يتوجه الناخبون في الاتحاد الأوروبي إلى صناديق الاقتراع في الفترة من 6 إلى 9 يونيو الجاري، لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي في الدورة المقبلة، فيما تهيمن المخاوف الداخلية على توجهات الناخبين على حساب سياسات بروكسل، خاصة أن معظم مواطني الكتلة لا يفهمون ولا يهتمون بتصويت البرلمان الأوروبي، بينما تتركز اهتماماتهم على "الخطر الرّوسي" والأمن الداخلي.
وفي دول مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا، ستكون الانتخابات بمثابة فرصة لتقييم أداء الحزب الحاكم. وفي دول أخرى، مثل بلغاريا ومالطا والمجر، سيكون التصويت مدفوعاً بشكل أكبر بالمواقف المتعلقة بالسياسيين الوطنيين، وليس بشخصيات أوروبية مثل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي قد تكون اسماً كبيراً في بروكسل، ولكن من غير المرجح أن تكون في ذهن الجمهور العام والناخبين في أوروبا الشرقية، وفق مجلة "بوليتيكو".
وحتى في دول البلطيق، حيث قد يكون للتهديد الذي تشكله روسيا تأثير كبير على نتيجة التصويت، يتم فهم الدفاع والأمن من خلال منظور محلي؛ فالناخبين تحركهم المخاوف بشأن غزو بلادهم، وليس الصورة الجيوسياسية الكبيرة، من الاتحاد الأوروبي.
تقييم ماكرون
يريد حلفاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن تدور هذه الانتخابات حول أوروبا، ولكن يبدو على نحو متزايد أن المرشح اليميني المتطرف جوردان بارديلا يحقق مراده، ويجعل كل شيء يدور حول "تقييم ماكرون".
ويراهن ماكرون على فاليري هاير من حزب النهضة، التي كافحت لفرض شخصيتها وسط سلسلة من الأخبار السيئة مثل عدم تحقيق هدف الحكومة بخفض العجز العام إلى أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوادث العنف في فرنسا وإقليم كاليدونيا الجديدة في الخارج.
وحصلت هاير على 15.5% من نوايا التصويت لانتخابات 9 يونيو، وفقاً لمسح Ifop-Fiducial الذي تم إجراؤه كجزء من استطلاع لقناة LCI وصحيفة "لوفيجارو" الفرنسيتين.
من ناحية أخرى، تصدر المرشح اليميني المتطرف جوردان بارديلا، عناوين الصحف الفرنسية باعتباره الوجه الجديد لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي، حيث تحاول مارين لوبان إثبات أن حزبها مستعد للحكم.
ويعطي الاستطلاع الأخير 33.5% من نوايا التصويت لرئيس قائمة التجمع الوطني، وهو ما قد يسمح له بانتخاب 31 عضواً في البرلمان الأوروبي.
ومن جانبه، لا يزال رئيس قائمة الحزب الاشتراكي رفائيل جلوكسمان في المركز الثالث بنسبة 14% من الأصوات.
وتسعى لوبان إلى بناء الزخم قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2027، في حين يريد ماكرون أن يكون قادراً على تثبيت حكمه حتى ذلك الحين.
التحالف الحاكم في ألمانيا على المحك
تشكل الانتخابات الأوروبية في ألمانيا بمثابة استفتاء على ائتلاف "إشارة المرور" الحاكم المؤلف من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه المستشار أولاف شولتز، والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي وحزب الخضر.
وتأتي انتخابات البرلمان الأوروبي، في وقت تراجعت فيه شعبية التحالف الحاكم الهش بشكل مطرد، في ظل تزايد السخط الداخلي والتوترات بين الأحزاب السياسية؛ وتتفاقم هذه الأمور مع تقدم البلاد نحو مفاوضات الميزانية الوطنية المثيرة للجدل.
وقبل الانتخابات، كانت القضية الأهم، هي دور ألمانيا في الحرب في أوكرانيا، وهو الموضوع الذي سلط الضوء على الانقسامات داخل الحكومة الائتلافية. وفي حين اجتمع الديمقراطيون الاشتراكيون حول "مستشار السلام"، فإن الليبراليين يدينون عمليات تسليم الأسلحة المترددة.
