بعد تقارير عن "مخطط" لاغتيال رئيس شركة ألمانية.. برلين: الترهيب الروسي لن يخيفنا

time reading iconدقائق القراءة - 8
مدفع خاص بمركبة قتالية من طراز  'Puma' على خط إنتاج شركة 'راينميتال' الألمانية في أونترلوس بولاية سكسونيا السفلى- 12 فبراير 2024 - Reuters
مدفع خاص بمركبة قتالية من طراز 'Puma' على خط إنتاج شركة 'راينميتال' الألمانية في أونترلوس بولاية سكسونيا السفلى- 12 فبراير 2024 - Reuters
دبي/موسكو/برلين-الشرقرويترز

قالت الحكومة الألمانية، الجمعة، إن برلين تأخذ التقارير عن مؤامرة روسية لاغتيال الرئيس التنفيذي لشركة "راينميتال" لتصنيع الأسلحة على محمل الجد، مضيفة أن "الترهيب الروسي لن يخيفها".

وكانت شبكة CNN وصحيفة "نيويورك تايمز" ذكرتا الخميس، أن المخابرات الأميركية اكتشفت خطة روسية لاغتيال آرمين بابيرجر الرئيس التنفيذي للشركة التي تصنع قذائف مدفعية ومركبات عسكرية لأوكرانيا، وذلك ضمن خطة أوسع لاستهداف مزودي أوكرانيا بالأسلحة في الدول الأوروبية.

وذكرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر: "لن ترهبنا روسيا، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لمنع التهديدات الروسية في ألمانيا"، بينما لم تؤكد الشركة التقارير على نحو مباشر، مكتفية بالتأكيد عبر بيان أن "الإجراءات الضرورية تتخذ دائماً لتحقيق الأمن عبر تشاور منتظم مع السلطات الأمنية".

في المقابل، نفى الكرملين تلك التقارير، ووصفها بأنها "زائفة".

وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن التقارير الإعلامية التي أفادت بأن روسيا خططت لاغتيال الرئيس التنفيذي لشركة "راينميتال" الألمانية، تستند إلى معلومات "زائفة من مصادر مجهولة، ولا تحتوي على وثائق جدية، وبالتالي لا يمكن أخذها على محمل الجد".

وبحسب ما نقلته CNN عن 5 مسؤولين أميركيين وغربيين مطلعين، فإن هذه "المؤامرة" كانت واحدة من سلسلة خطط الحكومة الروسية لاغتيال المديرين التنفيذيين في صناعة الدفاع بجميع أنحاء أوروبا، الذين كانوا يدعمون المجهود الحربي في أوكرانيا، مشيرين إلى أن خطة اغتيال آرمين بابيرجر، الذي قاد مهمة تصنيع الأسلحة الألمانية لدعم كييف، كانت الأكثر نضجاً بينهم.

وأشار التقرير إلى أن الأميركيين، عندما علموا بهذه الجهود، أبلغوا ألمانيا فوراً، لتتمكن أجهزتها الأمنية بعد ذلك من حماية بابيرجر وإحباط المؤامرة، وذكر مسؤول حكومي ألماني رفيع المستوى، أن "الولايات المتحدة حذرت برلين بشأن المؤامرة".

"حرب ظل موازية"

وزعمت الشبكة الإخبارية الأميركية أن روسيا قامت، على مدى أكثر من 6 أشهر، بتنفيذ حملة تخريب في جميع أنحاء أوروبا، وذلك في الغالب باستخدام وكلاء، لافتةً إلى أن موسكو جنّدت هواة محليين للعديد من العمليات، بدءاً من هجمات الحرائق المتعمدة على المستودعات المرتبطة بالأسلحة الموجهة إلى أوكرانيا، وصولاً إلى أعمال التخريب البسيطة، والتي تم تصميمها كلها لعرقلة تدفق الأسلحة من الغرب إلى كييف وإضعاف الدعم الشعبي لها.

