
أثار الإعلان الأميركي دعمه التنازل عن حماية الملكية الفكرية لبراءة اختراع لقاحات كوفيد 19، موجة من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة.
وكانت شركتا "فايزر" الأميركية و"بايونتيك" الألمانية وألمانيا، في مقدمة المعارضين لهذه الخطوة، إذ أكدتا الخميس، أن براءات اختراع لقاحات كورونا لا تعطّل إنتاج اللقاحات، أو توفير امداداتها في العالم.
وقالت "بايونتيك" في بيان لوكالة "فرانس برس"، إن "براءات الاختراع ليست العامل الذي يحد من إنتاج لقاحنا أو توفيره. وهي لن تزيد الإنتاج العالمي وإمدادات جرعات اللقاحات على المدى القصير والمتوسط"، في رفض ضمني لدعوة الولايات المتحدة إلى إلغاء براءات اختراع اللقاحات.
ولفتت الشركة الألمانية التي تتخذ مدينة ماينز مقراً، إلى أن العوائق تتراوح بين إنشاء مواقع تصنيع، وتأمين مصادر المواد الخام، إلى تأهيل الموظفين.
وحذرت الشركة من أنه "في حالة عدم استيفاء أي من هذه المتطلبات، لا يمكن ضمان جودة وسلامة وفاعلية اللقاحات من قبل الشركة المصنعة أو المبتكرة. وهذا قد يعرض صحة متلقي اللقاحات للخطر".
وشددت الشركة على التفاصيل الدقيقة في عملية الإنتاج، مشيرة إلى أنه إذا لم يتم استخدام بعض "المواد الخام الهامة والمحدودة الكمية" بالطرق الأكثر فاعلية، فقد يؤدي ذلك إلى نقص في الجرعات التي يتم تصنيعها.
وقالت "بايونتيك" إنها تمكنت بالفعل من زيادة إمداداتها من خلال الدخول في شراكات تصنيع مع شركات أدوية أخرى مثل "ميرك" و"نوفارتيس" و"سانوفي".
"تعزيز الإنتاج"
من جهته قال رئيس "فايزر" الأميركية، ألبرت بورلا، الخميس، إنه يعارض الاقتراح الذي تدعمه الإدارة الأميركية، مقترحاً بدلاً من ذلك تعزيز الإنتاج في المنشآت الموجودة حالياً.
وقال في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، إن شركته التي طورت لقاحها مع "بايونتيك" لا تؤيد "على الإطلاق" دعوة الولايات المتحدة للتنازل عن براءات الاختراع.
واعتبر بورلا أيضاً أن براءات الاختراع ليست العائق الرئيسي أمام زيادة الإنتاج، وأن بناء مصانع جديدة ستكون له نتائج عكسية.
وقال: "المشكلة هي أنه لا توجد منشآت في العالم خارج تلك التي يمكننا أن نبنيها بأنفسنا تستطيع صنع لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال"، في إشارة الى نوع اللقاح الذي طورته الشركتين.
وحذر بورلا بحزم من تعطيل العمليات الحالية "بإعلانات ذات دوافع سياسية"، مضيفاً: "إنها مجرد وعود وهمية".
ويعتبر لقاح "فايزر-بايونتيك" المضاد لكورونا أول لقاح جرى الموافقة على استخدامه في الغرب أواخر العام الماضي.
وتزود الشركة الآن أكثر من 90 دولة حول العالم باللقاحات، وتتوقع زيادة إنتاجها الى نحو ثلاثة مليارات جرعة بحلول نهاية العام، مقارنة بـ2,5 مليار جرعة متوقعة سابقاً.
"تحفظات شديدة"
ولم تقتصر المعارضة على الشركتين، بل امتدت إلى الحكومة الألمانية، التي أعربت عن "تحفظات شديدة" بشأن الاقتراح الذي أيدته الولايات المتحدة، وشددت على ضرورة أن تبقى "محميّة".
وقالت متحدثة باسم الحكومة لوكالة "فرانس برس" رداً على الموقف الأميركي، إن "حماية الملكية الفكرية هي مصدر الابتكار ويجب أن تظل كذلك".
"فائدة عالمية"
على الجانب الآخر، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، عن "تأييده التام لرفع الملكية الفكرية"عن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بعد أن كان متحفظاً"، وفقاً لوكالة "فرانس بريس"
وقال ماكرون لدى افتتاح أكبر مركز تلقيح في باريس: "علينا جعل هذا اللقاح فائدة عامة عالمية"، مشدداً على أن الأولوية على المدى القصير هي "التبرع بالجرعات" و"الإنتاج بالتعاون مع الدول الأكثر فقراً".
وكان الرئيس الفرنسي أعلن في 23 أبريل معارضته الرفع الفوري للملكية الفكرية، موضحاً أن المعارضة كانت تتعلق بنقل التكنولوجيا، بحسب الوكالة.
