رفضت المحكمة العليا الأميركية بالإجماع، الخميس، طلباً يهدف إلى تقييد حق النساء في الحصول على عقار ميفيبريستون المستخدم في غالبية حالات الإجهاض في الولايات المتحدة، في أول حكم رئيسي متعلق بالإجهاض، منذ إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض عبر قلب الحكم التاريخي في القضية المعروفة باسم "رو ضد ويد" في 2022.
وجاء في قرار المحكمة أن مجموعة الأطباء والجمعيات الطبية المناهضة للإجهاض التي قدمت الشكوى إلى المحكمة ضد إدارة الغذاء والدواء FDA، ليس لديها الحق القانوني لهذا الإجراء، وفشلت في إثبات تعرضها للأذى، لأنها لا تصف هذا الدواء للمرضى ومن ثم لا حق لديها للمطالبة بمنعه.
وعلى الرغم من الحكم، لا يزال حصول النساء على الميفيبريستون يعتمد إلى حد كبير على قوانين كل ولاية على حدة، حيث تسمح حوالي نصف الولايات فقط بالوصول الكامل للعقار بموجب الشروط التي وافقت عليها الحكومة الفيدرالية.
وفي سبتمبر 2000، وافقت الولايات المتحدة لأول مرة على استخدام الميفيبريستون كعقار طبي خلال 7 أسابيع من بدء الحمل. وفي عام 2016، تقرر تمديد اعتماد استخدامه إلى 10 أسابيع من الحمل. وبحسب إدارة الغذاء والدواء فقد لجأت إليه 5,6 ملايين امرأة لإنهاء حملهن في الولايات المتحدة منذ ترخيصه.
ماذا قررت المحكمة العليا؟
قال قضاة المحكمة العليا إن الأطباء المناهضين للإجهاض الذين رفعوا القضية ليس لديهم الحق القانوني لمقاضاة إدارة الغذاء والدواء بشأن سلامة الدواء، لأنهم لم يتأثروا بشكل مباشر بسياسات إدارة الغذاء والدواء، وهي القواعد التي تسمح للمرضى بالحصول على الأدوية عن طريق التطبيب عن بعد وعبر البريد دون تقييم حضوري، وفق "بوليتيكو".
وفي قرارهم قال قضاة المحكمة العليا إن "المدعين لم يبرهنوا أن تخفيف قواعد إدارة الغذاء والدواء يمكن أن يضر بهم". وأضاف القرار أنه "لهذا السبب فإن المحاكم الفيدرالية ليست الطريق المناسب للرد على مخاوف المدعين بشأن إجراءات إدارة الغذاء والدواء".
وأوضح القرار أن بإمكان المدعين مراجعة السلطتين التنفيذية أو التشريعية للاعتراض على إجراءات الوكالة الفيدرالية المنوطة بتنظيم قطاع الدواء والغذاء في البلاد.
وتمثل هذه القضية أول قضية إجهاض كبرى تُعرض على المحكمة منذ قرارها عام 2022 بإبطال قضية رو ضد وايد وإلغاء الحق الدستوري الفيدرالي في الإجراء الذي اعترفت به منذ عام 1973.
وأدى هذا الحكم إلى انقسام شديد في المحكمة بشأن وجهات النظر الدستورية بشأن الحقوق الفردية. وأطلق سلسلة من المعارك على مستوى الولايات، التي وسعت نطاق الوصول إلى الإجهاض في شمال شرق البلاد وساحل المحيط الهادئ بينما حظرت هذا الإجراء إلى حد كبير في معظم الجنوب وأجزاء من الغرب الأوسط.
ما هو عقار الميفيبريستون؟
يوصف الميفيبريستون لإنهاء الحمل عن طريق توسيع عنق الرحم ومنع هرمون البروجسترون، وهو ضروري للحفاظ على الحمل. وعادةً ما يتم تناوله مع دواء ثانٍ، وهو الميسبروستول، الذي يتسبب في تشنج الرحم وتقلصه. يتم استخدام نظام الدواء المزدوج لإنهاء الحمل خلال 10 أسابيع.
ماذا يعني الحكم بالنسبة لوضع الميفيبريستون؟
يظل الميفيبريستون معتمداً بالكامل ومتوفراً بموجب إطار إدارة الغذاء والدواء الحالي، والذي يسمح بوصفات الرعاية الصحية عن بعد وتسليم البريد للمرضى. وقامت إدارة الغذاء والدواء أيضاً بتوسيع نطاق التوفر ليشمل سلاسل الصيدليات الكبيرة وسمحت بوصف الدواء من قبل الممرضات وغيرهم من المهنيين الصحيين.