واعتبرت CNN أن المعلومات الاستخباراتية التي كشفت عن استعداد روسيا لاغتيال مواطنين معينيين، أكدت للمسؤولين الغربيين إلى أي مدى كانت موسكو مستعدة للذهاب في حرب الظل الموازية التي تشنها في الدول الغربية.

وأضافت: "بابيرجر كان هدفاً واضحاً، وذلك بالنظر إلى أن شركته (راينميتال) هي أكبر وأنجح شركة ألمانية مُصنِعة لقذائف المدفعية الحيوية من عيار 155 ملم، والتي أصبحت سلاحاً لا بديل عنه في حرب الاستنزاف الطاحنة بأوكرانيا. كما أنها ستفتتح مصنعاً للمركبات المدرعة داخل كييف في الأسابيع المقبلة، وهو الجهد الذي قال مصدر مطلع على المعلومات إنه يثير قلقاً عميقاً بالنسبة لروسيا".

وبحسب التقرير، يُساعد الكشف عن سلسلة المؤامرات الروسية، التي يتم كشفها لأول مرة، في تفسير التحذيرات المتزايدة بشدة من قبل مسؤولي حلف شمال الأطلسي "الناتو" بشأن خطورة الحملة التخريبية التي يعتقد بعض كبار المسؤولين أنها تُهدد بتجاوز العتبة، والانتقال إلى صراع مسلح في أوروبا الشرقية.

ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤول كبير في "الناتو"، قوله: "نشهد عمليات تخريب ومؤامرات اغتيال وحرائق متعمدة، وأشياء تكلفنا خسارة أرواح بشرية.. أعتقد بقوة أننا نشهد حملة من الأنشطة التخريبية السرية من روسيا تحمل عواقب استراتيجية".

ورغم أن مجلس الأمن القومي الأميركي رفض التعليق على وجود مثل هذه المؤامرة الروسية أو تحذير واشنطن لبرلين بشأنها، إلا أن المتحدثة باسم المجلس، أدريان واتسون، قالت في بيان: "إن حملة التخريب المكثفة التي تقوم بها روسيا هي أمر نأخذه بقدر كبير من الجدية، وركزنا عليه باهتمام خلال الأشهر القليلة الماضية".

وتابعت: "الولايات المتحدة ناقشت هذه القضية مع حلفائها في الناتو، ونعمل معاً بنشاط لكشف هذه الأنشطة وتعطيلها، كما أوضحنا أيضاً أن تصرفات موسكو لن تثني الحلفاء عن مواصلة دعم أوكرانيا".

بدورها، رفضت السفارة الألمانية في واشنطن التعليق على الأمر، وكذلك أوليفر هوفمان، المتحدث باسم "راينميتال"، مكتفياً بالقول إنه "يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة دائماً بالتنسيق المنتظم مع السُلطات الأمنية".

"تعزيز التبادل الاستخباراتي"

حملة التخريب الروسية المزعومة، كانت، وفقاً لـCNN، نقطة نقاش رئيسية بين مسؤولي "الناتو" أثناء تواجدهم في واشنطن لحضور قمة الذكرى السنوية الـ75 للكتلة، وذلك في إطار سعيهم إلى تحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية عبر الحلف.

كما أثارت مخططات روسيا، وخاصة استعدادها لاتخاذ إجراءات مميتة ضد مواطنين أوروبيين على أراضٍ أجنبية، تساؤلات صعبة بشأن كيفية استجابة "الناتو"، وذلك، وفقاً للتقرير، بالنظر إلى أنه بموجب المادة (5)، يُنظر إلى أي هجوم مسلح على دولة عضو في الحلف، باعتباره هجوماً على الجميع.

وأضافت الشبكة أن حملة التخريب التي شنّتها روسيا كانت في بعض الأحيان تحمل طابع العمليات التي يُنفذها الهواة، لافتة إلى أن بعض الجرائم المرتبطة بالحملة لم يكن لها أي صلة واضحة بالصراع في أوكرانيا.