وتابع: "يمكنهم نقل الملكية الفكرية إلى شركات تصنيع الأدوية في إفريقيا، فليس لديهم منصة لإنتاج تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال، وموضوعنا هو نقل التكنولوجيا والمعرفة، بحيث تكون هناك منصات تنتج مثل هذه اللقاحات في إفريقيا، وهذا هو الهدف"، بحسب الوكالة.
مواكبة وتأييد روسي
من جهته أيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، فكرة إلغاء براءات الاختراع للقاحات كوفيد-19، وحضّ حكومته على النظر في إلغائها بالنسبة للقاحات الروسية، وفقاً لما ورد في وكالة "فرانس برس".
وقال بوتين في اجتماع متلفز: "نسمع من أوروبا فكرة جديرة بالاهتمام، وهي إلغاء براءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لكوفيد-19 برمتها"، مضيفاً أن "روسيا ستدعم خطوة كهذه". وتابع: "كما قلت مرّات عدة، علينا ألا نفكر في كيفية تحقيق الحد الأقصى من الأرباح، بل في كيفية ضمان سلامة الناس"، بحسب الوكالة.
استعداد أوروبي
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي "مستعد لمناقشة" الاقتراح الأميركي برفع حماية الملكية الفكرية للقاحات من أجل تسريع الإنتاج والتوزيع.
وقالت فون دير لايين إن "الاتحاد الأوروبي مستعد لمناقشة أي اقتراح من شأنه معالجة الأزمة بطريقة فعالة وعملية"، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
وأضافت: "نحن مستعدون لمناقشة كيف يمكن أن يحقق الاقتراح هذا الهدف"، داعيةً جميع الدول المنتجة للقاحات إلى "السماح بتصديرها".
تنازل مع نقل المعرفة
ورحب التحالف العالمي للقاحات والتحصين (غافي) الخميس، بالقرار الأميركي، وحث واشنطن على مساعدة الشركات المصنعة في نقل المعرفة لتعزيز الإنتاج العالمي.
وقال غافي لـ"رويترز" في بيان: "نقدر أهمية التزام إدارة بايدن بالعمل على زيادة إنتاج المواد الخام، الأمر الذي سيكون له تأثير فوري على تخفيف قيود الإمدادات العالمية الراهنة".
وأضاف: "من أجل تحقيق المساواة العالمية في الحصول على اللقاحات، يتعين على الولايات المتحدة ألا تدعم نقل حقوق الملكية الفكرية فحسب، وإنما نقل أيضاً المعرفة الفنية بهدف تعزيز الإنتاج العالمي على نحو عاجل".
وقال البيان: "يحث غافي المجتمع الدولي على تقاسم الجرعات مع كوفاكس على الفور لمساعدة البلدان الأكثر تضرراً من نقص الإمداد العالمي، والتي تحتاج بشكل عاجل إلى حماية سكانها الأكثر تعرضاً للخطر".
ويواجه غافي، الذي يرأس مبادرة "كوفاكس" للتوزيع العادل للقاحات مع منظمة الصحة العالمية، نقصاً كبيراً في إمدادات اللقاحات، بعدما علّقت الهند الصادرات، إذ تواجه موجة ثانية شرسة من جائحة كورونا.
وازداد زخم حملة إلغاء براءات الاختراع للقاحات دولياً، إذ يشير أنصار إلغائها إلى أن الدول الفقيرة تواجه صعوبات في حملاتها للتطعيم بينما تحمي الدول الأغنى حقوق الملكية الفكرية لشركات الأدوية العملاقة.
تأييد أميركي
وكانت ممثلة التجارة الأميركية كاثرين تاي، أكدت في بيان الأربعاء، أن حقوق الملكية الفكرية للشركات مهمة، لكن واشنطن "تدعم التنازل عن تلك الحماية للقاحات كوفيد-19"، وأن بلادها تشارك "بنشاط" في المفاوضات الجارية في منظمة التجارة العالمية حول رفع تلك البراءات.
وأقرّت كاثرين تاي بأن المفاوضات في منظمة التجارة العالمية "ستستغرق وقتاً نظراً للطبيعة التوافقية للمؤسسة، وتعقيد القضايا المطروحة"، مؤكدة أن "الهدف هو توفير أكبر عدد ممكن من اللقاحات الآمنة والفعالة، لأكبر عدد ممكن من الناس في أسرع وقت".
وشددت على أن "الإدارة ستواصل تكثيف جهودها، بالتعاون مع القطاع الخاص وجميع الشركاء المحتملين، لتوسيع تصنيع اللقاحات وتوزيعها".
وأشاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، بـ"القرار التاريخي" للولايات المتحدة، وقال في تغريدة: "أحيي الولايات المتحدة على هذا القرار التاريخي، الذي يعطي الأولوية لرفاهية الجميع في كل مكان في هذا الوقت الحرج".