زادت المحكمة العليا الأميركية، الجمعة، من صعوبة اتهام المدعى عليهم بارتكاب أعمال الشغب في مقر الكابيتول، بعرقلة إجراءات رسمية "جلسة مشتركة للكونجرس يوم 6 يناير 2021"، وهي التهمة التي اُستخدمت في مئات الملاحقات القضائية، وواجهها أيضاً الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، حسبما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
وأصدرت المحكمة قراراً، بأغلبية 6 أصوات مقابل 3، يقضي بأن تهمة العرقلة، التي تم إقرارها في عام 2002 بعد الفضيحة المالية التي أسقطت شركة Enron Copp، يجب أن تتضمن دليلاً على أن المتهمين حاولوا التلاعب بالوثائق أو إتلافها، وأشارت الوكالة إلى أنه لا يقع ضمن هذه الفئة سوى عدد قليل من الأشخاص الذين هاجموا مبنى الكابيتول بعنف في 6 يناير 2021.
ورأت "أسوشيتد برس" أنه يمكن استخدام هذا الحُكم كذريعة لادعاءات ترمب، وحلفائه الجمهوريين بأن وزارة العدل الأميركية عاملت المتهمين في أعمال الشغب في الكابيتول بشكل غير عادل، ولم يتضح بعد كيف سيؤثر قرار المحكمة على القضية المرفوعة ضد ترمب في واشنطن، لكن المستشار الخاص جاك سميث أكد أن الاتهامات التي يواجهها الرئيس السابق لن تتأثر بالقرار.
وأعادت المحكمة العليا قضية ضابط شرطة بنسلفانيا السابق جوزيف فيشر إلى محكمة أدنى لتحديد ما إذا كان من الممكن اتهامه بتهمة عرقلة إجراءات رسمية، إذ تم اتهام فيشر بتعطيل تصديق الكونجرس على فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 على ترمب، ويعد الضابط واحداً من بين حوالي 350 شخصاً اُتهموا بعرقلة الإجراءات، والذين اعترف بعضهم بالذنب، أو تمت محاكمتهم بتهم أقل.
وكتب رئيس المحكمة جون روبرتس رأي المحكمة، وانضم إليه القضاة المحافظون: صامويل أليتو، ونيل جورساتش، وبريت كافانو، وكلارنس توماس، والقاضي الليبرالي كيتانجي براون جاكسون، وقال إن "استخدام قانون عرقلة الإجراءات على نطاق واسع سيؤدي لتجريم مجموعة واسعة من السلوكيات البسيطة، مما يعرض النشطاء وجماعات الضغط لعقوبات تصل لعقود في السجون".
واعترضت القاضية إيمي كوني باريت، إلى جانب القاضيتين إيلينا كاجان، وسونيا سوتومايور على الأمر، وكتبت، وهي واحدة من ثلاثة قضاة عينهم ترمب، أن القانون يشمل أحداث 6 يناير بوضوح، قائلة: "أجبرت أعمال الشغب الكونجرس على تعليق الجلسة، مما أدى إلى تأخيرها لعدة ساعات"، مضيفة أن "زملائها قاموا بجهود كبيرة لإيجاد طريقة ما، بأي شكل، لتضييق نطاق قانون العرقلة".
ومن جانبه، أعرب المدعي العام ميريك جارلاند عن شعوره بخيبة أمل من القرار الذي قال إنه "يقيد قانوناً فيدرالياً مهماً"، لكنه قال إن القضايا المرفوعة ضد "الغالبية العظمى من الأشخاص المتهمين بالهجوم لن تتأثر به".
وتابع: "كان السادس من يناير هجوماً غير مسبوق على ركيزة نظامنا الحكومي، وهو الانتقال السلمي للسلطة من إدارة إلى أخرى، وسنواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لمحاسبة المسؤولين جنائياً عن هذا الهجوم على ديمقراطيتنا".
وبعد وقت قصير من صدور القرار، كتب ترمب منشوراً على منصته "تروث سوشيال" واصفاً الحكم بأنه "أخبار كبيرة"، كما شارك منشور آخر قال فيه إن الحكم يمثل "نصراً كبيراً للسجناء السياسيين في أحداث 6 يناير".
وتمت محاكمة ما يقرب من 170 متهماً في الهجوم على الكابيتول بعرقلة أو التآمر لعرقلة الجلسة المشتركة للكونجرس في 6 يناير، بما في ذلك قادة مجموعتين متطرفتين يمينيتين هما "Proud Boys"، و"Oath Keepers"، لكن تم تأجيل تنفيذ الأحكام ضد عدد من المتهمين إلى ما بعد صدور حكم القضاة في هذه المسألة.
وسمح معظم قضاة المحاكم الأدنى الذين نظروا في القضية باستمرار التهمة، ومن بينهم، قاضي منطقة كولومبيا دابني فريدريش، المعين من قبل ترمب.
لكن القاضي الأميركي كارل نيكولز، وهو أحد المعينين الآخرين من قبل ترمب، أسقط التهمة الموجهة إلى فيشر واثنين من المتهمين الآخرين، وكتب أن المدعين تجاوزوا الحدود، فيما أعادت لجنة في محكمة الاستئناف الفيدرالية في واشنطن تفعيل التهمة قبل أن توافق المحكمة العليا على النظر في القضية.
وتم اتهام أكثر من 1400 شخص بارتكاب جرائم فيدرالية تتعلق بأعمال الشغب في الكابيتول، واعترف ما يقرب من 1000 منهم بالذنب أو تمت إدانتهم من قبل هيئة محلفين أو قاضٍ بعد المحاكمة.
وقال مكتب المدعي العام الأميركي في واشنطن، الذي تولى محاكمات السادس من يناير، إنه لن تتم تبرئة أي شخص أُدين أو اُتهم بعرقلة الإجراءات بشكل كامل بسبب الحكم الأخير، وأشار ممثلو الادعاء إلى أن كل متهم منهم يواجه أيضاً تهماً جناية أو جنحة أخرى، أو كليهما، مضيفين أنه بالنسبة لنحو 50 شخصاً تمت إدانتهم، فإن العرقلة كانت التهمة الوحيدة التي وُجهت إليهم، ومن بين هؤلاء، ما يقرب من عشرين شخصاً ما زالوا يقضون عقوبتهم وهؤلاء هم الأكثر عرضة للتأثر بالحكم.