قضت المحكمة العليا الإسرائيلية، الثلاثاء، بوجوب تجنيد طلاب المدارس الدينية اليهودية "الحريديم" في الجيش، وهو قرار من المرجح أن يحدث صدمة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقالت المحكمة في نص قرارها وفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت": "ليس من صلاحية الدولة أن تأمر بإلغاء تجنيد طلاب المدارس الدينية بشكل نهائي، وعليها أن تتصرف وفق أحكام قانون الأجهزة الأمنية".
وأضافت: "في ظل عدم وجود إطار قانوني للإعفاء من التجنيد، لا يمكن الاستمرار في ذلك، ويجب على الدولة أن تعمل على تطبيق أحكام قانون خدمة العسكرية على طلاب المدارس الدينية".
وواجه مشروع القانون عقبات حتى من داخل حزب ليكود نفسه الذي يقوده نتنياهو. ويتزعم معارضة القانون داخل الحزب وزير الدفاع يوآف جالانت الذي يرفض طرحه للتصويت دون وجود إجماع عليه من كافة الوزراء.
وكان نتنياهو قد قطع وعداً للأحزاب اليمينية، والتي تشكل الحصانة البرلمانية لحكومته، بأن يقر قانوناً يعفي طلاب المدارس الدينية من التجنيد، لكن الوعد اصطدم بعقبات من عدد من الوزراء مثل بيني غانتس الذي يعارض الفكرة.
واليهود "الحريديم" هم الطائفة الأكثر تشدداً في اليهودية، ويلتزمون بالممارسات الدينية والمبادئ الأخلاقية الواردة في التوراة والتلمود، ويرفضون الالتحاق بالجيش والثقافة العلمانية الحديثة. ومنذ تأسيس إسرائيل عام 1948، توفر الدولة لليهود الحريديم استقلالية واسعة في التعليم وممارسة معتقداتهم.
وكانت المحكمة، التي تنظر في الطعون التي تصف الإعفاء الممتد منذ عقود بأنه "تمييزي"، قد حددت يوم 31 مارس موعداً لانتهاء المهلة. ومُددت المهلة حتى 30 أبريل، لتعود الحكومة وتلب تأجيلاً إلى 20 مايو بناءً على طلب الحكومة التي قالت إنها مشغولة بالتعامل مع حرب غزة.
تصويت الكنيست
وصوّت أعضاء الكنيست، قبل أسبوعين، بـ63 صوتاً مقابل 57، لصالح استمرارية قانون التجنيد المثير للجدل، والذي يعفي "الحريديم" من الخدمة العسكرية في الجيش.
وبعد المصادقة على استمرارية قانون التجنيد، سيتم عرض مشروع القانون على لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست لمناقشته، قبل المصادقة عليه في القراءتين الثانية والثالثة.
وإذا تمت الموافقة علي المشروع في النهاية، فإنه سيتم بموجبه تخفيض سن الإعفاء من التجنيد لطلاب المدارس الدينية إلى 21 عاماً لمدة عامين، ثم رفعه إلى 22 عاماً لمدة عام، ليتم تحديده لاحقاً عند 23 عاماً. ويهدف خفض سن التجنيد إلى تحفيز "الحريديم" وطلاب المدارس الدينية على الاندماج بسوق العمل في سن مبكرة، بدلاً من البقاء في المدارس الدينية حتى سن 24، وهو سن الإعفاء الحالي.
وكانت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة الإسرائيلية وافقت بالإجماع على مشروع القانون في 16 مايو، على الرغم من أن المستشارة القضائية للحكومة جالي بهاراف ميارا، قدمت رأياً يفيد بوجود عائق قانوني، لأن اللجنة يجب أن تتلقى أولاً حقائق محدثة وموقفاً محدثاً من وزارة الدفاع.
وبرزت طائفة "الحريديم" بشكل أكبر مع تطورات الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، مع تسليط الأضواء عليهم باعتبارهم لا ينخرطون في الجيش الإسرائيلي بدعوى أنهم يقومون بواجب أكثر قدسية من وجهة نظرهم ويتطلب التفرغ التام، وهو دراسة كتاب "التوراة".
ويُشكل اليهود "الحريديم"، 13% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 19% بحلول عام 2035، بسبب ارتفاع معدلات المواليد لديهم.