كينيا.. الرئيس يسحب مشروع قانون الموازنة بعد أحداث دامية

المعارضة تشكك.. والمحتجون يتوعدون بمزيد من المظاهرات

time reading iconدقائق القراءة - 8
محتجون يتظاهرون ضد قانون بشأن زيادة الضرائب في العاصمة الكينية نيروبي. 25 يونيو 2024 - AFP
محتجون يتظاهرون ضد قانون بشأن زيادة الضرائب في العاصمة الكينية نيروبي. 25 يونيو 2024 - AFP
نيروبي-رويترزأ ف ب

أعلن الرئيس الكيني وليام روتو، الأربعاء، سحب مشروع موازنة (2024-2025) الذي ينص على زيادة الضرائب، في أعقاب احتجاجات تطورت إلى أعمال عنف دامية الثلاثاء، فيما تعهّد المحتجون بمواصلة مظاهراتهم.

ودعا الرئيس إلى التشاور الوطني مع الشباب، في كلمة ألقاها غداة ثالث تظاهرة خلال ثمانية أيام احتجاجاً على هذا النص والتي شهدت سقوط 22 شخصاً بحسب اللجنة الكينية لحقوق الإنسان.

وقال روتو: "بعد أن استمعت بعناية إلى شعب كينيا الذي قال بصوت عالٍ وواضح أنه لا يريد مشروع قانون المالية لعام 2024، فإنني أحني رأسي ولن أوقعه... ليصبح قانوناً، وبالتالي سيتم سحبه". 

وأضاف الرئيس: "بعد تبني مشروع القانون، عبرت البلاد بشكل واسع عن استيائها من مشروع القانون بصيغته الحالية، والذي أدى للأسف إلى خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات". 

فيما قالت مصادر لصحيفة ستار الكينية، إن رئيس البلاد اقترح مجموعة من التعديلات على مشروع القانون، لم تحددها، والتي سيتعيّن على البرلمان النظر فيها.

المعارضة تشكك

ودعا الرئيس إلى التشاور الوطني، قائلاً: "بما أننا تخلينا عن مشروع قانون الموازنة لعام 2024، فمن الضروري إجراء مشاورات كدولة مستقبلاً. (...) كيف يمكننا إدارة ديوننا معاً (...) سأقترح التواصل مع شباب بلدنا، مع أبنائنا وبناتنا".

وسارعت المعارضة إلى اعتبار القرار "من باب العلاقات العامة".

ودعا ائتلاف المعارضة الرئيسي أزيميو، بقيادة المعارض التاريخي رايلا أودينجا في بيان الأربعاء الرئيس إلى عدم إقرار النص، وذلك غداة "يوم سيظل يتسم بالعار".

وكتبت الصحافية والناشطة حنيفة آدان على منصة "إكس": "لقد تم سحب مشروع القانون ولكن هل يمكنكم إحياء كل من ماتوا؟". وأضافت "لا تنسوا، لا تغفروا".

وتقول الحكومة إن هذه الضرائب ضرورية لاستعادة مجال المناورة للبلد المثقل بالديون (يمثل الدين العام حوالي 70% من إجمالي الناتج المحلي)، وتمويل ميزانية 2024-2025 التي تبلغ بنود الإنفاق فيها 4 تريليون شلن (29 مليار دولار)، وهو رقم قياسي.

موجة غضب

وكانت البلاد في حالة صدمة، الأربعاء، بعد أعمال العنف التي شهدت اقتحام متظاهرين للبرلمان، في سابقة بتاريخ الدولة التي نالت استقلالها عام 1963.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة تمكنت في نهاية المطاف من طرد المتظاهرين من مبنى البرلمان، وتم إجلاء المشرعين عبر نفق تحت الأرض.

وبينما كان أفراد من الشرطة مدججين بالسلاح يقومون بدوريات في شوارع العاصمة نيروبي، انتقل مؤيدو حركة الاحتجاج المستمرة منذ أسبوع إلى منصة "إكس" مستخدمين وسوم "هاشتاج" من بينها، "نراكم يوم الخميس" و"نرفض قانون المالية".

وكان المتظاهرون قد وزعوا الأسبوع الماضي جدولاً يدعو إلى احتلال البرلمان، الثلاثاء، واحتلال مقر الرئاسة، حيث مكتب ومقر إقامة الرئيس، الخميس.

وتفاقمت موجة الغضب عبر الإنترنت بسبب الزيادات الضريبية إلى حركة احتجاجية على مستوى البلاد تدعو إلى إصلاح سياسي في أخطر أزمة خلال حكم الرئيس وليام روتو الذي تولى منصبه قبل عامين.

وقالت نقابة الأطباء الكينية، الأربعاء، إن 23 شخصاً على الأقل سقطوا في أنحاء البلاد، فيما يتلقى 30 آخرين العلاج من إصابات بالرصاص، فيما لم تصدر أي حصيلة رسمية بشأن عدد الضحايا والمصابين.

