إسرائيل تغلق مداخل حي الشيخ جراح بعد مواجهات

time reading iconدقائق القراءة - 6
قوات الأمن الإسرائيلية تلقي الغاز المسيل للدموع على متظاهرين فلسطينيين في البلدة القديمة بالقدس، 29 أبريل 2021 - AFP
قوات الأمن الإسرائيلية تلقي الغاز المسيل للدموع على متظاهرين فلسطينيين في البلدة القديمة بالقدس، 29 أبريل 2021 - AFP
القدس - الشرق

أغلقت القوات الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، مداخل حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، ومنعت الدخول إليه أو الخروج منه، وذلك مع استمرار الاحتجاجات المتضامنة مع أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء لصالح المستوطنين.

ولفت اتحاد الإذاعات العربية، نقلاً عن شهود، بأن القوات الإسرائيلية أغلقت مداخل الحي بالحواجز الحديدية، ومنعت المقدسيين من الوصول إليه للتضامن مع أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء، في حين لفتت إلى اعتقال 5 فلسطينيين من بينهم 3 من عائلة واحدة، خلال قمعها للتظاهرات التي اندلعت رغم الإغلاق. 

ولفتت وكالة الأنباء الفلسطينية إلى أن القوات الإسرائيلية أطلقت الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية في محيط المنازل المهدد بالاستيلاء عليها. 

وكانت المواجهات التي اندلعت ليل الاثنين الثلاثاء، أسفرت عن اعتقال شخصين، وإصابة 10 آخرين.

وتأتي الاحتجاجات في وقت تواجه عائلات فلسطينية أوامر بالإخلاء من حي الشيخ جراح، في إطار سعي الجمعيات الاستيطانية المتواصل لتهويد المنطقة، وإسكان مستوطنين يهود فيها، بالإضافة إلى قرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي أعطت مهلة حتى يوم الخميس، لممثلي سكان أربع عائلات في الحي، وممثلي منظمات يهودية تدعي امتلاكها لأراضي الحي، للتوصل إلى اتفاق.

ما قصة حي الشيخ جراح؟

ووفقاً لنبيل الكرد أحد سكان الحي المهدد بالإخلاء، بدأت القصة عام 1956 بعد عقد اتفاقية بين 28 عائلة فلسطينية تم تهجيرها من مدنها الأصلية في النكبة (1948)، وبين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والحكومة الأردنية.

وبموجب الاتفاق، قدم الأردن الأرض وتكاليف البناء، في حين قامت الوكالة بتشييد المباني مقابل تنازل العائلات عن بطاقات اللجوء التي وزعتها الوكالة على اللاجئين الفلسطينيين.

وبعد احتلال المدينة وتحديداً عام 1970، أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً يعيد الأراضي التي كانت بملكية يهودية قبل عام 1948 إلى أصحابها. بعدها بعامين ادعت مؤسسات يهودية امتلاكها للأرض وفق القانون الجديد، وعرضت وثائق عثمانية أمام دائرة أراضي إسرائيل، التي وافقت على تسجيل ملكية الأرض لهذه الجمعيات من دون العودة إلى سكان الحي، التي باعت لاحقاً حقوق ملكيتها التي حصلت عليها إلى جمعيات استيطانية تخطط لإنشاء مستوطنة في الحي، بعد اخلاء البيوت وهدمها. 

وقال المحامي حسني أبو حسين، وكيل السكان الفلسطينيين في الحي، في حديث لـ"الشرق"، إن "هذه الأراضي لم تمر بعملية تسوية وتسجيل قانونية، لا في الفترة العثمانية، ولا في فترة الانتداب البريطاني".

وأضاف أن "الوثائق التاريخية الوحيدة المتعلقة بكرم الجاعوني في حي الشيخ جراح هي قرارات المحاكم العثمانية التي كانت تعطى عند نقل ملكية الأراضي"، مشيراً إلى أن في أرشيف المحكمة هناك وثيقتان لهما علاقة بالمنطقة، الأول سنة 1776 ميلادي، والثاني عام 1303 هجري (بين 1885 و1886).

