الحُكم الحقيقي" سيُصدره الناخبون في 5 نوفمبر المقبل، الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية.  

وأصدرت حملة الرئيس الأميركي جو بايدن بياناً بشأن الحكم، جاء فيه: "في نيويورك اليوم رأينا أنه لا أحد فوق القانون".

وأضاف البيان: "اعتقد دونالد ترمب دائماً خطئاً أنه لن يواجه أبداً عواقب لخرق القانون لتحقيق مكاسب شخصية. لكن حكم اليوم لا يغير حقيقة أن الشعب الأميركي يواجه حقيقة بسيطة، لا تزال هناك طريقة واحدة فقط لإبقاء دونالد ترمب خارج المكتب البيضاوي: صناديق الاقتراع".

واعتبر خبراء وسياسيون أمريكيون تحدثوا مع "الشرق"، أن ما يحدث على الساحة السياسية الأميركية اليوم، من شأنه أن "يُغير مسار السباق الرئاسي 2024". 

 إدانة غير مسبوقة 

في قرار تاريخي، أعلن القاضي خوان ميرشان، الذي يرأس محاكمة ترمب، في نيويورك أن هيئة المحلفين توصلت إلى حُكم، مشيراً إلى أنه تمت إدانة ترمب بـ34 تهمة.

ومن المتوقع أن يصدر النطق بالحكم بحق الرئيس الأميركي السابق في 11 يوليو المقبل، أي قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، المقرر عقده من 15 إلى 18 يوليو المقبل في ميلووكي.

وقد أربك الحكم المفاجئ الخبراء والسياسيين، ووصفت الباحثة السياسية مادلين كونواي، القرار بأنه أمر "غير مسبوق".

وفي حديثها مع "الشرق"، قالت كونواي إنه من الصعب التنبؤ بثقة كبيرة ما الذي يمكن أن يحدث، "لكن هذا الحكم من شأنه أن يشكل عقبة خطيرة أمام ترمب وحملته الانتخابية".  

من جانبه، ذهب الباحث السياسي في مركز الدراسات التابع لجامعة فيرجينيا، جيه مايلز كولمان، إلى حد وصف ما يحدث بأنه يشبه "الإبحار في مياه مجهولة". 

وفي حديثه مع "الشرق"، قال كولمان إن "الحكم قد لا يفاجئ من قام بالتصويت ضد ترمب من قبل، أما الذي صوّت لصالح ترمب في السابق فهو لا يكترث بشخصيته أو عيوبه الأخلاقية"، مضيفاً: "لذا، أرى أن هذا الحكم قد لا يؤثر على العديد من الأصوات". 

ومع ذلك، فإن كولمان وجد أن موعد النطق بالحكم وهو 11 يوليو، أي قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، قد يؤثر سلباً على الحزب الجمهوري مع الناخبين المتأرجحين، مضيفاً: "ستبقى مشكلات ترمب القانونية في أذهانهم. يبدو أن هناك فرصة ضئيلة، إن وجدت، ألا يرشح الجمهوريون ترمب".  

من جانبه، ذكر المحامي الحقوقي والمرشح السابق في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي، روبرت باتيلو، أنه لم يكن في الولايات المتحدة  أبداً رئيس تم توجيه الاتهام إليه سابقاً. ولم يسبق أن تمت محاكمة رئيس من قبل "ولم يسبق أن تمت إدانة رئيس بـ34 تهمة جنائية".

واستطرد باتيلو قائلاً لـ"الشرق"، إنه في أي حالة أخرى، ستكون هذه الإدانة حكم بـ"عدم الأهلية".

وقال باتيلو إنه في حال ترشح شخص ما لمنصب "مدير مدرسة" ولديه 34 إدانة جنائية، فمن غير المرجح أن يفوز. لكن بسبب النظام الدستوري الأميركي، "فإن كونك مجرماً مداناً لا يمنعك من الترشح للبيت الأبيض". 

وأضاف باتيلو إن وجود ترمب في السجن لا يمنعه من الترشح للبيت الأبيض. وفي نوفمبر، بغض النظر عما إذا كان ترمب قد أدين بكل تهمة يواجهها حالياً في 4 قضايا منفصلة، ​​فلا يزال بإمكانه الفوز بالرئاسة.

وتابع: "سيتم إطلاق سراحه من السجن، حتى يخدم خلال فترة ولايته كرئيس، ثم يضطر إلى العودة إلى السجن بعد مغادرته البيت الأبيض". 

أما الباحث السياسي ومستطلع الآراء الانتخابية زاك مكيري، فقد لفت إلى أن "العديد من الناخبين لم يبدؤوا، بالفعل، في إيلاء اهتمام وثيق للسباق الرئاسي حتى الآن"، مضيفاً: "تعد هذه الإدانة أول معلومة جديدة يسمعها العديد من الأميركيين هذا العام بشأن الحملة الرئاسية".

وقال مكيري في حديثه مع "الشرق" إن الكثير من الناخبين لم يهتموا بتفاصيل المحاكمة، لكن العناوين التي تؤكد أن هذه هي المرة الأولى التي يُدان فيها رئيس بجناية، وأن ترمب أدين في جميع التهم الـ34 "ستلفت الانتباه".

قاعدة ترمب الملتزمة

وتوقّع ترمب، أن الإدانة في هذه المحاكمة يمكن أن تعزز أرقامه في استطلاعات الرأي. وقال في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" في وقت سابق من هذا الشهر: "حتى في حالة الإدانة، أعتقد أنه ليس له أي تأثير على الإطلاق. قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأرقام، لكننا لا نريد ذلك. نريد الحصول على حكم عادل". 

