اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن السلطة الفلسطينية "ارتقت إلى مستوى مسؤوليتها والتزاماتها مع إسرائيل، بتوفير الأمن اللازم رغم كل التحديات التي واجهتها"، مشدداً على أن الضفة الغربية ليست مصدر تهديد لأمن إسرائيل.
وأضاف الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته، الخميس، بالعاصمة الإسبانية مدريد في جلسة نقاش بشأن خيارات أوروبا بمنطقة الشرق الأوسط، أن إسرائيل "تواصل بشكل متواصل في كل يوم تقويض السلطة التي أوفت بجميع التزاماتها بموجب اتفاقية أوسلو".
وحسبما رأى وزير الخارجية السعودي، الذي كان يتحدث إلى جانب نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، فإن سياسة الحكومة الإسرائيلية هي "الاستمرار في تمكين سيطرة حماس على غزة، كوسيلة لتقويض احتمالات التوصل إلى اتفاق حل الدولتين"، وأضاف "هذا واضح تماماً".
وجدد الأمير فيصل بن فرحان، التأكيد على أن "الطريق الأضمن لمعالجة، ليس فقط حقوق الشعب الفلسطيني، ولكن أيضاً المخاوف الأمنية لإسرائيل، والفرص المتاحة لها للاندماج في المنطقة، هو من خلال قيام دولة فلسطينية".
وتابع الوزير قائلاً: "هذا الطريق إلى دولة فلسطينية، يضع مسؤولية على عاتق الفلسطينيين لضمان وجود حكم رشيد للأراضي التي يسيطرون عليها، ولكن أيضاً يلقي المسؤولية علينا كمجتمع دولي".
وأوضح أن هذه المسؤولية تنبع من ضرورة ضمان أن الدولة الفلسطينية قادرة على "تحمل مسؤوليتها تجاه شعبها وجيرانها"، مشيراً إلى "الإصلاحات الكبيرة" التي باشرتها الحكومة الفلسطينية الجديدة وسط إشادة من المجتمع الدولي.
صياغة "مسار أفضل" في غزة
وبشأن الأوضاع في قطاع غزة، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن "الوضع محبط للغاية"، وأضاف: "لا نرى أي احتمالية لوقف إطلاق النار، نرى تدهوراً في الوضع الإنساني (..) ونحن نخاطر بالانجرار نحو الأسوأ".
وعبر الأمير بن فرحان عن استعداد السعودية وكذلك الدول العربية لـ"المشاركة بشكل إيجابي مع شركائنا في المجتمع الدولي لصياغة مسار أفضل".
واستدرك الوزير قائلاً: "لكن هذا سيتطلب أيضاً اتخاذ إجراءات من جانب إسرائيل، وإجراءات من جانب تلك الدول التي لديها نفوذ على إسرائيل لضمان عدم استمرار هذا التقويض المستمر لاحتمالات حل الدولتين".
وأكد أنه بدون وقف دائم لإطلاق النار، فإنه "لا يمكن مناقشة أي من هذه الأمور بطريقة مفصلة"، مشيراً إلى التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن "لا يبدو أمراً وشيكاً حتى الآن".
وأشار وزير الخارجية السعودي إلى مصادرة إسرائيل للأراضي، والتي اعتبر أنها "جزء صغير من استراتيجية ثابتة تهدف إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وقدرتها على أن تكون حلاً قابلاً للتطبيق".
اختبار مبادئ أوروبا
واعتبر الأمير فيصل بن فرحان، أن أوروبا "لا تحتاج إلى اتخاذ قرار بشأن مدى أهميتها على الساحة الدولية، والصراع في غزة هو اختبار لها"، وأضاف: "جميعنا نراقب ونقوم بتقييم ما إذا كان لأوروبا موقف موحد تجاه المبادئ التي تتبناها أم لا، أو ما إذا كان ذلك مجرد نهج قائم على مصالحها وتعاملاتها".
وفي حالة قطاع غزة، أشار وزير الخارجية السعودي، إلى انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي تتم "كل يوم"، وتابع موضحاً: "عندما يتعلق الأمر بأمر بسيط مثل إيصال المساعدات الإنسانية، سيكون من السهل جداً على أوروبا على الأقل، في سياق تركيزها على القضايا الإنسانية، أن تقوم بتحميل إسرائيل المسؤولية".
وتابع أنه في حال عدم امتثال إسرائيل، فإنه "يتوجب اتخاذ إجراء تجاه ذلك، وليس من الضروري أن يكون إجراءً جدرياً، لكن يمكن على الأقل أن تكون الدول الـ27 الأوروبية (أعضاء الاتحاد الأوروبي) قادرة على إدانة عدم التزام إسرائيل بتعهداتها".
وأضاف فيما يتعلق بحل الدولتين، قال الأمير فيصل بن فرحان، إن الجميع يقول إننا "ندرك أن السبيل الوحيد لتحقيق سلام مستدام في المنطقة هو من خلال حل الدولتين"، وتابع: "عندما يكون هناك تقويض ثابت ومستمر لحل الدولتين، فإننا لا نفعل شيئاً أو نقوم فقط بإصدار بيانات بسيطة".
تدهور حل الدولتين
وأكد وزير الخارجية السعودي، أن حل الدولتين، يشهد "تدهوراً مستمراً"، سواء كان ذلك في الضفة الغربية أو غزة، واعتبر أن ذلك يعني أن "فرص تطبيقها مستقبلاً بعد انتهاء الوضع الحالي تتضاءل باستمرار".
وشدد على أن هذه الخطة التي يتفق الجميع على أنها حل مستقبلي، يجب أن "تستند إلى منظور سياسي بالنسبة للشعب الفلسطيني"، مؤكداً أنه "لا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك".
وأشار الأمير فيصل بن فرحان إلى الاعتراف الأخير لعدد من الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية، وقال في هذا الصدد: "أود أن أشيد بما فعلته إسبانيا وغيرها باعترافهم بالدولة الفلسطينية، لأن ذلك يعد بمثابة بصيص نور وشعلة أمل تجاه احتمال التوصل إلى حل الدولتين، وآمل أن يحذو الآخرون حذوهم".
وخلص إلى أن "أي حديث يتعلق سواء بالترتيبات الأمنية أو أي أمور أخرى، لا يمكن أن يحدث خارج سياق منظور سياسي أوسع للشعب الفلسطيني".