عقب محاولة اغتيال ترمب.. إلى أين يتجه العنف السياسي في أميركا؟

استطلاع: 10% من الأميركيين البالغين يرون أن استخدام القوة مُبرر لمنع الرئيس السابق من العودة للبيت الأبيض

time reading iconدقائق القراءة - 8
أفراد الخدمة السرية حول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عقب إطلاق النار عليه خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا. 13 يوليو 2024 - Bloomberg
أفراد الخدمة السرية حول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عقب إطلاق النار عليه خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا. 13 يوليو 2024 - Bloomberg
دبي -الشرق

أثارت محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب، السبت، الكثير من المخاوف لدى قادة الدول حول العالم من توسع دائرة العنف السياسي، خاصة أن الولايات المتحدة تعاني على مدار تاريخها من هذه الظاهرة، فيما يرى محللون وخبراء أن أميركا "دخلت بالفعل حقبة جديدة مفزعة من العنف السياسي قد تتطور إلى حرب أهلية".

مجلة "ذا أتلانتك" الأميركية علقت على حادث ترمب، قائلة: "الولايات المتحدة دخلت حقبة العنف السياسي"، فيما أثار الهجوم على المرشح الجمهوري مخاوف من أن تؤجج الدورة الانتخابية الجارية، إلى مزيد من التصعيد العنيف في البلاد، إذ يتبادل الخبراء والمحللون تقديراتهم ومخاوفهم من أن تصبح الانتخابات الرئاسية منصة لتصاعد التوترات.

وحذّر خبراء وباحثون سياسيون، على مدار السنوات الماضية، من أن الاستقطاب السياسي المتصاعد بات يتزامن مع تهديدات وأعمال عنف أصبحت جزءاً شائعاً من المشهد السياسي الأميركي.

وأصيب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مساء السبت، في أذنه اليمنى، في حادث إطلاق النار خلال تجمع انتخابي بولاية بنسلفانيا، لكن مسؤولي حملته أكدوا أنه بصحة جيدة بعد إجراء فحوصات طبية.

أشكال عدة من العنف السياسي

الباحث والخبير سياسي ورئيس مجموعة "يوراسيا"، إيان بريمر، قال في مقطع فيديو عقب الحادث: "في بلد لا يعتقد الكثيرون فيه أن ديمقراطيتهم سليمة أو فعَالة، ويعتقدون أيضاً أن المعارضة الداخلية تسعى إلى تدمير تلك الديمقراطية، فإن هذا هو أسوأ نوع من الحوادث التي يمكن أن تحدث في مثل هذه البيئة".

وأعرب بريمر عن قلقه الشديد، من أن ما حدث "ينبئ بمزيد من العنف السياسي وعدم الاستقرار الاجتماعي في المستقبل".

ومن جانبها، ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن العنف السياسي في الولايات المتحدة بات يتخذ أشكالاً عديدة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تمرد السادس من يناير 2021 (اقتحام الكونجرس)، والتهديدات العنيفة ومضايقة مسؤولي الانتخابات، ومحاولات استهداف المسؤولين المنتخبين.

وتشير الصحيفة إلى أن العنف السياسي، أصبح الآن "أسهل من أي وقت مضى"، بالنسبة لأولئك الذين لديهم معتقدات سياسية متطرفة أن ينظموا أنفسهم عبر الإنترنت، قائلة إن معظم أعمال "العنف السياسي" في الولايات المتحدة يرتكبها أشخاص لا ينتمون إلى أي منظمات رسمية، وفقاً لما نقلته عن الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والرد عليه.

ورأت الصحيفة، أنه من المؤكد أن هذه اللحظة ستزيد من حدة عام الانتخابات المشحون بالفعل، والذي واجه المسؤولون المنتخبون فيه عدداً متزايداً من التهديدات.

