يعد بيني جانتس الذي استقال من حكومة الحرب الإسرائيلية، ويطمح للإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سياسياً وسطياً تولى سابقاً منصبي رئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع.
وانضم جانتس، الذي بلغ الأحد 65 عاماً من العمر، إلى حكومة الحرب برئاسة نتنياهو وأصبح وزيراً من دون حقيبة في إدارة منافسه التي سميت "حكومة الوحدة".
وعندما قرر إطلاق "حزب الوحدة الوطنية" من يمين الوسط عام 2019، محدداً هدفاً صريحاً بإزاحة نتنياهو عن السلطة، كان جانتس يفتقر إلى الخبرة السياسية الواسعة، لكن بعد 5 سنوات على ذلك، يأمل الوزير المستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية، الاستفادة من النقمة الشعبية على خلفية إخفاق نتنياهو في إعادة المحتجزين بقطاع غزة منذ أكثر من 8 أشهر على اندلاع الحرب.
وبدأت الحرب إثر هجوم شنته "حماس" في 7 أكتوبر على مواقع عسكرية ومستوطنات جنوب إسرائيل وأودى بحياة 1194 شخصاً وفق بيانات رسمية إسرائيلية.
وخلال هذا الهجوم، احتجز مقاتلوا "حماس" 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم، وردت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية قتلت حتى الآن ما لا يقل عن 37 ألف شخص في غزة، معظمهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
وعندما وافق على الانضمام لحكومة الحرب، قال جانتس الذي كان أحد زعماء المعارضة الرئيسيين آنذاك: "إسرائيل فوق كل اعتبار"، لكن في كلمة متلفزة الأحد، اعتبر أن "نتنياهو يمنعنا من المضي نحو نصر حقيقي. ولهذا السبب نترك حكومة الطوارئ اليوم بقلب مثقل، لكن بإخلاص تام".
ومن غير المتوقع أن تؤدي استقالة جانتس إلى إسقاط الحكومة المشكلة من ائتلاف يضم أحزاباً دينية وقومية متطرفة، إلا أنها الضربة السياسة الرئيسية الأولى التي يتلقاها نتنياهو خلال الحرب، ما يعكس الضغوط الداخلية المتنامية بشأن إدارته للوضع.
"وحده القوي يستمر"
في مارس الماضي، أثار بيني جانتس غضب حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو عندما قام بزيارة رسمية لواشنطن من دون التنسيق مع الأخير.
واستمرت مناوراته السياسية في الأسابيع التالية، داعياً إلى انتخابات تشريعية مبكرة، موجهاً تحذيراً لنتنياهو مفاده إما أن يقبل بخطة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة بحلول 8 يونيو، وإلا سيستقيل من الحكومة.
والشهر الماضي، قال "حزب الوحدة الوطنية" الذي يتزعمه إنه تقدم باقتراح قانون لحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة لا يملك فرصاً كبيرة للفوز بها في مواجهة ائتلاف نتنياهو.
ومنذ دخوله المعترك السياسي خاض جانتس معارك انتخابية عدة ضد نتنياهو من دون إلحاق هزيمة فعلية به، ولطالما حاول الاعتماد على خلفيته العسكرية ناشراً عام 2019 مقاطع مصورة خلال حملته الانتخابية بعنوان "وحده القوي يستمر" ركزت على العمليات العسكرية في غزة.
كما شكل جانتس تحالفاً للتناوب على السلطة مع نتنياهو في مايو 2020، وذلك في محاولة لمواجهة جائحة كورونا، إلا ان نتنياهو لم يحترم الاتفاق، ما أدى إلى تنظيم انتخابات جديدة عام 2021، انضم جانتس بنتيجتها إلى ائتلاف حكومي جديد بقيادة يائير لبيد.
وفي مقابلة صحافية عام 2022، قال جانتس: "آمل أن أكون قادراً على جمع أكبر عدد ممكن من الأحزاب من حولي، ووضع حدٍّ لنير نتنياهو السياسي، وتشكيل حكومة من دون الاعتماد على التطرف".
إلا أن جهوده فشلت وتمكن نتنياهو من تشكيل ائتلاف بدعم من أحزاب اليمين المتطرف.
ورجّح محللون ألا يتمكن جانتس من إزاحة بنيامين نتنياهو عن السلطة حتى في الوقت الراهن.
وقال المحلل السياسي إيلان جريلسامر: "تراجع جانتس كثيراً في استطلاعات الرأي، لأنه ينظر إليه على أنه غير صارم ومتردد جداً، ومتساهل مع نتنياهو".
صورة الصقر
ولد جانتس عام 1959 في قرية كفار أحيم جنوب إسرائيل، لوالدين مهاجرين من رومانيا والمجر، ناجيين من المحرقة النازية. وقد حاول أن يُقدم نفسه على أنه من الصقور سياسياً.
ودعا إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجزء الأكبر من الضفة الغربية التي يحتلها الجيش منذ العام 1967، فضلاً عن ضم خور الأردن.
وفي شبابه، التحق جانتس بالجيش كمجنّد عام 1977 في سن الثامنة عشرة، ثم صار مظلياً ورُقّي إلى رتبة جنرال في 2001، قبل أن يُعيّن رئيساً للأركان من عام 2011 حتى 2015.
ورأى الصحافي المختص في الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس" عاموس هارل أن جانتس أن جانتس "لم يترك دمغة دائمة في الجيش، لكنه حافظ على صورة الاستقرار والنزاهة".
وفيما يسعى إلى ضرب المنظمات والجماعات المسلحة المسؤولة عن الهجمات ضد إسرائيل، انخرط جانتس في الوقت نفسه بمحادثات مع السلطة الفلسطينية، والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مناسبات عدة للبحث في "قضايا أمنية واقتصادية".
وفي أغسطس 2022، وبصفته وزيراً للدفاع، شنّ عملية خاطفة ضد حركة "الجهاد" في قطاع غزة استمرت 3 أيام، استخدم فيها الضربات الجوية والمدفعية.
وقتل الجيش الإسرائيلي في تلك العملية 49 فلسطينياً، واعتبر جانتس أنها "نجحت على المستوى العسكري"، مضيفاً: "لن نتردد في المستقبل في تنفيذ عمليات أخرى من هذا النوع".