تحقيق يكشف ترقية إسرائيل لقادة كتيبة مُتهمة بانتهاكات حقوقية

time reading iconدقائق القراءة - 9
جنود إسرائيليون من كتيبة المشاة "نيتسح يهودا" خلال مراسم أداء اليمين بمناسبة انتهاء تدريبهم في الجيش. 26 مايو 2013 - REUTERS
جنود إسرائيليون من كتيبة المشاة "نيتسح يهودا" خلال مراسم أداء اليمين بمناسبة انتهاء تدريبهم في الجيش. 26 مايو 2013 - REUTERS
دبي-الشرق

كشفت شبكة CNN الأميركية خلال تحقيق أجرته مؤخراً، أن الجيش الإسرائيلي رقّى قادة سابقون بكتيبة "نيتسح يهودا"، المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، إلى مناصب عليا، فيما يعملون الآن على تدريب القوات البرية الإسرائيلية وإدارة العمليات في غزة، وسط مخاوف من انتقال "ثقافة العنف" التي تنتهجها الكتيبة لوحدات أخرى من الجيش.

وأوضحت الشبكة الأميركية، أنها حصلت على شهادة "نادرة" على ارتكاب مخالفات من جندي سابق في الوحدة، والذي قال إن قيادة الكتيبة "كانت تشجع ثقافة العنف"، المسألة التي أثارتها تحقيقات في وزارة الخارجية الأميركية. 

واتهمت الولايات المتحدة في أبريل الماضي، 5 وحدات إسرائيلية بارتكاب "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان، بينها "نيتسح يهودا"، وأشارت آنذاك إلى أن جميع الوقائع حدثت قبل هجوم حركة "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، وأنه لم يحدث أي منها في قطاع غزة.

وأضافت الوزارة أن 4 من هذه الوحدات "عالجت الانتهاكات على نحو فعال أو أصلحت نفسها في أعقاب تلك الحوادث"، لكن لم تقرر بعد ما إذا كانت ستفرض قيوداً على المساعدات العسكرية المُقدمة إلى الوحدة المتبقية، وهي كتيبة "نيتسح يهودا"، والتي أُنشئت في الأصل لتضم اليهود المتشددين في الجيش. 

"نيتسح يهودا" وثقافة العنف

وباستخدام تقنية التعرف على الوجه وأساليب مفتوحة المصدر، وجدت CNN، أن 3 قادة سابقين في الكتيبة، كانوا مسؤولين وقت وقوع الانتهاكات المزعومة في الضفة الغربية، جرى ترقيتهم في صفوف الجيش الإسرائيلي. 

وقدم عضو سابق بالكتيبة لـCNN، تفاصيل بعض حالات المعاملة القاسية والعنف المفرط ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. 

وقال إن قادة الكتيبة كانوا "يدعمون بقوة أعمال العنف الانتقامية، وأن ترقيتهم إلى مناصب عليا في الجيش الإسرائيلي يهدد بنقل نفس الثقافة إلى قطاعات أخرى". 

وأضاف: "ربما لم يعتبر الكثيرون منا أن العرب، والفلسطينيين على وجد التحديد، كأشخاص يتمتعون بحقوق، وكأنهم بالفعل يحتلون بعض الأراضي ويجب نقلهم". 

وأوضح الجندي السابق، أن الكتيبة كانت مشهورة بتنفيذ ما وصفه بـ"العقاب الجماعي للفلسطينيين". وأعطى مثالاً بالإشارة إلى هجوم شنته قواتها على قرية فلسطينية، حيث ألقت قنابل صاعقة والغاز على المنازل، رداً على إلقاء بعض أطفال القرية الحجارة عليهم.

وقال الجندي إن قادة "نيتسح يهودا" لعبوا دوراً رئيسياً في تكريس ثقافة العنف أثناء تواجده في صفوف الكتيبة، سواء من خلال السماح بارتكابه أو الترويج له. 

الجيش لإسرائيلي: نُحقق 

في المقابل، رد الجيش الإسرائيلي على طلب CNN للتعليق على الأمر، قائلاً إن "الكتيبة تعمل بطريقة مهنية وأخلاقية، وإن جنودها وقادتها يتحركون وفقاً للأوامر والبروتوكولات التي يُتوقع من الجنود في الجيش الإسرائيلي اتباعها". 

وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه "يحقق في جميع الحالات غير العادية، ويتخذ إجراءات تأديبية ضد المتورطين عند الاقتضاء".

وأثارت الأنباء عن إمكانية حجب الولايات المتحدة المساعدات عن الوحدة العسكرية الإسرائيلية آنذاك، ردود فعل غاضبة من قبل مسؤولين إسرائيليين كبار، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال: "إذا اعتقد أي شخص أن بإمكانه فرض عقوبات على وحدة بالجيش الإسرائيلي، فسأقاتله بكل ما أوتيت من قوة". 

