تحقيق قضائي إسرائيلي في انتهاكات ضد محتجزين فلسطينيين بقاعدة "سيديه تيمان" العسكرية

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة لمعسكر "سديه تيمان" في صحراء النقب جنوب إسرائيل. 06 يونيو 2024 - nytimes.com
صورة لمعسكر "سديه تيمان" في صحراء النقب جنوب إسرائيل. 06 يونيو 2024 - nytimes.com
دبي/ القدس -الشرقرويترز

قال ممثلو ادعاء المحكمة العليا في إسرائيل، الأربعاء الماضي، إن تل أبيب ستوقف تدريجياً استخدام معسكر "سديه تيمان"، الذي افتُتح بعد 7 أكتوبر الماضي لاحتجاز فلسطينيين من قطاع غزة، بعد شهادات تفيد بتسجيل انتهاكات جسيمة بحق السجناء.

وأضاف ممثلو الادعاء للمحكمة العليا، إن "السجناء في معسكر سديه تيمان سينقلون تدريجياً لمنشآت احتجاز دائمة، لافتين إلى أن عمليات النقل بدأت وأن أغلب السجناء سيوزعون على منشآت أخرى في غضون أسبوعين، ما يسمح بتحسين ظروف الاحتجاز في الوقت الراهن.

وقال ممثل الادعاء، أنير هيلمان، في رد على التماس رفعته جمعية حقوق المواطن في إسرائيل للمحكمة، إن "700 معتقل نقلوا بالفعل إلى سجن عوفر العسكري بالضفة الغربية، ومن المقرر نقل 500 آخرين في الأسابيع المقبلة، ما يعني وصول العدد في سديه تيمان إلى 200 فرد لم يحسم أمرهم حتى الآن".

وذكرت جمعية حقوق المواطن في بيان، صدر في أبريل الماضي، أن المعتقلين المفرج عنهم من المعسكر "تحدثوا عن احتجازهم في أقفاص مكتظة وتقييد أيديهم وعصب أعينهم طوال الوقت وتعرضهم لمجموعة متنوعة من صور المعاملة المهينة في انتهاك صارخ للالتزامات القانونية تجاه المعتقلين".

ويحقق الجيش الإسرائيلي في مزاعم إساءة معاملة المعتقلين، وفي تقارير تفيد بوفاة ما يصل إلى 27 سجيناً فلسطينياً أثناء الاحتجاز، إذ قال متحدث عسكري إن "التحقيقات لا تزال جارية، وبالتالي لن ندلي بمزيد من التعليقات في هذه المرحلة".

وقال البيان العسكري، إن "أي إساءة إلى المعتقلين، سواء أثناء احتجازهم أو استجوابهم، تمثل انتهاكاً للقانون وتوجيهات الجيش الإسرائيلي، ومن ثم فهي محظورة تماماً".

وأضاف بيان الجيش، أنه "يتعامل مع أي أعمال من هذا النوع، والتي تتعارض مع قيمه، بأقصى قدر من الجدية، ويفحص بدقة الادعاءات الملموسة المتعلقة بإساءة معاملة المعتقلين".  

قاعدة "سيديه تيمان"

وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإنه خلال الحروب السابقة على قطاع غزة، بما في ذلك الصراع الذي استمر 50 يوماً في عام 2014، احتجزت قاعدة "سديه تيمان" العسكرية بشكل متقطع أعداداً صغيرة من الأسرى من سكان غزة.  

وتم اختيار القاعدة، التي تعد مركز قيادة ومستودعاً للمركبات العسكرية، لأنها قريبة من غزة وتضم موقعاً للشرطة العسكرية، التي تشرف على مرافق الاحتجاز العسكرية.

وفي أكتوبر، بدأت إسرائيل في استخدام الموقع لاحتجاز الأشخاص الذين تم القبض عليهم في إسرائيل خلال الهجوم الذي قادته حماس، وإيوائهم في حظيرة دبابات فارغة. 

وبمجرد بدء الحرب التي تدخل شهرها الثامن، بدأت القاعدة في استقبال عدد كبير من الفلسطينيين، إلى حد أن الجيش أعاد تجهيز 3 حظائر أخرى لاحتجازهم وحول مكتباً للشرطة العسكرية لخلق مساحة أكبر للاستجواب، وفقاً لما نقلته "نيويورك تايمز" عن قادة عسكريين إسرائيليين. 

وأضاف القادة، أنه بحلول أواخر مايو، تضمنت القاعدة 3 مواقع احتجاز، حيث يتم حراسة المعتقلين من قبل الشرطة العسكرية، والخيام القريبة حيث يتلقى المعتقلون علاجاً من قبل الأطباء العسكريين، ومنشأة استجواب في جزء منفصل من القاعدة يعمل بها ضباط استخبارات من مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي. 

ويُصنف المعتقلون على أنهم "مقاتلين غير شرعيين" بموجب التشريعات الإسرائيلية، ويمكن احتجازهم لمدة تصل إلى 75 يوماً، دون إذن قضائي و90 يوماً، دون الوصول إلى محام. 

ظروف مُهينة

ونشرت الصحيفة تقريراً، استعرضت خلاله ظروف احتجاز الفلسطينيين، الذين عُزلوا عن العالم الخارجي، ومُنعوا لأسابيع من الاتصال بالمحامين أو الأقارب. 