كما تعد الهجرة وسياسة اللجوء في البلاد، من القضايا الدائمة التي كان من المقرر أن تعطي لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف فرصاً حقيقية للفوز بالأصوات. ولكن سلسلة من الفضائح المحيطة بمرشحه الرئيسي، ماكسيميليان كراه، قد تؤدي إلى تقويض أداء الحزب.
اختبار حقيقي لمنافس أوربان في المجر
لا أحد يقف في طريق رئيس الوزراء الحالي فيكتور أوربان، الذي يمثل الوجه السياسي الأبرز على الإطلاق في المجر، ما يجعل الحملة الانتخابية للاتحاد الأوروبي الأكثر مللاً في البلاد منذ سنوات، لكن في المقابل أصبحت الحملة الآن تمثل اختباراً حاسماً لما إذا كانت شخصية معارضة جديدة صاعدة قادرة على تحدي زعيم بودابست.
ويمثل بيتر ماجيار، الذي كان عضواً في الدائرة الداخلية لأوربان، الآن أكبر منافسيه. وفي ظل معارضته للفساد وسوء الرعاية الصحية والتعليم، صعد حزب الاحترام والحرية الذي يتزعمه إلى مستويات قياسية من خلال حشد الناخبين المناهضين للحكومة الذين يشعرون بالقلق من أحزاب المعارضة التقليدية. لكن موقف المجر من الاتحاد الأوروبي نفسه يظل غامضاً، وفق "بوليتيكو".
وفي حين حصل حزب أوربان "فيدس" وشريكه الأصغر في الائتلاف، الحزب الديمقراطي المسيحي، على 13 مقعداً من أصل 21 مقعداً في البرلمان الأوروبي في المجر خلال الفترات الأربع الأخيرة، فإن الظهور المفاجئ للوافد الجديد ماجيار وحزبه "تيسا" قد يغير الوضع الراهن.
ويرى ماجيار نفسه منافساً لرئيس الوزراء أوربان، لكن استطلاعات الرأي تظهر أن دعم حزب "فيدس" لا يزال عند نسبة كبيرة تبلغ 48%، وفق موقع euobserver.
استفتاء على سانشيز في إسبانيا
يبدو أن انتخابات الاتحاد الأوروبي في إسبانيا، ستكون بمثابة استفتاء على رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز.
ويجري التصويت بعد أسبوع واحد فقط من موافقة البرلمان الإسباني على عفو حكومته المثير للجدل عن الانفصاليين الكتالونيين؛ ومن المتوقع أن يحصل حزب سانشيز على أصوات إضافية في كاتالونيا، لكنها قد تقوض أداء الحزب في بقية البلاد.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، تبادل رئيس الوزراء الإسباني ونظيره الأرجنتيني جافيير ميلي، الانتقادات اللاذعة في مواجهة متوترة يحاول سانشيز استخدامها لتحفيز الناخبين اليساريين، ولكنها قد تحشد أيضاً على الجانب الآخر مؤيدي اليمين المتطرف.
وإذا تفوق حزب الشعب الذي ينتمي إلى يمين الوسط على الاشتراكيين، فسوف يُنظر إلى ذلك على أنه توبيخ لإدارة سانشيز، وفق "بوليتيكو".
أزمة السكن في إيرلندا
تشير "بوليتيكو" إلى أن التصويت الأوروبي في إيرلندا، والذي يجرى في نفس يوم الانتخابات المحلية، سيكون بمثابة مقياس للرأي العام قبل الانتخابات الوطنية في العام المقبل.
ومع دخول البلاد في خضم أزمة السكن، من المقرر أن يكون التصويت بمثابة استفتاء على رئيس الوزراء الجديد سيمون هاريس، الذي تولى منصبه في أبريل الماضي.
ويُنظر إلى المهاجرين بشكل متزايد على أنهم عامل رئيسي في أزمة السكن. واستقبلت إيرلندا أكثر من 100 ألف لاجئ أوكراني في أعقاب الغزو الروسي، وأدت سياسات الهجرة الصارمة التي ينتهجها رئيس وزراء البريطاني ريشي سوناك إلى زيادة في عدد طالبي اللجوء القادمين من بريطانيا.
وأظهر استطلاع للرأي أُجري، السبت الماضي، أن 23% من الناخبين يعتزمون التصويت للمستقلين، مما يشير إلى أن حزب المعارضة الرئيسي "شين فين" يفقد الدعم أمام المرشحين الذين لديهم وجهات نظر مُناهضة للهجرة، وفق "بلومبرغ".
