واجه الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، المزيد من الضغوط من أقرانه الديمقراطيين القلقين من ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة لكنه يسعى لتخفيفها خلال فعاليتين انتخابيتين بولاية بنسلفانيا.
ويواجه بايدن (81 عاماً) دعوات متزايدة لوقف حملته الرامية لإعادة انتخابه رئيساً للبلاد بعد أدائه المتعثر خلال مناظرة جرت يوم 27 يونيو مع منافسه الجمهوري دونالد ترمب (78 عاماً)، والتي أثارت تساؤلات بشأن قدرته على القيام بمهامه لمدة أربع سنوات أخرى.
لكنه تعهّد بالبقاء في السباق رافضاً الدعوات الموجهة إليه بالانسحاب وواصفاً إياها، في رسالة بالبريد الإلكتروني لجمع التبرعات، السبت، بـ"الهراء".
لكن المناقشات "الصريحة" التي أُجريت خلال الأيام التالية للمناظرة بين الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ قد تُشكل مخاطر جديدة على المستقبل السياسي لبايدن.
وأشار ديمقراطيون أيضاً إلى أن نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي يُنظر إليها على أنها ستكون على الأرجح مرشحة تحل محل بايدن في انتخابات الخامس من نوفمبر إذا قرر التنحي، ربما يكون أداؤها جيداً.
ومن المقرر أن يعود المشرعون في مجلسي النواب والشيوخ إلى مبنى الكابيتول، الاثنين، وهي المرة الأولى التي سيجتمعون فيها وجهاً لوجه منذ المناظرة، ما قد يثير دعوات جديدة من قِبَل المشرعين لحث بايدن على التنحي أو إعادة تقييم ترشحه، وكان 5 أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب قد طالبوا بايدن بالفعل بإنهاء حملته الانتخابية.
"إنكار ووهم وتحدي"
ولم تنجح مقابلة طال انتظارها، أجراها بايدن، الجمعة الماضي، مع شبكة ABC News، في تخفيف مخاوف نواب الحزب الديمقراطي والمتبرعين للحزب.
وانتقل الديمقراطيون من مرحلة "الصدمة" إلى "الحزن والجنون" منذ المناظرة أمام ترمب، ويعتقد هؤلاء الذي فقدوا تفاؤلهم بعد المقابلة التي وُصفت بـ"عالية المخاطر"، أنه لا يوجد شيء يمكنه فعله لمعالجة الضرر، أو شيخوخته، بحسب موقع "أكسيوس".
وقال أحد الديمقراطيين في مجلس النواب، إن "هذا الأمر سيثير المتاعب عندما يعود الكونجرس للعمل الاثنين. الناس يشعرون بالذعر، وقلقون بشأن البلاد والديمقراطية".
ووصف ديفيد أكسلرود، المستشار السياسي للرئيس السابق باراك أوباما، موقف بايدن في مقال بأنه "إنكار، ووهم، وتحدي"، قائلاً إن عدداً كبيراً من الديمقراطيين "يخشون وقوع كارثة انتخابية".
فيما قال مشرّعون من جميع فصائل الحزب الديمقراطي، إن مانحين كبار وناخبين رئيسيين تساورهم مخاوف كبيرة بشأن قوة بايدن.
لكن "أكسيوس"، وصف عدد من النواب الديمقراطيين الذين دعوا بايدن علناً للانسحاب من السباق الرئاسي بأنها "مخادعة"، لافتاً إلى أن 5 نواب من أصل 213 نائباً تُعد "نسبة ضئيلة".
إلا أن العشرات من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ على وشك التحدث علانية أو التوقيع على خطابات تطالب بايدن بإنهاء ترشحه، وستتكثف المحادثات هذا الأسبوع، بحسب "أكسيوس".
وقال النائب الديمقراطي آدم شيف الأحد، لشبكة NBC NewsK، إن على بايدن التحرك سريعاً لتهدئة المخاوف.
وأضاف شيف: "أعتقد أنها (هاريس) يمكنها تحقيق فوز ساحق، ولكن قبل أن نشرع في اتخاذ قرار بشأن من ينبغي أن يكون البديل، يجب أن يتخذ الرئيس قراراً بشأن ترشحه".
وتابع: "إما أن يفوز (بايدن) بأغلبية ساحقة، أو عليه أن يمرر الشعلة إلى شخص يستطيع ذلك".
واتفق آلان كلندينين، عضو اللجنة الوطنية الديمقراطية عن ولاية فلوريدا، مع شيف في ضرورة أن ينسحب بايدن من السباق الرئاسي، والسماح لنائبته كامالا هاريس بأن تحل محله.