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لرئيس مجلس النواب، مايك جونسون، أن الولايات المتحدة "تعمل مع إسرائيل على وضع مسار لمعالجة انتهاكات كتيبة نيتسح يهودا على نحو فعال". 

ولفتت CNN إلى أن اسم الكتيبة "لم يرد في الخطاب"، لكن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين أكدوا أن بلينكن كان يشير إلى "نيتسح يهودا"، والتي اتُهمت بارتكاب سلسلة من الانتهاكات في الضفة الغربية المُحتلة على مدى السنوات الـ10 الماضية، بما في ذلك وفاة رجل أميركي من أصول فلسطينية (78 عاماً) في 2022. 

إحباط أميركي

وقالت CNN إنها تحدثت خلال فترة التحقيق، والتي استمرت شهراً، مع العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين، الذين كشفوا عن وجود شعور بـ"الإحباط الشديد" داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إزاء المعاملة "الملحوظة" التي تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة، عندما يتعلق الأمر بالتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قواتها الأمنية. 

ورأى المسؤولون الأميركيون السابقون أن "استمرار ترقية قادة نيتسح يهودا السابقين في صفوف الجيش الإسرائيلي، تعد نتيجة مثيرة للقلق، لعدم اتخاذ الولايات المتحدة أي إجراء، وقد تؤدي إلى عواقب مدمرة". 

وورد في مذكرة داخلية أرسلتها وزارة الخارجية إلى الكونجرس، أن الولايات المتحدة وجدت أن 4 من أصل 5 وحدات تخضع للتدقيق عالجت انتهاكاتها، على أساس أن إسرائيل اتخذت خطوات "لمحاكمة" الجنود المتورطين. 

وفي السياق، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية، لـ CNN، إن الوزارة "لا تناقش ملابسات الحالات الفردية، لكن خبراءها خلصوا إلى أن العديد من وحدات قوات الأمن الإسرائيلية متورطة بشكل موثوق في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". 

وأضاف: "نواصل تقييم التقارير المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي انتهكتها قوات أمن إسرائيلية، وفقاً للقانون. وجميع المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل تُقدم بما يتوافق مع القوانين المحلية والدولية".

وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن الوحدات الإسرائيلية الخمس، لم تكن الوحيدة التي خضعت للتدقيق من قبل وزارة الخارجية، لافتين إلى أن اللجنة الخاصة التابعة للخارجية اتفقت بالإجماع على وجود 3 وحدات أخرى ثبت أنها ارتكبت انتهاكات قبل 7 أكتوبر الماضي. 

وأوضحت CNN أن بلينكن ونائبه فقط هما من يستطيعان اتخاذ قرار نهائي، بشأن ما إذا كانت هذه الوحدات لا تزال مؤهلة لتلقي المساعدة العسكرية الأميركية 

ويرى المدير السابق لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية، جوش بول، أن الحقيقة المتمثلة في عدم فرض الولايات المتحدة أي عقوبات على وحدات عسكرية إسرائيلية يدل على "عدم وجود رغبة سياسية أو شجاعة أخلاقية لمساءلة إسرائيل".

"كبش فداء"

وقال جنود قدامى بالجيش الإسرائيلي في منظمة "كسر الصمت" المناهضة للاحتلال، لـCNN، إن الجيش الإسرائيلي غالباً ما يجعل من الجنود أو الضباط الصغار "كبش فداء". 

ويرى الجنود أن الانتهاكات هي "خطأ" يتحمل مسؤوليته أشخاص سيئين، وليست انعكاساً لمشاكل مؤسسية ناجمة عن ممارسات عسكرية قائمة منذ فترة طويلة أو سياسات حكومية. 

وأنشأ الجيش الإسرائيلي كتيبة "نيتسح يهودا" في العام 1999 لليهود المتشددين، لمراعاة ممارساتهم الدينية الأكثر صرامة، مثل الفصل بين الرجال والنساء. 

واجتذبت الكتيبة، منذ تأسيسها، قوميين متدينين من الحركة الاستيطانية في الضفة الغربية، إذ تمثل "نيتسح يهودا" جزءاً من لواء "كفير"، وهو أكبر لواء مشاة في جيش الدفاع الإسرائيلي، وفق CNN.

يشار إلى أن "قانون ليهي" الأميركي، يحظر تقديم المساعدة إلى الوحدات العسكرية الأجنبية المتورطة في فظائع، كما تنص المادة 620 (I) من قانون المساعدة الخارجية، على أنه لا ينبغي تقديم أي مساعدة لأي حكومة "تحظر أو تقيد بشكل آخر، بشكل مباشر أو غير مباشر، نقل أو إيصال المساعدات الإنسانية الأميركية".

تصنيفات

قصص قد تهمك