فازت مرشّحة اليسار الحاكم في المكسيك، كلاوديا شينباوم، بالانتخابات الرئاسيّة بفارق شاسع عن منافستها اليمينيّة، حسبما أظهرت النتائج الأولية الصادرة عن المعهد الانتخابي الوطني.
وحققت رئيسة بلدية "مكسيكو سيتي" سابقاً 58 إلى 60% من الأصوات، متقدمة بأشواط على منافستها مرشحة المعارضة سوتشيتل جالفيز التي يقدر أنها حصلت على 26 إلى 28% من الأصوات في هذا الاقتراع الذي يقام بدورة واحدة على ما قالت رئيسة المعهد جوادلوبيه تاداي.
وحصل المرشح الوسطي خورخي ألفاريز ماينز على 9 إلى 10% من الأصوات. وفي العاصمة، أدلت المرشحتان والمرشح الأقل حظوظاً خورخي ألفاريز ماينز بأصواتهم صباحاً.
وخلال ثلاثة أشهر من الحملات الانتخابية، كانت رئيسة بلدية العاصمة السابقة، مرشحة حركة التجديد الوطني "مورينا"، تتقدم بانتظام على منافستها من يمين الوسط سوتشيتل جالفيز، بمتوسط 17 نقطة.
وكشفت شينباوم أنها لم تصوت لنفسها في الانتخابات الرئاسية، بل لواحدة من رواد اليسار المكسيكي إيفيجينيا مارتينيز (93 عاماً) تقديراً لنضالها. واختتمت شينباوم كلامها قائلة "تحيا الديمقراطية".
وفي المكسيك، حيث سُجّل 98.3 مليون شخص في اللوائح الانتخابية وفقاً للمعهد الانتخابي الوطني، توفر أوراق الاقتراع صندوقاً فارغاً يسمح للناخبين بالتصويت لمرشحين غير مسجلين.
أعمال عنف
وتخلّلت الانتخابات في المكسيك، أعمال عنف، في البلد الذي يقوّضه عنف عصابات المخدّرات، وتسجّل الأمم المتحدة نحو 10 حالات قتل لنساء يومياً.
ولقي شخصان مصرعهما، في هجومين على مركزَي تصويت، الأحد، خلال هذا الاقتراع في منطقتين بولاية بويبلا وسط البلاد، وفق مصدر أمني محلّي.
وسبق أن لقي مرشح في الانتخابات المحلّية في الولاية نفسها، الجمعة، بينما لقي مرشح آخر مصرعه ليلاً قبل ساعات قليلة من افتتاح مراكز الاقتراع في الغرب. وفي المجموع، اغتيل 25 مرشحاً على الأقل خلال الحملة الانتخابية، بحسب تعداد لـ"فرانس برس" حتى السبت. في حين قالت "رويترز"، إن الأمر يتعلق بـ38 مرشحاً تم اغتيالهم.
وقالت مرشحة المعارضة، السيناتور السابقة من يمين الوسط سوتشيتل جالفيز "اخرجوا بلا خوف" للتصويت، بينما كانت تنتظر طويلاً تحت شمس حارقة للإدلاء بصوتها.
وأضافت "نحن نعلم أنه لن تُقام مراكز اقتراع في بعض أجزاء تشياباس، وأنا آسفة جداً لذلك. لقد كانت هذه الانتخابات الأكثر عنفاً في تاريخ بلادنا، لكنها تمثل أيضاً فرصة هائلة لإبقاء الديمقراطية حية". وتابعت "أعتقد أن هناك مشاركة كبيرة".
"زمن النساء"
ومن كانكون (جنوب شرق) إلى مكسيكو سيتي، بدأت الطوابير تتشكل بمجرد فتح مراكز الاقتراع الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي (14:00 بعد الظهر بتوقيت جرينتش).
وأكدت كليمنسيا هيرنانديز، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 55 عاماً أنها ستصوّت لشينباوم. وقالت "إن تولي امرأة الرئاسة سيمثل تحولاً، ولنأمل بأنها ستفعل المزيد من أجل هذا البلد". وأضافت "هنا العنف ضد المرأة موجود بنسبة 100%".
ورأت يونيس كارلوس وهي متقاعدة تبلغ من العمر 70 عاماً، بينما كانت تنتظر للإدلاء بصوتها في منطقة بولانكو السكنية، أن أندريس مانويل لوبيز أوبرادور (الرئيس السابق) "رئيس سيئ جداً، أولاً لأنه تسبب في تقسيمنا". وقالت "صوتي لصالح الديمقراطية ولسوتشيتل جالفيز".
إضافة إلى الانتخابات الرئاسية، دُعي المقترعون إلى تجديد الكونجرس ومجلس الشيوخ واختيار حكّام في 9 من أصل 32 ولاية واختيار رؤساء بلديات. وفي المجموع، تشمل الانتخابات 20 ألف مقعد.
وقالت شينباوم مخاطبة المكسيكيات اللواتي ينددن بـ"هيمنة مجتمع ذكوري"، إنه "زمن النساء والتغيير. ذلك يعني العيش من دون خوف والتحرر من العنف".
إرث ثقيل
وإلى جانب الانفلات الأمني والسطوة المتزايدة للعصابات الإجرامية، تواجه شينباوم، العالمة التي تحولت إلى السياسة، مهمة صعبة.
وسمح الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، لعصابات المخدرات بتوسيع نفوذها في ثاني أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، كما انخرط في موجة إنفاق غير مسبوقة عند اقتراب نهاية ولايته، بعد أن أقر بدلات الرعاية الاجتماعية التي جعلته محبوباً بين الفقراء والعاملين، لكنه ترك البلاد مثقلة بأكبر عجز مالي منذ الثمانينيات.
وتصطدم شينباوم بتحد آخر يكمن في أنها مدينة لأندريس بفوزها، إذ تحتالج إلى التعامل بحذر مع إرثه.
ويتمتع أندريس بنسبة قبول تبلغ حوالي 60%، بحسب "بلومبرغ"، مما يعني أنه كان بإمكانه الفوز بالتصويت بسهولة إذا لم يحظر الدستور على الرؤساء السعي لإعادة انتخابهم.
وفي ظل ضعف الاقتصاد، يتعين عليها أيضاً إيجاد حل دائم لشركة "بتروليوس مكسيكانوس" المملوكة للدولة، وهي شركة النفط الأكثر مديونية في العالم، والتي أصبحت عبئاً على المالية العامة. وقد حذرت شركات التصنيف الائتماني بالفعل من أن أي إجراء قد يكلف المكسيك درجتها الاستثمارية.
لكن تقدم شينباوم الواسع في نتائج التصويت، سيمنحها بعض المجال للمناورة. ويشير ذلك إلى أن حزب "مورينا" سيحافظ على الأرجح على سيطرته على مجلسي الكونجرس وربما حتى الحصول على ثلثي المقاعد. وقد تمنحها الأغلبية سلطة الموافقة على التغييرات الدستورية التي أفلتت من أندريس مانويل لوبيز أوبرادور.