وأدت هذه السياسات إلى زيادة وصف الميفيبريستون، الذي كان يمثل ما يقرب من ثلثي جميع حالات الإجهاض في الولايات المتحدة العام الماضي، وفق "أسوشييتد برس".
ويتم تقييد الوصول إلى الحبوب في عدد من الولايات بسبب القوانين التي تحظر الإجهاض (بما في ذلك الإجهاض الدوائي) بشكل مباشر أو تفرض قيوداً منفصلة على استخدام الدواء.
ماذا قالت الشركة؟
قالت شركة دانكو، وهي شركة مصنعة للميفيبريستون، إنها "مسرورة بقرار المحكمة العليا في هذه القضية البالغة الأهمية".
وذكرت أبيجيل لونج، المتحدثة باسم دانكو، أن الحكم "حافظ على استقرار عملية الموافقة على الأدوية من قبل إدارة الغذاء والدواء، والتي تعتمد على خبرة الوكالة والتي يعتمد عليها المرضى ومقدمو الرعاية الصحية وصناعة الأدوية الأميركية"، وفق شبكة "CNN".
وقالت لونج في بيان: "القرار يضمن أيضاً الوصول إلى دواء له عقود من الاستخدام الآمن والفعال".
كيف تؤثر قوانين الولاية على الوصول إلى الميفيبريستون؟
تسمح حوالي نصف الولايات الأميركية بوصف الميفيبريستون عبر الإنترنت وتسليمه عبر البريد، بما يتوافق مع ملصق الدواء الخاص بإدارة الغذاء والدواء.
حالياً، تطبق 14 ولاية حظراً على الإجهاض في جميع مراحل الحمل. فيما أكثر من 12 ولاية أخرى لديها قوانين تحد على وجه التحديد من كيفية وصف دواء الميفيبريستون، مثل اشتراط زيارة شخصية مع الطبيب أو استشارة منفصلة بشأن المخاطر والجوانب السلبية للدواء.
ما مدى أمان وفعالية الميفيبريستون؟
قدمت إدارة الغذاء والدواء وإدارة بايدن العديد من الطعون القانونية التي تؤكد سلامة الدواء وفعاليته.
ويؤدي الميفيبريستون إلى إجهاض مكتمل بنسبة 97.4% من الحالات، وفقاً إدارة الغذاء والدواء. مثل جميع الأدوية، حبوب الإجهاض ليست فعالة بنسبة 100% وفي 2.6% من الحالات، كان هناك حاجة إلى تدخل جراحي لإكمال الإجهاض. في أقل من 1% من الحالات، يستمر الحمل.
في حالات نادرة، يمكن أن يسبب الميفيبريستون مضاعفات خطيرة بما في ذلك النزيف الزائد والالتهابات ومشاكل طارئة أخرى. وتحدث تلك الحالات في نسبة تقل عن 1% من جميع المرضى الذين يستخدمون الدواء، وفقاً لتصنيف إدارة الغذاء والدواء.
ما الخطوة التالية؟
يحتوي القرار الذي أعده القاضي كلارنس توماس على اقتراحات لطرق أخرى يمكن لمعارضي الإجهاض من خلالها تقديم تكييفات قانونية أو فرض قيود على العقار في الكونجرس أو من خلال السلطة التنفيذية.
وكتب القاضي بريت كافانو نيابة عن المحكمة: "يمكن للمدعين تقديم مخاوفهم واعتراضاتهم إلى الرئيس وإدارة الغذاء والدواء، أو إلى الكونجرس. وقد يعبرون أيضاً عن آرائهم بشأن الإجهاض والميفيبريستون لمواطنيهم، بما في ذلك في التجمعات السياسية والانتخابية".
وقال تحالف الدفاع عن الحرية، وهو مجموعة قانونية محافظة رفعت الدعوى نيابة عن الأطباء المناهضين للإجهاض، إنه "يشعر بخيبة أمل لأن المحكمة العليا لم تصل إلى حيثيات الإلغاء غير القانوني لإدارة الغذاء والدواء لمعايير السلامة المنطقية لعقار الإجهاض".
ماذا قال بايدن؟
سارع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الترحيب بقرار المحكمة العليا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن ذلك لا يغير واقع أن "النضال" من أجل الحق في الإجهاض "مستمر".
وقال في بيان، إن "هذا لا يغير واقع أن حق المرأة في الحصول على العلاج الذي تحتاجه مهدد، إن لم يكن مستحيلاً، في ولايات عديدة".