أطلق الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون، في باريس، تصريحات تعبر عن التحالف وتطابق وجهات النظر، لكن الأمر ليس كذلك على أرض الواقع، لا سيما فيما يتعلق بحرب غزة والحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى الصين وملف العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والولايات المتحدة.
وقال بايدن: "نقف بحزم إلى جانب حلفائنا، لن نتوانى. فرنسا والولايات المتحدة معاً اليوم وإلى الأبد"، فيما قال ماكرون: "نحن حلفاء وسنبقى حلفاء".
وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة التنسيق المتزامن بين البلدين، وأضاف: "رغبتنا فعلاً أن نتمكن من المضي نحو تنسيق متزامن لاقتصاداتنا، من حيث التنظيم ومستوى الاستثمار من الصناعات الصديقة للبيئة إلى الذكاء الاصطناعي".
وتشكل القضايا التجارية مصدر توتر بين البلدين، منذ أن قررت "واشنطن تقديم مساعدة كبيرة لدعم الشركات العاملة بقطاع تحويل الطاقة وتستثمر في الولايات المتحدة".
من جهة أخرى، وبحسب ماكرون، اتفق الرئيسان على أن "ممارسات الصين قد تكون غير عادلة"، والتي تولد "قدرات فائضة"، وفي مواجهة ذلك، "علينا أن نتصرف بطريقة منسقة".
وكان الرئيس الفرنسي استقبل، في مايو، نظيره الصيني شي جين بينج الذي قام بزيارة دولة.
حرب أوكرانيا
وقبل أيام قليلة من اجتماع لمجموعة السبع، التزم الرئيسان بـ"خريطة طريق" مشتركة "لدعم الجهود" من أجل "السماح لأوكرانيا بالاستفادة من الأرباح الكبيرة من الأصول السيادية الروسية المجمدة".
لكن واشنطن لا توافق على كل مقترحات الرئيس الفرنسي، مثل احتمال إرسال مدربين عسكريين إلى الأراضي الأوكرانية.
ومع ذلك، أشاد ماكرون بـ"وضوح وإخلاص الشريك الذي يحب الأوروبيين ويحترمهم"، في انتقاد منه للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وسط مخاوف من عودته إلى البيت الأبيض إذا فاز بانتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في نوفمبر.
ويهدد ترمب بانتظام بعدم المشاركة في حماية الأوروبيين في مواجهة روسيا داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذا أعيد انتخابه في نوفمبر، مشترطاً أن يزيدوا مساهماتهم المالية في المنظومة الأطلسية.
حرب غزة
في حرب غزة، يعد بايدن من أشد مؤيدي الهجوم الإسرائيلي في غزة، فيما تنأى فرنسا بنفسها عن الطريقة التي يدير فيها الجيش الإسرائيلي عملياته.
على سبيل المثال، ألغت باريس في الآونة الأخيرة مشاركة شركات تصنيع أسلحة إسرائيلية في معرض الدفاع الأوروبي الكبير يوروساتوري.
ورحب بايدن وماكرون بإطلاق سراح 4 رهائن إسرائيليين في غزة، لكن الرئيس الأميركي قال إن الولايات المتحدة ستواصل العمل حتى إطلاق سراح جميع المحتجزين في القطاع، مضيفاً: "لن تتوقف مساعينا حتى يعود جميع الرهائن إلى ديارهم".
أول زيارة دولة لفرنسا
واستقبل ماكرون بكل حفاوة ضيفه بايدن الذي يقوم بأول زيارة دولة لفرنسا في ختام الاحتفالات بالذكرى الثمانين لإنزال قوات الحلفاء في نورماندي، الذي مهد للانتصار على ألمانيا النازية عام 1944.
وبعد مراسم في قوس النصر، سارت سيارة الرئيس الأميركي، وهي ليموزين تحمل شعار البيت الأبيض، على جادة الشانزليزيه برفقة 140 حصاناً، و38 دراجة نارية من الحرس الجمهوري.
واستضاف الرئيس الفرنسي وزوجته في قصر الإليزيه بايدن وزوجته جيل على غداء عمل، كما أقام ماكرون وزوجته بريجيت عشاء رسمياً على شرفهما بحضور العديد من المدعوين.
ووصل الرئيس الأميركي إلى باريس، الأربعاء، وانتقل إلى منطقة نورماندي شمال غرب البلاد، حيث شارك اعتباراً من الخميس في مراسم إحياء الذكرى الثمانين.
وبعد زيارة الدولة، السبت، يزور بايدن المقبرة الأميركية، الأحد، قبل أن يغادر إلى بلاده.
ومن المرجح أن تثير هذه النشاطات الدبلوماسية انتقادات إضافية لماكرون المتهم من خصومه باستغلال محطات دبلوماسية هذا الأسبوع لخوض حملة للانتخابات الأوروبية المقررة في فرنسا، الأحد.
تحسن العلاقات
وشهدت الأشهر الماضية تحسناً في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، لا سيما بين بايدن وماكرون شخصياً، بعد التوترات التي شهدتها في أعقاب "فسخ أستراليا من دون سابق إنذار في سبتمبر 2021، عقداً ضخماً للحصول على غواصات تعمل بالطاقة التقليدية من فرنسا"، والاستعاضة عنه "بشراء غواصات تعمل بالدفع النووي في تعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا".
وأعقبت ذلك أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن، كانت من الأكثر حدة بين الطرفين منذ عقود، قبل أن تعود العلاقات بين الحليفين التاريخيين تدريجاً إلى مسارها الطبيعي.
وفي مسعى لطي صفحة التوترات، كان ماكرون أول رئيس أجنبي يجري زيارة دولة للولايات المتحدة بعد تولي بايدن الرئاسة، وذلك في ديسمبر 2022.