حذر صحافيون ومجموعات متخصصة في مراقبة حرية الصحافة من تزايد القيود والضغوط المفروضة على وسائل الإعلام في أوكرانيا تحت حكم الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وقالوا إن هذه القيود تتجاوز احتياجات الحرب التي تمر بها البلاد، وفق "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة الأميركية إن جهاز الاستخبارات الداخلية الأوكراني تجسس على موظفي إحدى وسائل الإعلام الاستقصائية من خلال ثقوب أبواب غرفهم في الفنادق.
وانتقدت هيئة البث العامة الأوكرانية "سوسبيلن" ما وصفته بـ"الضغط السياسي" الذي يُمارس على تقاريرها. وقال مراسل أوكراني إنه تلقى إخطاراً بعد يوم من كشفه عن محاولة وكالة أنباء حكومية منع إجراء مقابلات مع سياسيين معارضين.
وقالت أوكسانا رومانيوك، رئيسة "معهد الإعلام الجماهيري"، وهي منظمة أوكرانية غير حكومية متخصصة في مراقبة حرية الإعلام: "الأمر مُقلق للغاية"، خاصة في حرب "تقاتل فيها أوكرانيا من أجل الديمقراطية ضد قيم الدكتاتورية التي تجسدها روسيا".
ومنذ استقلالها في عام 1991، كانت أوكرانيا توفر بيئة إعلامية تتسم بالتعددية على مدى تاريخ طويل، وكان لديها العديد من القنوات التلفزيونية المنحازة للمعارضة أو الحكومة، بالإضافة إلى وسائل إعلامية مستقلة. وكان الحفاظ على هذه الثقافة يمثل أحد تحديات الحرب، بحسب "نيويورك تايمز".
متطلبات زمن الحرب
وتقبل الصحافيون الأوكرانيون إلى حد كبير القواعد المفروضة بسبب الحرب، والتي تشمل حظر نشر معلومات عن تحركات القوات أو مواقعها، ومواقع الضربات الصاروخية الروسية، والتقارير المتعلقة بالخسائر العسكرية، آخذين في الاعتبار التدابير الضرورية للأمن القومي.
وأقر الصحافيون بفرض نوع من الرقابة الذاتية على أنفسهم، حيث امتنعوا عن التغطية النقدية للحكومة لتجنب تقويض الروح المعنوية أو أن تتسبب التقارير المتعلقة بالفساد في إثناء الشركاء الأجانب عن الموافقة على تقديم المساعدات، حسبما ذكرت الصحيفة.
وقال سيرهي سيدورينكو، وهو محرر في موقع European Truth الإخباري المستقل، إن "الرقابة الذاتية في أوكرانيا هي إحدى المميزات في وقت الحرب".
ويرى سيدورينكو أن الوضع "لم يمثل مشكلة" ولا يُمكن تجنبه خلال الحرب، وتوقع أن تعود الأمور إلى طبيعتها عندم يتوقف القتال في نهاية المطاف.
وقالت "نيويورك تايمز" إن زيلينسكي لم يدع علناً إلى ممارسة ضغوط على الصحافيين، وأدان واقعة التجسس على الصحافيين في الفندق. ومع ذلك، قال صحافيون ومجموعات إعلامية إن سلسلة الأحداث الأخيرة تعكس تزايد القيود على البيئة الإعلامية.
وأصدر سفراء من دول مجموعة السبعة، والتي تضم العديد من الحلفاء العسكريين الرئيسيين لكييف، بياناً مشتركاً، في يناير، يدعم حرية الصحافة في أوكرانيا. وقالوا إن "حرية الإعلام تُعد ركيزة أساسية لأي ديمقراطية ناجحة".
"أشخاص غير مرغوب فيهم"
وقال محللون إن الجهود التي تبذلها الحكومة الأوكرانية للسيطرة على وسائل الإعلام تهدف على ما يبدو إلى تقييد التغطية الإيجابية للمعارضة وإيقاف التغطية السلبية لشؤون الحكومة والجيش.
وتلقى مراسلون في وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "يوكرينفورم"، والتي يُفترض أنها غير منحازة، في أواخر العام 2023، من إداراتهم قائمة بالشخصيات غير المرغوب في إجراء مقابلات معهم، وفقاً للصحيفة.
وقالت "نيويورك تايمز" إنها اطلعت على التعليمات الموجهة لمراسلي "يوكرينفورم"، والتي منعت إجراء مقابلات مع مسؤولين منتخبين، ونشطاء من المجتمع المدني، وبعض المحاربين القدامى.
وقال روستيسلاف كارادييف، القائم بأعمال وزير الثقافة والمشرف على وكالة الأنباء الحكومية، لوسائل إعلام أوكرانية، هذا الشهر، إنه ليس على دراية بأي من هذه القوائم. وقالت "نيويورك تايمز" إن مكتب الرئيس الأوكراني لم يرد على طلبها للتعليق على الأمر.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى توتر العلاقات بين السلطات الأوكرانية والمؤسسات الإعلامية الغربية في بعض الأحيان، بما في ذلك صحيفة "التايمز" البريطانية. كما ألغت السلطات تصاريح صحافيين من عدة وسائل إعلامية بعد نشر تقارير تنتقدها.
واستقالت مارينا سينهايفسكا، النائبة السابقة لمدير وكالة "يوكرينفورم"، هذا العام، بسبب التدخل السياسي، وأشارت إلى التوجيهات بإجراء مقابلات مع معارضين محددين.
وقالت سينهايفسكا: "ليس من الديمقراطية أن تملي على وسائل الإعلام ما يجب نشره ومع من تتحدث".