بالإضافة إلى ذلك، تواجه إيرلندا قفزة في عدد المهاجرين الذين يدخلون البلاد عبر "بحر المانش".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلن هاريس عن خفض المزايا المقدمة للاجئين الأوكرانيين، بعد أن خفض في مارس المدفوعات للوافدين الجدد من 232 يورو في الأسبوع إلى 38.80 يورو.
مأزق الحكومة في هولندا
تتركز المناقشات قبل تصويت الاتحاد الأوروبي في هولندا على من سيحكم في لاهاي، وليس بروكسل.
بعد 6 أشهر من الانتخابات الهولندية، تم أخيراً التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية يمينية جديدة، وتم تعيين رئيس المخابرات السابق ديك شوف ليتولى منصب رئيس الوزراء.
لكن من غير الواضح كيف سيعمل الطاقم المتنوع من الأحزاب الشعبوية، بما في ذلك حزب خيرت فيلدرز اليميني المتطرف "من أجل الحرية" PVV، مع أحزاب الوسط لقيادة الحكومة المقبلة.
ونظراً للامبالاة الناخبين الهولنديين عموماً، تجاه التصويت لصالح الاتحاد الأوروبي، فإن السؤال الأكبر الذي هو ما إذا كانت نسبة الإقبال على هذه الانتخابات سوف تكون في نهاية المطاف أعلى من تلك الخاصة بالمجالس الإقليمية.
منافسة يمينية في إيطاليا
يراهن حزب "إخوة إيطاليا" بقيادة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، على الانتخابات الأوروبية لتشكيل حكومة يمينية في أوروبا. وميلوني مرشحة في الانتخابات الأوروبية، رغم أنها لن تتمكن من شغل مقعدها باعتبار أنها عضو في البرلمان الإيطالي، ما يجعل ترشحها استفتاء على الفترة التي قضتها في المنصب.
وذكرت رئيسة وزراء إيطاليا، أنها تريد الحصول على نسبة مماثلة لتلك التي حصدها حزبها في الاقتراع الوطني العام 2022 والبالغة 26%، متقدمة بفارق كبير على حلفائها في الائتلاف.
ويهدف حزب "الرابطة" بزعامة ماتيو سالفيني إلى الحصول على نحو 9%، بينما يسعى حزب "فورتسا إيطاليا" اليميني للحصول على نحو 10%.
وتُناهز نسبة تأييد الحزب الديمقراطي اليساري الوسطي حالياً 21%، بينما يتوقع أن تحصد حركة "5 نجوم" الشعبوية نحو 15.5% من الأصوات.
التضخم والفساد والهجرة في النمسا
من المتوقع أن يكون حزب الشعب النمساوي الحاكم في مقدمة اهتمامات الناخبين في النمسا.
وتعرض الحزب لسلسة فضائح فساد في السنوات الأخيرة، ويشعر الناخبون بالغضب من عجز الحكومة عن السيطرة على التضخم. علاوة على ذلك، هناك استياء مستمر من إدارة فيينا للوباء ومخاوف مستمرة بشأن الهجرة.
وفي حين حقق حزب الشعب نتائج مذهلة في انتخابات 2019، فإن الأضواء مسلطة حالياً على حزب الحرية اليميني المتطرف، وهي مجموعة أسسها ضباط سابقون في قوات الأمن الخاصة في الخمسينيات.
وفي حين تركز الحملة على المظالم الداخلية، فإن استراتيجية الحزب تقوم على إلقاء اللوم في كل شيء على الاتحاد الأوروبي والإصرار على أن بروكسل تستغل النمسا.
آمال يمينية بالنصر في بلجيكا
لن يفكر الناخبون البلجيكيون في أوروبا عندما يذهبون إلى صناديق الاقتراع، الأحد المقبل، إذ سيكونون منشغلين للغاية بالانتخابات الإقليمية والفيدرالية التي تتزامن مع التصويت لصالح الاتحاد الأوروبي.
ومن المرجح أن يؤدي الغضب بشأن أزمة تكلفة المعيشة إلى تفضيل الأحزاب المتطرفة، وفق "بوليتيكو".
وفي منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية، تركز المناقشة على أنظمة الضرائب والضمان الاجتماعي والصحة، ويتقدم حزب العمال اليساري الراديكالي في استطلاعات الرأي من خلال الوعد بتغيير الوضع الراهن.