وقد سمح الجيش الإسرائيلي، الذي لم يسمح من قبل لوسائل الإعلام بالدخول، لصحيفة "نيويورك تايمز" برؤية جزء من منشأة الاحتجاز لفترة وجيزة، فضلاً عن إجراء مقابلات مع قادتها ومسؤولين آخرين، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم. 

وبعد أن كان ثكنة عسكرية يلفها الغموض، أصبحت "سديه تيمان" مركز استجواب مؤقت ومحل اتهام رئيسي للجيش الإسرائيلي بإساءة معاملة المعتقلين، بما في ذلك الأشخاص الذين تم تحديدهم لاحقاً على أنهم لا تربطهم أي علاقات بحركة "حماس" أو غيرها من الجماعات.  

وقال قادة المنشأة، إنه بحلول أواخر مايو الماضي، "كان 4 آلاف معتقل من غزة قد أمضوا ما يصل إلى 3 أشهر، وبعد الاستجواب، تم إرسال حوالي 70% من المعتقلين إلى سجون بنيت خصيصاً لهذا الغرض لإجراء المزيد من التحقيقات والملاحقات القضائية".

وأردفوا: "أما البقية، الذين لا يقل عددهم عن 1200 شخص، فقد تبين أنهم مدنيون، وأُعيدوا إلى غزة، دون توجيه اتهامات إليهم أو اعتذار أو تعويض". 

ووجد تحقيق الصحيفة، أن هؤلاء كانوا محتجزين في ظروف مهينة، دون القدرة على الدفاع عن أنفسهم أمام قاض، لمدة تصل إلى 75 يوماً، كما حُرموا من الوصول إلى المحامين لمدة تصل إلى 90 يوماً، وحُجب مكانهم عن جماعات حقوق الإنسان وكذلك عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ما اعتبره بعض الخبراء القانونيين "انتهاكاً" للقوانين الدولية.  

وقال 8 معتقلين سابقين إنهم تعرضوا لـ"اللكم والركل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز الكشف عن المعادن المحمول باليد أثناء الاحتجاز، كما تعرضوا لتعذيب والضرب على أعضائهم التناسلية". 

ووصفوا ملابسات اعتقالهم، بأنهم قُيدوا معصوبي الأعين ومقيدين بأصفاد بلاستيكية ومجردين من ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية، حتى يتمكن الجنود الإسرائيليون من التأكد من أنهم غير مسلحين.

في حين، قال أحدهم إن ضلوعه كُسرت بعد أن ضربه أحدهم بركبته في صدره، كما أشار 7 معتقلين إلى إجبارهم على ارتداء حفاضات أثناء استجوابهم، فيما قال 3 آخرين إنهم خضعوا لصدمات كهربائية أثناء استجوابهم.  

35 وفاة

ووفقاً لضباط إسرائيليين، فقد لقي 35، من بين 4 آلاف معتقل فلسطيني احتجزوا في "سديه تيمان"، مصرعهم منذ أكتوبر، إما داخل الموقع، أو بعد نقلهم إلى المستشفيات المدنية القريبة. 

وأشار الضباط إلى أن بعض المعتقلين لقوا حتفهم جراء جروح أو أمراض أصيبوا بها قبل اعتقالهم، ونفوا أن يكون أي منهم قد مات بسبب سوء المعاملة.

وقد ترددت معظم هذه الادعاءات في المقابلات التي أجراها مسؤولون من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".  

وأجرت الوكالة مقابلات مع مئات المعتقلين العائدين الذين أفادوا عن "انتهاكات واسعة النطاق" وقعت لهم بمرافق الاحتجاز الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب والصعق بالكهرباء. 

وقال جندي إسرائيلي خدم في الموقع، إن زملائه الجنود كانوا "يتفاخرون بضرب المعتقلين بانتظام"، مشيراً إلى أنه رأى "علامات تشير إلى تعرض العديد من الأشخاص لمثل هذه المعاملة".

وخلال الزيارة، قال كبار الأطباء العسكريين إنهم لم يلاحظوا أي علامات تعذيب على الإطلاق، فيما ذكر القادة أنهم حاولوا معاملة المعتقلين معاملة إنسانية قدر الإمكان، وأكدوا أن ما لا يقل عن 12 جندياً تم فصلهم من خدمتهم في الموقع، بعضهم بسبب "الاستخدام المفرط للقوة".  

وأكد العديد من الفلسطينيين أنهم كانوا مشتبه بهم في أنشطة مسلحة، لأن الجنود واجهوهم في مناطق يعتقد الجيش أنها تؤوي مقاتلي "حماس"، بما في ذلك المستشفيات أو مدارس الأمم المتحدة أو الأحياء المهجورة.

وتعرضت إسرائيل لضغوط دولية متزايدة جراء معاملتها لآلاف الفلسطينيين المعتقلين في غزة والضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي، إذ أوضحت وكالة "الأونروا" في تقرير صدر في أبريل الماضي، تلقيها العديد من التقارير من المعتقلين عن سوء المعاملة التي شملت الضرب والترهيب والمضايقة.

وأشار رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدورة فارس، إلى "شهادات مروعة" من المعتقلين السابقين عن إساءة المعاملة في "سديه تيمان" ومواقع أخرى، وطالب بإجراء تحقيق دولي.

وقال فارس: "لا ينبغي لإسرائيل أن تحقق في وقائع هي من ارتكبها. يجب أن تتولى التحقيق جهة دولية محايدة، وأن يجريه قضاة وخبراء ومتخصصون".

تصنيفات

قصص قد تهمك