ووفقاً للمصدر نفسه، فإن هذه القرارات تؤكد أن أرض كرم الجاعوني الشهير ملك لعائلة صدّيق حجازي السعدي، التي تعتبر عائلة عريقة في حارة السعدية الموجودة في البلد القديمة"، لافتاً إلى أن "الوثيقة الثانية تشير إلى أن عائلة حجازي صاحبة الحق في 75% من قطعة الأرض المسماة بالكرم الجاعوني". 

ويحاول مستوطنون يهود بدعم من المحاكم الاستيلاء على منازل في الشيخ جراح بدعوى أن عائلات يهودية عاشت هناك وفرت في حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل. لكن إسرائيل لا تقوم بالمقابل بإعادة أملاك وبيوت إلى فلسطينيين فقدوها ويسكنها يهود.

وتسعى الجمعيات اليهودية المطالبة بالأملاك حالياً إلى إخلاء منازل 58 فلسطينياً آخرين، وفقاً لمنظمة السلام الآن. ومن المقرر أن تعلن المحكمة العليا الإسرائيلية حكمها في شكاوى رفعتها أربع من العائلات الفلسطينية الخميس.

ويتجمع معارضو عمليات الإخلاء بانتظام كل يوم جمعة في حي الشيخ جراح للاحتجاج، بمن فيهم النائب اليهودي الإسرائيلي عوفر كاسييف الذي صُور الشهر الماضي وهو يتعرض للضرب بأيدي الشرطة. 

الرواية الإسرائيلية

ووفق رواية المنظمات الاستيطانية المنشورة في إسرائيل، فإن الأردن لم يقم بمصادرة أراضي الشيخ جراح بعد سيطرته على المدينة عام 1948، وإنما أخضعها لصلاحيات القيّم على أملاك العدو، وبالتالي فإن خطوة الحكومة الأردنية بالاتفاق مع "أونروا" كانت خاطئة وغير قانونية. وبعد احتلال إسرائيل للجزء الشرقي من المدينة، عادت الأرض لملكية إسرائيل ومؤسساتها المختصة، التي قامت بدورها بإعادتها إلى الجمعيات اليهودية وفق ما نص عليه القانون الإسرائيلي الجديد من عام 1970. 

لكن مدير "مركز القدس للخدمات الحقوقية والاجتماعية"، زياد الحموري، قال في حديث لـ"الشرق"، إن إسرائيل "دولة قامت على تشريد الفلسطينيين، وما يتم في الشيخ جراح هو جزء من هذا التاريخ"، مؤكداً أن ادعاءاتهم "باطلة قانونياً".

وأضاف الحموري أن "70% من العقارات المشتملة على بنايات وأراض هي ملك للسكان المقدسيين المقيمين في شرق المدينة منذ عام 1948، قامت إسرائيل بمصادرة أملاكهم وفق قانون أملاك الغائبين، فيما سنت قوانين تعطي اليهود الحق باسترداد أراضٍ كانت في ملكيتهم قبل عام 1948، وذلك على الرغم من أن جزءاً من هذه الادعاءات يقوم على وثائق مزورة. وبالتالي فالقضية هي قضية سياسية وليست قضية قانونية".

يقع حي الشيخ جراح على بعد خطوات من باب العامود، المدخل الرئيسي للبلدة  القديمة الذي جرت فيه مواجهات عنيفة خلال الأيام الماضية، وما زالت تجري مناوشات بين وقت وآخر بين شبان فلسطينيين وقوات الشرطة الاسرائيلية.

ووقعت الاحتجاجات الأخيرة الليلية في رمضان بعد أن منعت الشرطة الإسرائيلية الوصول إلى باب العامود. وقمعت الشرطة تلك الاحتجاجات بالقنابل الصوتية وخراطيم المياه والمياه العادمة قبل أن تزيل الحواجز التي نصبتها.

وقال رئيس لجنة حي الشيخ جراح، عارف حماد، في تصريحات لـ"الشرق": "الحقيقة أننا أمام محاكم مستوطنين، تحت ظل حكومة تدعم المستوطنين، لكننا سنبقى صامدين هنا في بيوتنا ندافع عن وجودنا فيها حتى الرمق الأخير".