ويتمتع ترمب بتأييد جمهوري كبير رغم قضاياه الجنائية المختلفة، التي تصل إلى 91 تهمة في أربع قضايا جنائية، مكّنه من اكتساح الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

واستبعد الخبير الاستراتيجي الجمهوري، جيم دورنان، أن يتخلى الحزب الجمهوري عن ترشيح ترمب في المؤتمر الجمهوري بعد إدانته، على اعتبار أن الحكم قد ينفر الناخبين منه.

وقال دورنان لـ"الشرق"، إن بعض الناخبين قد يتأثروا بالحكم، "لكنني لا أتوقع تغييراً جوهرياً"، مضيفاً: "قاعدة ترمب الانتخابية ملتزمة به". 

ويدعم رأي دورنان نتائج استطلاع أجرته Marist بالشراكة مع شبكة NPR وPBS NewsHour، في الفترة من 21 إلى 23 مايو.

ووجد الاستطلاع أن 67% من الناخبين المسجلين في جميع أنحاء البلاد، قالوا إن إدانة ترمب لن تحدث فرقاً في كيفية تصويتهم. 

عدم تأثير إدانة ترمب على كتلته التصويتية الرئيسية، يجدها باتيليو مثيرة للاهتمام، قائلاً إن قاعدة ترمب "متينة للغاية، إنهم لا يهتمون إذا أدين بالاعتداء الجنسي. إنهم لا يهتمون إذا تمت إدانته بالاحتيال. يبدو أنهم لا يهتمون إذا تمت إدانته بهذه التهم الجنائية أيضاً". 

وفسّر باتيلو ذلك بأن مؤيدي ترمب يرون أن كل هذا جزء مما يُسمى بـ"مطاردة الساحرات من الدولة العميقة ضدهم".

وقال باتيلو إنهم يعتقدون أن ترمب يتعرّض للاضطهاد من قبل مدعين عامين خارجين عن السيطرة، ومن قبل الدولة العميقة، ومن قبل جو بايدن، "لذلك يكون الخيار الأفضل أمام بايدن أن يتبنى نهج عدم التدخل في القضايا القانونية لترمب، والتركيز على أشياء مثل الاقتصاد والسياسة الخارجية والوضع في فلسطين، والأشياء التي تحفز الناخبين حقاً، وعليه أن يترك العملية القانونية تمضي في مسارها". 

ولفت باتيلو إلى أنه في كل مرة يتم فيها توجيه اتهام إلى ترمب، ترتفع أرقام استطلاعات الرأي الخاصة به، و"سيكون من المثير للاهتمام رؤية ما إذا كان نفس الاتجاه سيستمر بعد إدانة ترمب".

هل تغير إدانة ترمب السباق؟ 

اتفق الخبراء الذين تحدثوا لـ"الشرق" على أن الغالبية العظمى من مؤيدي ترمب لن يتخلوا عنه حتى بعد النطق بالحكم في يوليو المقبل. ومع ذلك، اعتبروا أن نسبة صغيرة منهم قد تنضم إلى  الناخبين المتأرجحين؛ مما يغير مجرى السباق الرئاسي لعام 2024. 

الناشط السياسي والمحامي الحقوقي ألين أور، لفت إلى أن العديد من مؤيدي ترمب سيدعمونه مهما حدث، لكن الأفراد المستقلين والذين يقفون في الوسط يمكن أن يغيروا آرائهم.  

وقال أور لـ"الشرق"، إنه "في أي سباق رئاسي متقارب يصبح أي تغيير طفيف مؤثراً". 

وبالفعل، أثبت استطلاع أجرته كلية الحقوق بجامعة ماركيت في 23 مايو، صحة فرضية أور. وكشف الاستطلاع أن ترمب تقدّم على بايدن بنحو 3 نقاط في دعم الناخبين، لكنه تأخر عنه بـ4 نقاط عندما سُئل الناخبين المحتملين في الاستطلاع عن كيفية تصويتهم إذا أُدين ترمب في قضية مانهاتن. 

وبقراءة المشهد السياسي ومباراة العودة بين بايدن وترمب، رجّح كولمان أن الانتخابات قد تتوقف على عدد قليل من الناخبين في بضع ولايات فقط "إذا كانوا مترددين في التصويت لمجرم مدان، فقد يساعد ذلك بايدن بشكل كبير، خاصة أن هناك استطلاعات رأي تشير إلى أن بعض الناخبين قالوا إنهم سيعيدون النظر في دعم ترمب إذا أُدين". 

وأضاف كولمان أن جميع الدلائل تشير إلى أن فريق ترمب يضاعف جهوده، ويصور نفسه كضحية لمحاكمة غير شرعية، معتبراً أن هذه الاستراتيجية "قد تساعده في تحفيز ناخبيه المخلصين، ولكن هل سيكون الناخبون المتأرجحون، أو أولئك الذين بدأوا للتو في متابعة الانتخابات الرئاسية - متعاطفين معه بنفس القدر؟ لست متأكداً". 

وبينما يتشكك كولمان في خيارات الناخبين المترددين، يجزم مكيري بأن الغالبية العظمى من الأميركيين تحترم النظام القضائي، ولن تتعاطف مع ترمب في تصوير نفسه كضحية أبداً، معتبراً أن "الإدانة ستؤثر بشكل كبير على ترمب وحملته الانتخابية، خاصة في ظل سباق رئاسي متقارب".

تصنيفات

قصص قد تهمك