قال مصدر كبير في "حماس"، السبت، إن الحركة قبلت مقترحاً أميركياً لبدء محادثات تتعلق بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، بما في ذلك الجنود والرجال، خلال 16 يوماً، بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن فجوة رئيسية تتعلق بالمادة 14، من مقترح وقف إطلاق النار، والتي تصر فيها "حماس" على "ضمانات مكتوبة" من الوسطاء، لا تزال قائمة.
واستؤنفت، الجمعة، في العاصمة القطرية الدوحة مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، بناءً على الورقة التفاوضية الأخيرة التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن من 3 مراحل.
وأضاف المصدر في تصريحات لـ "رويترز"، أن الحركة "وافقت على التخلي عن مطلب التزام إسرائيل أولاً بوقف دائم لإطلاق النار قبل توقيع الاتفاق، وستسمح بتحقيق ذلك عبر المفاوضات خلال مرحلة أولى تستمر 6 أسابيع".
ولفت المصدر إلى أن الاقتراح "يضمن قيام الوسطاء بضمان اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات وانسحاب القوات الإسرائيلية، طالما استمرت المحادثات غير المباشرة لتطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق".
وذكر مسؤول فلسطيني مقرب من جهود الوساطة الدولية، أن المقترح "قد يؤدي إلى اتفاق إطاري، حال موافقة إسرائيل عليه وسينهي الحرب الدائرة منذ تسعة أشهر في غزة".
خلافات المادة 14
في السياق، قال مسؤولان إسرائيليان في تصريحات لموقع "أكسيوس"، إن مطالبة "حماس" بالتزامات مكتوبة من الولايات المتحدة ومصر وقطر تمثل "فجوة رئيسية لا تزال قائمة"، قبل أن يتمكن الوسطاء من الجلوس إلى الطاولة والبدء في مناقشة تفاصيل اتفاق الرهائن ووقف النار في غزة.
ولفتا إلى أن الفجوة المتبقية بين الطرفين تتركز على المادة 14 في الاقتراح الإسرائيلي، وتحديداً مدة المفاوضات التي من المفترض أن تبدأها "حماس" وإسرائيل خلال المرحلة الأولى من الاتفاق من أجل الاتفاق على شروط المرحلة الثانية منه.
ووفقاً للصياغة الأصلية للمادة 14، فإن الولايات المتحدة وقطر ومصر "ستبذل كل جهد، لضمان انتهاء هذه المفاوضات باتفاق واستمرار وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات".
وفي الرد الذي قدمته "حماس" إلى إسرائيل، الأربعاء، طالبت الحركة بحذف عبارة "بذل كل جهد" واستبدالها بكلمة "ضمان"، لكن مسؤولين إسرائيليين يرون أنه "إذا كان الاتفاق سيتضمن الالتزام المكتوب الذي تطالب به حماس، فستكون الحركة قادرة على تمديد المفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة إلى أجل غير مسمى".
وبذلك، يمكن تمديد وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً، والذي يعد جزءاً من المرحلة الأولى من الصفقة، دون أن تطلق "حماس" سراح الجنود والرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً المحتجزين لدى الحركة على النحو المبين في المرحلة الثانية من الصفقة المقترحة.
وفي ردها الأخير على الاقتراح الإسرائيلي بشأن اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار، طالبت "حماس" الولايات المتحدة ومصر وقطر بـ"الالتزام بمواصلة المفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة، دون حد زمني أثناء تنفيذ المرحلة الأولى منها".
تدخل أميركي
بدورهم، قال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس جو بايدن "قدمت حلاً وسطاً وعرضت استخدام كلمة (التعهد)، التي تعتبرها الإدارة أقل إلزاماً من كلمة ضمان، ولكنها أكثر إلزاماً من (بذل كل جهد)".
وفي السياق، قال مسؤولون إسرائيليون كبار، إن الفجوة المتبقية فيما يتعلق بالمادة 14، كانت محور اللقاء الذي عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الخميس قبل رحلة مدير الموساد ديفيد برنياع إلى الدوحة.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنه "تقرر خلال الاجتماع أن يناقش برنياع هذه القضية بشكل أساسي، وسينقل رسالة إلى رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن، مفادها أن إسرائيل لا تقبل التغييرات التي تسعى حماس إلى إدخالها على المادة 14".
ومع ذلك، كان على برنياع أن يوضح لرئيس الوزراء القطري، أن إسرائيل تعتقد أن هذه قضية "يمكن ويجب حلها من أجل المضي قدماً في مفاوضات مفصلة حول تنفيذ الاتفاق".
ويزعم مسؤولون إسرائيليون كبار، أنه في مثل هذا السيناريو، سيكون من الصعب جداً على إسرائيل "استئناف القتال دون اعتبار ذلك انتهاكاً للاتفاق".
ماذا إذا انتهكت إسرائيل الاتفاق؟
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد الاجتماع، إن المفاوضين الإسرائيليين سيسافرون إلى الدوحة الأسبوع المقبل لمواصلة المحادثات.
وكان المسؤول في حركة "حماس" أسامة حمدان، قال في تصريحات، الجمعة، إن "الحركة تنتظر سماع الموقف الإسرائيلي بشأن ردها الجمعة أو السبت"، مشيراً إلى أن رد الحركة على الاقتراح الإسرائيلي تضمن "بعض الأفكار لسد الثغرات".
وقال إنه "إذا كان رد إسرائيل إيجابياً، فلن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للتوصل إلى اتفاق تفصيلي". يأتي ذلك في وقت يحاول البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية CIA، التوصل إلى حل وسط لسد الفجوة بين إسرائيل و"حماس" حول هذه القضية.
وأفاد مسؤولون أميركيون، بأن فريقا أميركياً كان في الدوحة، الجمعة، للمشاركة في المحادثات، لكن من غير المتوقع أن يشارك مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز بالمحادثات في الوقت الحالي.
وبات المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون أكثر تفاؤلاً من ذي قبل، بأن الخلاف الأخير مع قادة "حماس" يمكن أن يؤدي إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة وإرساء "هدوء مستدام" في القطاع.
وأوضح المسؤولون إنه، إذا تبين أن إسرائيل قد انتهكت الاتفاق، فمن الممكن أن يقرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض وقف لإطلاق النار دون إطلاق سراح جميع الرهائن.
وكانت مصادر مطلعة على المفاوضات، قالت إن هناك سيناريوهين أمام هذه المفاوضات، الأول أميركي والثاني حكومي إسرائيلي.
ووفق السيناريو الأميركي، حسبما أكدت المصادر المطلعة لـ"الشرق"، تستمر العملية التفاوضية على ثلاث مراحل، مدة كل واحدة منها شهر ونصف، يجري خلالها تبادل كافة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من كامل قطاع غزة، لتقيم منظومات أمنية دقيقة على الحدود مع القطاع.
وفي هذا السيناريو، لن تعلن إسرائيل نهاية الحرب، وستعلن أنها ستقوم بمهاجمة أي هدف عسكري أو أي محاولة لإعادة بناء القدرات العسكرية لحركة "حماس" والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.