وتعهد حزب فلامس بيلانج القومي الفلمنكي اليميني المتطرف، بتحقيق نصر مذهل في الانتخابات الأوروبية، وأن يصبح القوة السياسية الرائدة في الشمال الناطق بالهولندية.
وقال الحزب، المتحالف مع حزب التجمع الوطني الفرنسي وزعيم اليمين المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز، خلال تجمع حاشد في أنتويرب شمال بلجيكا: "لدينا موعد مع التاريخ".
وبفضل النجاح الذي حققه فيلدرز مؤخراً في هولندا، اجتمع نحو 2500 من المؤيدين والسياسيين المتحمسين في التجمع الكبير الأخير للحزب.
بلغاريا.. رجل أعمال "مُعاقب"
يهيمن على حملة الانتخابات الأوروبية في بلغاريا، رجل الأعمال وزعيم حزب الحقوق والحريات ديليان بيفسكي، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات.
وبيفسكي هو ملياردير جمع ثروته من تهريب السجائر، ويملك الآن العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية، وفق صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وركز خصوم بيفسكي على الاتهامات الموجهة إليه بأنه يؤثر على القضاء والمحاكم والأجهزة الأمنية. وينظر إليه كثيرون باعتباره ممثلاً لعيوب الديمقراطية التي قامت فيها "القلة الغامضة والجواسيس والعصابات الإجرامية بلف مخالبها حول المؤسسات الأساسية في البلاد".
ويصور بيفسكي نفسه على أنه مدافع عن القضاة وأجهزة الأمن، ويصر على أنه يضع البلاد على مسار مؤيد للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
أولوية الاقتصاد في كرواتيا
يمثل التعافي بعد فيروس كورونا وحالة الاقتصاد في مقدمة اهتمامات كرواتيا، حيث يمكن معاقبة حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي الحاكم من قبل الناخبين الذين يشعرون أنه فشل في السيطرة على ما أصبح الآن أحد أعلى معدلات التضخم في أوروبا.
ويدافع رئيس الوزراء أندريه بلينكوفيتش، الذي قد يحصل على منصب رفيع في الاتحاد الأوروبي، عن "أوروبا موحدة"، فيما تشير استطلاعات الرأي أنه قد يحصل على 68% من الأصوات، مدفوعاً بالمخاوف الأمنية على طول حدود الاتحاد الأوروبي الواسعة لكرواتيا.
الأقلية الروسية في لاتفيا
تركزت الحملة الأوروبية في لاتفيا، على الجهود المبذولة للتعامل مع الأقلية الناطقة بالروسية في البلاد.
ومن المقرر أن تحصل الأحزاب الثمانية في البلاد على واحد من مقاعد لاتفيا التسعة في البرلمان الأوروبي، وفق "بوليتيكو".
ويبدو أن التحالف الوطني اليميني"، هو المرشح الأبرز للفوز بالانتخابات الأوروبية؛ فبالاستناد إلى فضيحة الإنفاق التي أدت إلى استقالة وزير الخارجية كريشانيس كارينش في مارس الماضي، يقدم التحالف نفسه كبديل "نظيف" للأحزاب السائدة الفاسدة.
وحتى لو حصل القوميون على أكبر عدد من الأصوات، فمن المتوقع أن يحصل فالديس دومبروفسكيس، زعيم حزب الوحدة الجديدة، على مقعد في بروكسل.
ظروف العمل في ليتوانيا
يبدو أن الانتخابات في ليتوانيا ستكون بمثابة استفتاء على اتحاد الوطن الحاكم.
ومن المتوقع أن يحصل الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إلى يسار الوسط على ما يقرب من ضعف عدد الأصوات التي يحصل عليها منافسوه الحاكمون من يمين الوسط، مما يسلط الضوء على الاستياء المتزايد من حكومة البلاد.
وهيمنت المخاوف الداخلية بشأن التهديد الذي تشكله روسيا على المناقشات التي سبقت التصويت، لكن الأحزاب اليسارية تمكنت أيضاً من توجيه النقاش نحو ظروف العمل داخل الدولة الواقعة في منطقة البلطيق، وتستخدم الحملة للدعوة إلى زيادة الأجور، ورفع الحد الأدنى للأجور وتحديد أسبوع عمل مدته أربعة أيام.
ويسعى مرشح الخضر الحالي فيرجينيوس سينكفيسيوس، إلى البقاء في بروكسل كعضو في البرلمان الأوروبي خلال الفترة المقبلة.