وكتب كلندينين على منصة "إكس": "سيتذكر المؤرخون بايدن باعتباره أحد أفضل الرؤساء في التاريخ الأميركي، لكن هذه الانتخابات تتعلق بالسنوات الأربع المقبلة، وليس بالسنوات الثلاث ونصف الماضية".
بينما قال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي لشبكة CNN، إن "المقابلة التلفزيونية للرئيس بايدن مع شبكة ABC News، لم تجب عن تساؤلات الناخبين في ولايتي. لا أعلم إذا كانت المقابلة قد فعلت ما يكفي للإجابة عن هذه التساؤلات، لذا أعتقد أن هذا الأسبوع سيكون حاسماً للغاية".
تشكيك في قدرات بايدن
ومن الحزب الجمهوري، شكك السيناتور ليندسي جراهام في مقابلة مع شبكة CBS News في قدرة بايدن على قيادة الولايات المتحدة قائلاً: "أنا قلق من قدرة الرئيس بايدن على قيادة البلاد لأربعة أشهر أخرى".
وأضاف جراهام: "ما يقلقني هو أن حلفاءنا يرون بايدن في حالة ضعف وأعداءنا يرونه كذلك. أشعر بالإهانة من فكرة أنه لا يجب عليه إجراء اختبار القدرات. بالنظر إلى كل الأدلة أمامنا، فهو ليس فقط في حالة إنكار، بل إن هذا وقت خطير للشعب الأميركي أن يكون لديه شخص يقود الدولة يبدو أنه في حالة ضعف. لذلك، على الأقل يجب أن يجري بايدن وترمب اختبارات القدرات".
وتابع: "ما أود رؤيته هو أن يخضع الرئيس بايدن لاختبار القدرات العقلية. وكذلك الرئيس (السابق) ترمب أيضاً. كما أعتقد أن جميع المرشحين للرئاسة في المستقبل يجب أن يخضعوا لفحوصات عصبية كجزء من الفحص البدني العام".
بايدن يواصل التحرك وسط انتقادات
ويعمل بايدن على تكثيف أنشطة حملته الانتخابية، إذ ألقى كلمة خلال قداس بكنيسة للأميركيين من أصول إفريقية في شمال غرب مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا قبل توجهه إلى عاصمة الولاية هاريسبرج لحضور فعالية مع أعضاء نقابات وديمقراطيين محليين.
ولن يلقي بايدن خطاباً في اجتماع لجمعية التعليم الوطنية كما كان مخططاً، بعد إعلان موظفي الجمعية عن إضرابهم، الأمر الذي قال الرئيس إنه لن يتجاوزه.
وبالتزامن مع فعاليات حملة بايدن، عقد زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، اجتماعاً افتراضياً "نادراً" للديمقراطيين، الأحد، قبل عودة المشرعين إلى واشنطن الاثنين.
ويخطط السيناتور مارك وارنر (ديمقراطي من فرجينيا) أيضاً لإجراء محادثات هذا الأسبوع لمناقشة مطالبة بايدن بالتنحي.
وتتصاعد الضغوط على بايدن وفريقه، كما أن أي تلميح إلى أن عُمْر الرئيس يعرقل قدرته على أداء مهامه قد يكون "مكلفاً"، بحسب "بلومبرغ".
وناقش بايدن، السبت، مع مستشاريه الرئيسيين في حملته خطة المضي قُدماً، بما في ذلك جريتشن ويتمر، حاكمة ولاية ميشيجان، وكريس كونز، عضو مجلس الشيوخ من ديلاوير، وجيم كلايبورن، عضو مجلس النواب من ساوث كارولاينا، وجيفري كاتزنبرج، الذي يُمثّل حلقة الوصل بين الحملة والمانحين الرئيسيين.
وواجه فريق بايدن انتقادات بعد أن كشفت المذيعة أندريا لوفول ساندرز لشبكة CNN عن تلقّيها قائمة من الأسئلة لطرحها على الرئيس قبل إجراء مقابلة قصيرة معه الأربعاء الماضي.
ونقلت "بلومبرغ" عن مصدر مطلع، طلب عدم كشف هويته، قوله إن حملة بايدن لن تقدم أسئلة مقترحة في المستقبل، مضيفاً أن المحاورين كانوا دائماً "أحراراً" في توجيه الأسئلة التي يرغبون فيها.
وقال بول تاجليابو، وهو متبرع ديمقراطي كان قد انضم للمطالبين بتنحي بايدن، إن الرئيس بإمكانه تهدئة بعض المخاوف إذا قدَّم طوعاً المزيد من المعلومات عن صحته.
وأشار تاجليابو إلى خضوع الرياضيين المحترفين إلى "فحوصات شاملة" قبل التوقيع على عقود مدتها 4 سنوات، مضيفاً: "إنهم يعرفون مدى أهمية هذه المعلومات".