"قمة الناتو".. فرصة بايدن لإثبات قدراته على القيادة والترشح للرئاسة

مخاوف عودة ترمب وصعود الصين والحرب في أوكرانيا.. أبرز الملفات

time reading iconدقائق القراءة - 8
زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يلتقطون صورة تذكارية في بداية الاحتفال بالذكرى الـ 75 لتأسيس الحلف في واشنطن، الولايات المتحدة. 9 يوليو 2024 - REUTERS
زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يلتقطون صورة تذكارية في بداية الاحتفال بالذكرى الـ 75 لتأسيس الحلف في واشنطن، الولايات المتحدة. 9 يوليو 2024 - REUTERS
واشنطن-محمد شهود

تستضيف العاصمة الأميركية واشنطن، الثلاثاء، قمة تاريخية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) احتفالاً بالذكرى الـ 75 لتأسيس الحلف.

ويستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن، رؤساء الدول الأعضاء في الحلف، في محاولة لمنح الرئيس الديمقراطي منصة دولية لإقناع الحلفاء في الداخل والخارج بأنه لا يزال قادراً على قيادة الولايات المتحدة، ولإظهار القوة والوحدة في وجه التهديدات العالمية.

وتُعقد القمة في أسبوع سياسي ساخن في واشنطن، إذ يواصل الحزب الديمقراطي والمشرّعون في الكونجرس، تقييم مدى فعالية استمرار ترشح بايدن في الانتخابات الرئاسية، أمام منافسه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، بعد الظهور الذي انتقده كثيرون واعتبروه ضعيفاً في المناظرة الأولى أمام ترمب، في 27 يونيو، وهو الظهور الذي دفع أعضاء في الحزب والكونجرس إلى مطالبة بايدن بالانسحاب لصالح نائبته كامالا هاريس، أو مرشح آخر.

ويرى محللون أن بايدن ينظر للقمة باعتبارها اختبار لإثبات أحقيته في الترشح، ووصل اهتمامه بها لدرجة أنه ذكر "حلف الناتو" 6 مرات في المقابلة التي أجراها معه جورج ستيفانوبولوس، المذيع في شبكة ABC، الجمعة، وقال إن الحدث سيكون "وسيلة جيدة للحكم علي".

في المقابل، يعتبر أعضاء بالحلف، القمة فرصة لمراقبة الوضع والطمأنينة من أن الولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن لا تزال قادرة على قيادة الحلف في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، وصعود الصين، وكذلك وسط مخاوف من احتمالات عودة ترمب، المتشكك في الحلف، وكثيراً ما وجه انتقادات لاذعة إلى دوره، واستخف بالتحالفات الدولية المتعددة الأطراف.

بايدن يراهن على استثمار دعم أوكرانيا

الدبلوماسي الأميركي السابق، فيليب كراولي، قال إن "كل زعيم في (الناتو) يدرك تماماً مدى تأثير تداعيات الانتخابات الأميركية القادمة على مستقبل التحالف".

وأضاف، لـ"الشرق": "ما قدمته الولايات المتحدة من خلال قيادة حشد الدعم العالمي لأوكرانيا، وإثارة المخاوف بشأن دعم الصين لجهود روسيا في تقويض سيادة كييف، ربما يجعل قادة الحلف يستمرون في الثقة بالقيادة الأميركية".

الضابط السابق في وكالة استخبارات الدفاع، مات شاوميكر، يرى أن رهان بايدن يمكن أن يتحول إلى كارثة تزيد تفاقم أزماته الداخلية، ومن مخاوف الحلفاء الأوروبيين.

وتوقع شاوميكر أن "تركز القمة بشكل أساسي على كيفية تفاعل قادة الحلف مع تعثر بايدن في الحملة الانتخابية، خلال الأسابيع القليلة الماضية".

وقال لـ"الشرق": "إذا بدأ قادة الحلف في الاعتقاد بأن بايدن غير قادر على الفوز بولاية أخرى، فمن المتوقع أن نرى بعض التلميحات خلف الكواليس تجاه ترتيبات مرحلة ترمب".

ورفض البيت الأبيض، تقارير أفادت بأن عدداً من قادة الحلف شككوا - في محادثات خاصة - في قدرة بايدن على القيادة.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، الاثنين: "لم نلحظ أي إشارات على ذلك من حلفائنا على الإطلاق، بل على العكس تماماً، المحادثات التي نجريها معهم مسبقاً تشير إلى أنهم متحمسون للقمة".

مدير الشؤون الأوروبية السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي، تشارلز كبشان، توقع في تصريحات لـ"الشرق"، ألا تتأثر القمة وخططها بالوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة.

