الانتخابات الأميركية.. هكذا تفوق ترمب على بايدن في جمع التبرعات

time reading iconدقائق القراءة - 12
أنصار المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتجمعون خلال زيارته إلى كاليفورنيا لجمع التبرعات لحملته الانتخابية. 8 يونيو 2024 - Reuters
أنصار المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتجمعون خلال زيارته إلى كاليفورنيا لجمع التبرعات لحملته الانتخابية. 8 يونيو 2024 - Reuters
واشنطن-رشا جدة

أظهرت الحملة الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترمب قوة مالية غير مسبوقة، في جمع التبرعات خلال مايو الماضي أمام منافسه الرئيس الحالي جو بايدن، ما يمثل تحوّلاً لديه القدرة على إعادة تشكيل السباق نحو البيت الأبيض.

ومع نهاية الشهر، كان لدى حملة ترمب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري مجتمعة 171 مليون دولار نقداً، متجاوزة حملة بايدن واللجنة الوطنية الديمقراطية مجتمعة البالغة 157 مليون دولار، وهو ما أدّى إلى محو الميزة النقدية التي كان يتمتع بها الرئيس الحالي، وذلك بحسب بيانات مؤسسة "Open Secrets" المستقلة غير الربحية التي تتعقّب تدفق الأموال في السياسة الأميركية.

وكان بايدن والجماعات المتحالفة معه جمعوا أموالاً أكثر من تلك التي جمعها ترمب واللجان المؤيدة له منذ بداية الحملة الانتخابية، لكن في اليوم التالي لإدانة الرئيس السابق بارتكاب 34 جناية من قبل محكمة ولاية نيويورك في محاكمة تاريخية تتعلق بما يعرف بقضية "أموال الصمت"، حصد ترمب، المزيد من التبرعات، بما فيها تبرع الملياردير إيموثي ميلون، بمبلغ 50 مليون دولار للجنة العمل السياسي الفائقة "Super PAC" المتحالفة مع ترمب، وفقاً لما نشرته لجنة الانتخابات الفيدرالية.

واعتبر خبراء وسياسيون تحدثوا مع "الشرق" أن أعباء ترمب القانونية تُحفز قدرته على حشد الدعم المالي مما يعيد تشكيل السباق الرئاسي. وقال الخبراء إن ترمب يُمثل أجندة شعبوية وسخطاً عاماً على المؤسسة السياسية، ما يُظهر أن التحديات القانونية غير مهمة للمانحيين وكثير من الناخبين.

"ميلون".. صاحب التبرعات الضخمة

في 31 مايو الماضي، أي بعد يوم واحد من إدانة دونالد ترمب، منح رجل الأعمال تيموثي ميلون، 50 مليون دولار للجنة العمل السياسي المتحالفة مع الرئيس السابق "MAGA". وفي الوقت نفسه أشار تقرير لـ"بي بي سي" إلى أن ميلون تبرّع بما لا يقل عن 25 مليون دولار لحملة روبرت إف كينيدي جونيور، الذي أعلن خوض الانتخابات الرئاسية لعام 2024 كمرشح مستقل.

ويُعد ميلون أكبر مساهم منفرد في لجان العمل السياسي الكبرى هذا العام، مع تقديمه 100 مليون دولار من المساهمات الفيدرالية المعلن عنها. وكان ميلون، أعطى بالفعل للجنة العمل السياسي الفائقة المتحالفة مع ترمب 25 مليون دولار منذ بداية العام الماضي.

ويرى أستاذ العلوم السياسية وعضو الأكاديمية الفخرية في "جامعة أوهايو" بول بيك، أن حجم التبرعات الكبير للجان العمل السياسي الكبرى أصبح أمراً مكرراً وعادياً في هذه المرحلة،  موضحاً لـ"الشرق" أنه لم يشاهد تبرعاً بهذا الحجم يأتي من ميلون في السابق.

وأضاف "يعد هذا التبرع من أكبر التبرعات التي ظهرت حتى الآن، التبرعات الفردية بمبالغ ضخمة مثل الـ50 مليون دولار نادرة في الحملات الانتخابية. تحدث أحياناً عندما يمول مرشح نفسه ذاتياً، أو أن تتبرع عائلة بذلك المبلغ لدعم مرشح ما".

وبحسب مجلة "فوربس"، ورث تيموتثي ميلون، ثروة هائلة من جده المهاجر الأيرلندي توماس ميلون، الذي استثمر أمواله في مشاريع عقارية ومصرفية. وعند وفاته، كان جمع ثروة كبيرة ورثها أبناؤه. وتبلغ ثروة عائلة ميلون حوالي 14.1 مليار دولار، مما يجعلها في المرتبة 34 بين أغنى العائلات في الولايات المتحدة.