رد على "أحداث الخيانة"

وركز العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على خطاب روتو، بعد اشتباكات الثلاثاء، إذ قال إن مناقشة الإجراءات الضريبية، التي أقرَّها المشرعون قبل دقائق من اقتحام البرلمان، "هيمن عليها أشخاص خطرون".

وأضاف روتو: "ليس من الصحيح أو حتى المعقول أن يُرهب الناس مجرمون يتظاهرون بأنهم محتجون سلميون"، متعهداً برد سريع على "أحداث الخيانة" التي وقعت الثلاثاء.

وتابع: "بموجب ذلك، أحذّر المخططين والممولين والمنسقين والمحرضين على العنف والفوضى".

فيما أمرت الحكومة الجيش بالانتشار لمساعدة الشرطة في التعامل مع "حالة طوارئ أمنية"، مع أنه لم ترد تقارير عن تواجد قوات في شوارع نيروبي، الأربعاء.

مشروع قانون "مثير للجدل"

وانطلقت الحركة الاحتجاجية التي أُطلق عليها "احتلال البرلمان" على مواقع التواصل الاجتماعي بعيد تقديم مشروع موازنة 2024-2025 إلى البرلمان في 13 يونيو الجاري.

وينص مشروع القانون على فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 16% على الخبز، وضريبة سنوية قدرها 2.5% على المركبات الخاصة.

ويهدف إلى جمع ضرائب إضافية بقيمة 2.7 مليار دولار ضمن جهود مبذولة لخفض عبء الديون الثقيل، إذ تستهلك مدفوعات الفائدة وحدها 37% من الإيرادات السنوية.

وحذف المشرعون بعض الزيادات الضريبية من النسخة النهائية لمشروع قانون التمويل، بما في ذلك تلك المتعلقة بالخبز وزيت الطهي، لكنهم أدخلوا زيادات أخرى في محاولة لتجنب حدوث فجوة في الموازنة.

ويطالب المحتجون الحكومة بأن تصرف النظر تماماً عن مشروع القانون، قائلين إن الزيادات الضريبية ستضر بالاقتصاد وترفع تكاليف المعيشة للشعب الكيني الذي يكافح بالفعل لتدبير أموره اليومية.

لكن صندوق النقد الدولي يقول إن الحكومة بحاجة إلى زيادة الإيرادات لخفض عجز الموازنة والاقتراض الحكومي.

وفاز روتو في الانتخابات التي جرت قبل عامين تقريباً على أساس برنامج يدافع عن العاملين الفقراء في كينيا، لكنه وجد نفسه عالقاً بين مطالب ملحّة لمقرضين مثل صندوق النقد الدولي، الذي يحث الحكومة على خفض العجز حتى تحصل على مزيد من التمويل، وبين السكان الذين يعانون من ارتفاع تكلفة المعيشة.

وتسببت حركة الاحتجاج، التي ليس لها قيادة رسمية ونُظمت بشكل أساسي عبر منصات التواصل الاجتماعي، في خروج آلاف المؤيدين في عشرات البلدات والمدن ومشاركتهم في المظاهرات، الثلاثاء.

واتهم ائتلاف المعارضة، الحكومة بـ"السماح لقوات الأمن باستخدام العنف" ضد المتظاهرين.

وأضاف في بيان: "لا يمكن لكينيا أن تسمح لنفسها بقتل أطفالها لمجرد أنهم يطلبون طعاماً ووظائف وآذان صاغية"، مضيفاً "لذلك يجب على الشرطة أن تتوقف فوراً عن إطلاق النار على الأولاد الأبرياء المسالمين والعُزّل".

قلق دولي وأممي

وأثارت أعمال العنف ومشاهد الفوضى في نيروبي قلق الولايات المتحدة وأكثر من 12 دولة أوروبية، الثلاثاء، وكذلك الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وأعربت جميعها عن "قلقها" من أعمال العنف ودعت إلى الهدوء.

وفي واشنطن، قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب في نيروبي وتحث على الهدوء.

وعبَّر سفراء ومفوضون من دول من بينها بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا في بيان مشترك عن القلق الشديد إزاء أعمال العنف التي وقعت خلال الاحتجاجات على الضرائب في كينيا، ودعوا كل الأطراف إلى التحلي بضبط النفس.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن "قلق بالغ" إزاء أعمال العنف وعن "حزن شديد" لورود معلومات تفيد بسقوط ضحايا في أعمال عنف على هامش التظاهرات.

كذلك عبَّر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد في بيان عن "قلق بالغ إزاء أعمال العنف التي اندلعت عقب الاحتجاجات الشعبية وأسفرت عن خسائر في الأرواح وأضرار في الممتلكات".

تصنيفات

قصص قد تهمك