لكنه استدرك: "في الوقت نفسه سيكون هناك قلق كبير بشأن ما إذا كان بايدن سيبقى في السباق، وكذلك بشأن فرص إعادة انتخاب ترمب".

ويؤكد كبشان على استمرار ثقة الحلفاء في الولايات المتحدة بشأن الناتو وأوكرانيا، لكن يشكك في استمرار هذا التضامن الواسع عبر الأطلسي في حال فوز ترمب.

أهداف قمة "الناتو"

ومن المرجح أن تركز القمة بشكل رئيسي على ما سماه أعضاء الحلف "جسر العضوية" لأوكرانيا، وهو مسار طويل الأجل يهدف إلى منح كييف عضوية الحلف، ولتحقيق هذا الهدف، من المتوقع أن يعلن الحلف عن خطوات إضافية لتعزيز التعاون التكتيكي وتطوير القوات، وتعهدات مالية، خلال الأيام المقبلة، فضلاً عن مجموعة من الاتفاقيات الأمنية بين الحلف وأوكرانيا.

وترى CNN أن قيادة بايدن للحلف، ومساعدته أوكرانيا بعد غزو روسيا تجعله أهم "أمين رئاسي" على الحلف منذ الرئيس جورج بوش الأب، لكن الشبكة الأميركية تتوقع أن تتلاشى إنجازات، بايدن، بما في ذلك انضمام السويد وفنلندا إلى التكتل، خلال القمة بسبب معركته لإنقاذ مستقبله السياسي.

وقالت الشبكة: "كل خطوة يخطوها بايدن، وكل لفتة يقوم بها، وكل كلمة ينطق بها ستكون تحت التدقيق الشديد، خاصة في اللحظات غير المكتوبة بعد أن حُفرت صورة القائد الأعلى المسن وغير المتماسك في بعض الأحيان في أذهان 50 مليون مشاهد في المناظرة أمام ترمب".

وفي وجه منتقديه ومن يطالبونه بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية، يستخدم بايدن دوما "الناتو" ضمن قائمة إنجازاته.

في المقابل، لا تزال روسيا قادرة على شن هجمات جوية على العاصمة كييف آخرها أصاب مستشفى للأطفال، الاثنين، وأودى بحياة 40 شخصاً، وقبل ذلك حققت مكاسب واسعة في ساحة المعركة، بسبب تأخر الكونجرس في الموافقة على المساعدات العسكرية الأميركية.

 وترى صحيفة "واشنطن بوست" أن الضربات الروسية المستمرة، تزيد من إصرار قادة الحلف على الحصول على تطمينات من إدارة بايدن بأنها لا تزال قادرة على الإيفاء بقيادتها والتزامها تجاه الحلف، في وقت تغيب فيه الرؤية الواضحة لسياسة ترمب تجاه التعامل مع الحرب في أوكرانيا.

ولم يذكر برنامج اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لعام 2024، الذي اعتمد، الاثنين، ودعمه ترمب، أوكرانيا أو حلف شمال الأطلسي. وبدلاً من ذلك، دعا بشكل عام إلى منع "الحرب العالمية الثالثة" واستعادة السلام في أوروبا، على عكس عام 2016، عندما دعم برنامج الحزب الجمهوري تقديم المساعدة للقوات المسلحة الأوكرانية، وزيادة التنسيق مع مخططي الدفاع في حلف شمال الأطلسي.

التوتر مع الصين

وتركز القمة على التهديدات التي تشكلها الصين، بما في ذلك، ما يسميه مسؤولون في الحلف "حملات التضليل المستمرة التي تهدف إلى زرع الشكوك في الأنظمة الديمقراطية." كما اشتكوا مراراً من أن صادرات الصين لبعض الأدوات والتكنولوجيا سمحت لموسكو بإعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية لشن الحرب في أوكرانيا.

وانتقدت الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، الصين بسبب سياساتها التي "تهدد الأمن الأوروبي في الوقت الذي تسعى فيه بكين إلى إقامة علاقات تجارية أوسع مع دول أوروبا". 

وقال مسؤولون أميركيون وصفتهم شبكة ABC بالمتحالفين مع بايدن إنه على الرغم من أن القمة لا تتجه إلى الاحتفال بإنجازات الرئيس في السياسة الخارجية كما توقعوا، إلّا أنهم يأملون أن تلفت الانتباه إلى الكيفية التي قد يؤدي بها فوز ترمب في نوفمبر إلى الإضرار بمكانة أميركا على الصعيد الدولي.

تصنيفات

قصص قد تهمك