وأشار بعض المحللين إلى الجهود الروسية هذه باعتبارها "حملة هجينة تستخدم أدوات غير عسكرية مثل الدعاية والخداع والتخريب"، لكن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين أصبحوا تدريجياً يرفضون تعريف جهود موسكو التخريبية بهذا الشكل.

وأضاف المسؤول الكبير في الناتو: "أرفض بشكل جذري فكرة أن ما نراه الآن هو حملة هجينة من جانب روسيا، فصحيح أن هناك بعض العناصر الهجينة، لكنني عندما أفكر في هذا المصطلح، أفكر في تشويه المعالم الأثرية وتلك الأشياء التي ينطبق عليها التعريف التقليدي: تحت عتبة النزاع المسلح".

وتابع: "بالنظر إلى قيام روسيا بتجنيد عملاء لتنفيذ عمليات إشعال الحرائق والتخطيط لاغتيالات، وهي أعمال مميتة، فإنني لست واثقاً من أن هؤلاء جميعاً يندرجون تحت العتبة التي يعنيها مصطلح (الهجينة)".

ولم يكن من الواضح ما إذا كانت المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بشركة "راينميتال"، تشير إلى أن موسكو تعتزم تصفية آرمين بابيرجر بشكل مباشر أو من خلال استخدام وكيل محلي.

"تقويض الدعم الغربي لأوكرانيا"

أما الجهود الروسية الأخرى، فكانت وفقاً لمصادر مطلعة تحدثت للشبكة، أكثر جدية بكثير من مجرد الكتابة على الجدران أو تخريب سيارة أحد الدبلوماسيين، إذ تم وضع القواعد العسكرية الأميركية في جميع أنحاء أوروبا في حالة تأهب قصوى الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ عقد من الزمن بعد أن تلقت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تفيد بأن الجهات الفاعلة المدعومة من موسكو كانت تفكر في تنفيذ هجمات تخريبية ضد أفراد ومنشآت عسكرية أميركية.

وفي أبريل الماضي، تم إلقاء القبض على مواطنين ألمانيين من ذوي الأصول الروسية بتهمة التخطيط، نيابةً عن موسكو، لشن هجمات بالقنابل وإشعال حرائق متعمدة على أهداف متعددة، من بينها منشآت عسكرية أميركية، وفي مارس الذي سبقه أيضاً اتُهم عدد من الرجال في لندن بالعمل مع أجهزة المخابرات الروسية لإضرام النيران في مستودع مرتبط بأوكرانيا.

وقال رئيس الوزراء البولندي في مايو إن بلاده تُحقق فيما إذا كان هجوم الحرق المتعمد الذي دمر أكبر مركز تجاري في وارسو، خلال ذلك الشهر، مرتبطاً بروسيا، فضلاً عن اعتقال 9 أشخاص بتهمة التورط في أعمال تخريب لها صلات بموسكو، واعتقلت السلطات الفرنسية، الشهر الماضي، رجلاً روسياً من أصل أوكراني، زُعم أنه كان يصنع قنابل كجزء من حملة تخريبية نظمتها موسكو أيضاً.

وقال المسؤول الكبير في حلف شمال الأطلسي: "يقومون بذلك الآن لأنهم يعتقدون أن وجود عدد من الانتخابات في جميع أنحاء الدول الغربية يُمثل فرصة كبيرة لمحاولة تقويض الدعم الشعبي لأوكرانيا".

وأضاف أن روسيا ترى فرصة سانحة قبل وصول الأسلحة والذخيرة التي تعهّد الغرب بإرسالها إلى ساحة المعركة في كييف، قائلاً: "هذا هو الوقت المناسب لاستهداف الغرب من خلال هذا النوع من العمليات، لمحاولة تقويض الدعم، ومنع تدفق الأسلحة إلى هناك".

تصنيفات

قصص قد تهمك