وذكر أستاذ دراسات الاتصالات والعلوم الإنسانية في جامعة ماكماستر، أليكس سيفينيفي، أنه في الأماكن التي يكون فيها سقف التبرعات منخفضاً، هناك احتمال ضئيل أن يتمكن المتبرع الفردي من كسب نفوذ من خلال تقديم التبرع الأقصى، إذ "تُعد تبرعاتهم تعبيراً عن الدعم وحسن النية للحزب. وفي حالة الأشخاص الذين يمكنهم تجنيد متبرعين لحزب ما، أو إذا كان هناك مجموعة من الأشخاص يتبنون قضية معينة ويتبرعون لصالح مرشح أو حزب ما، فقد يتم ملاحظتهم أو قد تتصدر اهتماماتهم أجندة الحزب الذي تبرعوا له، لكن هذا ليس مضموناً".

واستدرك سيفينيفي أن ذلك يتغير في الأماكن التي يُسمح فيها للمتبرعين بتقديم تبرعات كبيرة جداً "في تلك الحالة، من المحتمل أن يكون لديهم تأثير أكبر على جدول أعمال الحزب السياسي والمرشح الذي يدعمونه".

دعم ترمب بعد الإدانة

إلى جانب تبرع تيموثي الضخم، تُخطط ميريام أديلسون، أرملة "قطب الكازينوهات" والمتبرع الكبير للحزب الجمهوري شيلدون أديلسون، للعب دور رئيسي في تمويل اللجنة السياسية الكبرى الداعمة لترمب "Safe America"، بمبلغ يتخطى 90 مليون دولار التي أنفقتها هي وزوجها الدورة الانتخابية الماضية، وفقاً لمجلة "بوليتيكو".

وفي الوقت نفسه، قدم  كل من يتشارد وإليزابيث أويهلين، اللذان يُعدان من بين أكبر المانحين للحزب الجمهوري، 5 ملايين دولار للجنة العمل السياسي لترمب في مايو الماضي.

وتدفقت التبرعات الصغيرة على حملة ترمب في أعقاب إدانته. وقالت الحملة في بيان إنها جمعت نحو 53 مليون دولار بالتعاون مع اللجنة الوطنية الجمهورية، خلال الـ24 ساعة التي تلت الحكم، زاعمةً أن هذا المبلغ الكبير من جمع التبرعات هو، تقريباً، ضعف الرقم القياسي السابق لجمع التبرعات في يوم واحد على منصة "WinRed" للمتبرعين الجمهوريين.

على الجانب الآخر، تبرع عمدة نيويورك السابق، مايك بلومبرج، الذي نافس بادين على ترشيح الحزب الديمقراطي عام 2020، بنحو 20 مليون دولار لدعم جهود بايدن في إعادة انتخابه.

وكانت نفقات وتبرعات بلومبرج، المعروف بعطائه المستمر للحزب الديمقراطي، وصلت في الدورة الانتخابية 2020، إلى  1.2 مليار دولار، وفقاً لتقرير نشرته "فوربس" في فبراير 2021، ضخَّ منها حوالي 150 مليون دولار في حملات الحزب الديمقراطي، بما في ذلك 67 مليون دولار ذهبت إلى "Super PAC"، التي أنفقت أكثر من ثلاثة أرباع أموالها لدعم جو بايدن.

وبينما كان جو بايدن يتمع بميزة جمع التبرعات الضخمة منذ بداية الحملة الانتخابية 2024، وتفوقه على ترمب في جمع التبرعات في الدورة السابقة أيضاً، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة "ماستشوستس" والمتخصص في تمويل الحملات والانتخابات والمشاركة السياسية، رايموند لارجا، أن ترمب يلحق بالركب بسرعة.

وقال لارجا في حديث لـ"الشرق"، إن إدانة ترمب ساعدت في جمع الأموال "حيث يعتقد العديد من الجمهوريين أن المحاكمات كلها سياسية. ويعتقدون أنها مؤامرة لجعله يخسر الانتخابات الأميركية المقبلة".

وفسر سيفينيفي، زيادة التبرعات لترمب بعد إدانته، بأنه يُمثل أجندة شعبوية واستياءً عاماً من المؤسسة السياسية، مضيفاً أن ترمب يُنظر إليه على أنه مرشح مناهض للمؤسسة، "وقد يرى مؤيدوه أن التحديات القانونية التي يواجهها هي محاولة من المؤسسة لممارسة الضغط عليه لمنعه من الترشح".

من جانبه، ذكر بيك أن المانحين يتبرعون لدعم مصالحهم وتفضيلاتهم، ولكسب ود المرشح الذي قد يتم انتخابه، وقال إن المتبرعين بمبالغ كبيرة يكونون دائماً أغنياء جداً، بحيث لا يؤدي تبرعهم إلى إجهاد ثرواتهم. ومع ذلك، بالنسبة للمتبرعين الصغار، قد يكون التبرع تضحية حقيقية.

ولفت بيك إلى أن ترمب يتمتع بقاعدة جماهيرية موالية بين الناخبين العاديين، كما أن المانحين الأثرياء إما يدعمون سياساته أو يرغبون في كسب تأييده، وفي كلتا الحالتين "لا يبدو أن التحديات القانونية مهمة".

