تزايدت جراح الديمقراطيين بعد قرار المحكمة العليا الأميركية بتمتع الرئيس السابق دونالد ترمب بـ"حصانة مطلقة" من الملاحقة القضائية عن "الإجراءات الرسمية خلال توليه المنصب"، إذ يرفع الحكم من احتمالات تأجيل المحاكمات التي يواجها المرشح الجمهوري إلى ما بعد انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر المقبل.
ويأتي ذلك عقب "خيبة أمل" أصابت المعسكر الديمقراطي قبل أيام عقب أداء "كارثي" من الرئيس الأميركي جو بايدن في مناظرته الأولى أمام ترمب.
وبينما وصف ترمب الحكم بـ"الفوز الكبير لدستورنا وديمقراطيتنا"، انتقد بايدن القرار، قائلاً إنه "يقوض سيادة القانون"، ودعا الشعب الأميركي إلى معارضة الحكم.
وفي أول تحرك جمهوري بعد الحكم، قدم الفريق القانوني لدونالد ترمب، الاثنين، رسالة إلى القاضي خوان ميرشان تسعى إلى الطعن على إدانة الرئيس الأميركي السابق في محاكمته الجنائية بقضية "شراء الصمت" في نيويورك، وذلك بناءً على حكم المحكمة العليا الصادر بشأن الحصانة الرئاسية، وفق ما أوردته شبكة CNN.
وقد تؤدي تلك الخطوة إلى تأخير الحكم على ترمب، المقرر الأسبوع المقبل، إذا سمح القاضي له بتقديم طلب الطعن، لمنح الأطراف وقتاً لتقديم المرافعات بشأن القضية في ضوء المعطيات الجديدة عقب قرار المحكمة العليا.
ووفقاً لما جاء في مضمون الرسالة، فقد استشهد فريق ترمب القانوني بقرار المحكمة العليا واقترح تأجيل الحكم، والذي كان مقرراً له الأسبوع المقبل. ودفع المحامون بأن الحكم أكد موقفهم بأنه "لم يكن ينبغي السماح للمدعي العام لمنطقة مانهاتن، ألفين براج، بتقديم أدلة في المحاكمة تتعلق بالإجراءات الرسمية لترمب، ونتيجة لذلك، يجب إلغاء حكم هيئة المحلفين بالإدانة".
وفي مايو الماضي، أصبح ترمب أول رئيس سابق للولايات المتحدة يدان بجريمة جنائية، عندما أدانته هيئة محلفين في مانهاتن بجميع التهم الـ 34 الموجهة إليه بشأن تزوير السجلات التجارية في محاكمة جنائية معروفة إعلامياً باسم "شراء الصمت".
تأجيل محاكمات ترمب
ويأتي ذلك في وقت يسعى فيه المرشح الرئاسي الجمهوري المفترض لعام 2024 إلى تجنب محاكمات أخرى قبل الانتخابات، حيث يواجه ترمب، أكثر من 90 تهمة في 4 قضايا جنائية، أبرزها أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، إضافة إلى قضية "شراء الصمت".
وسعى الرئيس السابق مراراً إلى تأخير قضاياه الجنائية، وإذا عاد إلى البيت الأبيض في نوفمبر المقبل، فيمكنه أن يأمر وزارة العدل بإسقاط التهم الفيدرالية الموجهة إليه، بحسب "أكسيوس".
وأصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، الاثنين، قرارها بشأن مدى تمتع الرئيس السابق بـ"الحصانة"، مشيرةً إلى تمتع الرؤساء السابقين بـ"الحصانة المطلقة" من الملاحقة القضائية عن "الإجراءات الرسمية خلال توليه المنصب"، ولكن "ليس على الإجراءات غير الرسمية أو الشخصية".
وشدد قرار المحكمة العليا، الذي من الممكن أن يؤثر على القضايا الجنائية المرفوعة ضد ترمب في عدة ولايات، على أنه "لا يجوز للكونجرس أن يجرّم سلوك الرئيس خلال تنفيذه مسؤوليات السلطة التنفيذية وذلك بموجب الدستور"، كما أحال أمر تحديد ما إذا كانت أعمال ترمب رسمية أو شخصية إلى المحكمة الجزئية، بحسب شبكة CNN.
ونص القرار الذي جاء بتأييد 6 قضاة محافظين و3 آخرين ليبراليين، على أنه "بموجب هيكلنا الدستوري للسلطات، فإن طبيعة السلطة الرئاسية تتطلب أن يتمتع الرئيس السابق ببعض الحصانة من الملاحقة الجنائية بسبب الإجراءات الرسمية خلال فترة توليه المنصب".
لكنّه أضاف: "لا يتمتع الرئيس بأي حصانة عن الإجراءات غير الرسمية، وليس كل إجراءات الرئيس تعتبر رسمية"، مؤكداً على أن "الرئيس ليس فوق القانون".
"سابقة خطيرة"
وفي أول ظهور بعد مناظرة الخميس أمام ترمب، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في كلمة تعليقاً على الحكم، إن قرار المحكمة العليا بشأن "الحصانة الرئاسية" يقوض سيادة القانون، مشيراً إلى أن ترمب سيصبح "أكثر جرأة لفعل ما يريد أن يفعله"، وأن "أي رئيس سيكون حراً في تجاهل القانون". ودعا الشعب الأميركي إلى معارضة القرار.
وانتقد بايدن، قرار تمتع كل الرؤساء السابقين بـ"الحصانة المطلقة" من الملاحقة القضائية عن "الإجراءات الرسمية خلال توليهم المنصب"، وقال إنه "لا يوجد ملوك في أميركا، ولا أحد فوق القانون".
وأضاف بايدن: "الولايات المتحدة تأسست على مبدأ أنه لا يوجد ملوك في أميركا، وأن الكل متساوون أمام القانون، ولا أحد فوق القانون، بما في ذلك رئيس الولايات المتحدة"، معتبراً أن "قرار المحكمة العليا الصادر الاثنين بشأن الحصانة الرئاسية، يغير هذا المبدأ جذرياً".
واعتبر بايدن أن قرار المحكمة يعني أنه "لا توجد أي حدود تقريباً لما يستطيع الرئيس أن يفعله"، لافتاً إلى أن هذا أصبح "المبدأ الجديد الذي كرسه القرار".
ووجه بايدن انتقاده إلى المحكمة العليا، التي تقودها أغلبية محافظة، بقوله إن القرار الجديد الذي أصدرته هو "استمرار لهجوم المحكمة خلال السنوات الماضية، على مجموعة واسعة من المبادئ القانونية الراسخة في أمتنا، في ما يتعلق بحقوق التصويت والحقوق المدنية"، مشدداً على أن قرارها الجديد عن الحصانة الرئاسية "يقوض سيادة القانون".
من جهته، وصف دونالد ترمب الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، الحكم بـ"الفوز الكبير لدستورنا وديمقراطيتنا"، مضيفاً: "فخور بكوني أميركياً".