فواتير ترمب القانونية

في مارس الماضي، أعلنت المجموعات الخارجية التي تدعم بايدن عن إنفاق مخطط يتجاوز مليار دولار، من بينها 250 مليون دولار مخصصة للإعلانات من قبل لجنة العمل السياسي الفائقة المؤيدة لبايدن "Future Forward"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وبدءاً من يونيو، أنفقت حملة إعادة انتخاب بايدن، بحسب وكالة "أسوشيتد برس"، 50 مليون دولار، تتضمن أول إعلان تلفزيوني لها لتسليط الضوء على إدانة ترمب بارتكاب جناية.

من جانبها، أعلنت لجنة العمل السياسي الفائقة "MAGA" التي تدعم ترمب، في بداية يونيو، أنها جمعت ما يقارب الـ70 مليون دولار في مايو، وأنها ستنفق 100 مليون دولار أخرى لدعم ترمب في عدد من الولايات المتأرجحة.

ورغم تفوقه على بايدن في جمع التبرعات، مؤخراً، فإن فواتير ترمب القانونية قضت على جزء كبير من الأموال. وقد سارعت حملته ولجانه السياسية إلى زيادة الإنفاق القانوني، وجهود جمع التبرعات لتغطية تلك النفقات.

وبحسب "Open Secrets"، فقط غطت عملية ترمب السياسية من يناير إلى أبريل هذا العام وحده، أكثر من 20 مليون دولار من الرسوم القانونية للمحامين الذين يمثلون الرئيس السابق وحلفائه، بإجمالي أكثر من 81 مليون دولار منذ بداية الدورة الانتخابية لعام 2024. ورغم اعترافه بتقدم ترمب في جمع، لفت لارجا إلى أن الأموال التي تتدفق الآن تعتمد على كيفية استخدامها، مشيراً إلى التكلفة الكبيرة التي يتحملها ترمب نتيجة فواتيره القانونية.

وقال لارجا إن ترمب يحتاج إلى إنفاق الكثير من الأموال لتسديد نفقاته القانونية، وبالتالي يكون لديه تمويل أقل بشكل عام عندما تحسب الأموال القانونية، على عكس بايدن.

ودفع ترمب العديد من الفواتير القانونية لنفسه، وكذلك من خلال لجنة العمل التابعة له "Save America" (أنقذوا أميركا)، بنحو 184 مليون دولار.

وتحملت "Save America" العبء الأكبر من تكاليف ترمب القانونية، وبدأت في تمويل لجنة العمل السياسي الفائقة المؤيدة لترمب "MAGA" بمبلغ 60 مليون دولار، لكن مع تراكم الرسوم القانونية، طلبت لجنة القيادة من اللجنة الفائقة استرداد الأموال لمواصلة تغطية التكاليف القانونية، حيث جرى تحويل ملايين الدولارات شهرياً منذ يوليو 2023.

"المال" غير حاسم

في الدورة الانتخابية 2016، جمعت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أموالاً أكثر من منافسها الجمهوري دونالد ترمب. ورغم أن المال عنصراً حاسماً في نتائج الانتخابات الأميركية، إلا أن ترمب خالف توقعات تمويل الحملات الانتخابية، وفاز.

وأكد  أستاذ دراسات الاتصالات والعلوم الإنسانية  في جامعة ماكماستر أليكس سيفينيفي، أن المال عامل كبير في الفوز بالحملات. وقال إن المرشح بحاجة إلى الكثير من المال لشراء الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الرئيسية، وكذلك لمساعدة فريق العمليات الخاصة به في تنظيم جهد تطوعي فعال، وتنسيق عمليات جمع الأصوات، وإدارة بيانات الحملة، مشيراً إلى أن "الحملات مساعي مكلفة للغاية".

لكن أستاذ العلوم السياسية وعضو الأكاديمية الفخرية في "جامعة أوهايو" بول بيك، أوضح أن الدعم المالي مهم في انتخابات الكونجرس والسباقات المحلية، مشككاً في أن المال أو الميزة المالية هي العامل الحاسم في الحملة الرئاسية لأن "كلا مرشحي الحزبين الرئيسيين معروفان بالفعل بشكل كبير للناخبين".

ولفت بيك إلى أن الدعم المالي لاختيار منصب الرئيس، قد يكون ذا أهمية أكثر بالنسبة لمرشحي الطرف الثالث، والمستقلين، وقال: "كلما كانت المسابقة محلية أكثر، كلما زادت أهمية الميزة المالية، وكلما كان المرشح غير معروف على نطاق كبير كلما كان مهماً، أما في السباق الرئاسي بين بايدن وترمب، فكلاهما معروفان، ولن يؤثر المال كثيراً، ولن يكون عنصراً حاسماً في اختيار أحدهما".

تصنيفات

قصص قد تهمك