استخدام القوة لمنع ترمب

ووثقت الدراسات الاستقصائية والدراسات المختلفة ظهور مثل هذه التهديدات، إذ أصدر مركز "برينان للعدالة" في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، تقريراً، في يناير الماضي، وجد أن السياسيين الأميركيين المعروفين ليسوا وحدهم الذين واجهوا المزيد من التهديدات، إذ قال 43% من المشرعين بالولاية، و18% من أصحاب المناصب المحلية إنهم تلقوا تهديدات أيضاً.

بدوره، وجد مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية في "ويست بوينت" بنيويورك، أن التهم الفيدرالية المتعلقة بتهديد المسؤولين الحكوميين ارتفعت بشكل حاد في السنوات الماضية، وهو الاتجاه الذي قالت شبكة NBC News إنه يبدو مستمراً.

وذكرت دراسة "ويست بوينت"، أن "المراجعة الأولية للقضايا في الفترة بين عامي 2023 و2024، تُظهر أن عدد الملاحقات القضائية الفيدرالية بات في طريقه للوصول إلى مستويات قياسية جديدة".

ووجد استطلاع أميركي، أُجري في جامعة شيكاغو أواخر يونيو الماضي، أنه بات هناك المزيد من الدعم للعنف ضد ترمب، إذ وافق 10% (أو 26 مليوناً) من البالغين الأميركيين على أن "استخدام القوة مُبرَر لمنع ترمب من أن يصبح رئيساً"، وأفاد أكثر من 30% منهم بأنهم يمتلكون أسلحة، ونحو 80% بأن لديهم إمكانية الوصول إلى أدوات تنظيمية عبر الإنترنت.

كما أظهر الاستطلاع أن 7% من البالغين الأميركيين (18 مليوناً)، يدعمون استخدام القوة لإعادة ترمب إلى البيت الأبيض، وكان نصفهم يمتلكون أسلحة.

مشاعر مناهضة ترمب

الأستاذ في جامعة شيكاغو ومدير مشروع الأمن والتهديدات في الجامعة، روبرت بيب، قال إنه "يجب على القادة السياسيين من كلا الحزبين وعلى جميع مستويات الحكومة: الرئيس، وقادة الكونجرس، وحكام الولايات، أن يدينوا فوراً العنف السياسي من أي جانب".

وأضاف بيب أن "إطلاق النار على ترمب هو نتيجة للدعم الكبير للعنف السياسي في الولايات المتحدة، ولذا فإنه علينا أيضاً أن نقلق بشأن التهديد بالانتقام من الرئيس بايدن".

وحذّر من تزايد الهجمات الكبيرة التي يقوم بها أشخاص بشكل فردي منذ سنوات بدافع العنف السياسي ضد أعضاء الكونجرس من كلا الحزبين، وكذلك ضد المسؤولين الفيدراليين والقادة الوطنيين.

وتابع بيب: "هناك مشاعر مناهضة لترمب أكثر عنفاً من المشاعر المؤيدة له، ولذا علينا أن نكون مستعدين للعنف القادم من اليسار ضد حكمه".

فيما وجدت دراسات أخرى عن العنف السياسي أيضاً، أعداداً صغيرة، ولكنها مؤثرة بين الأميركيين الذين يدعمون فكرة استخدام العنف للترويج للأفكار السياسية.

وفي 2022، نشر برنامج أبحاث الوقاية من العنف في جامعة كاليفورنيا، نتائج دراسة أجراها، وجدت أن نصف الأميركيين تقريباً يتوقعون حدوث "حرب أهلية" في السنوات القليلة المقبلة. ورأى أكثر من 10% من المستطلعين أن العنف سيكون مُبرَراً في بعض الأحيان، على الأقل، لإعادة ترمب إلى منصبه، حسبما نقلت صحيفة "ذا هيل".

وفي أكتوبر 2023، وجد استطلاع أميركي جديد، أن عدداً متزايداً من الأميركيين يؤيدون العنف السياسي في محاولة لإنقاذ الولايات المتحدة، وفقاً للبيانات التي جمعها معهد "بروكينجز" للأبحاث.

أما وكالة "رويترز"، فذكرت، في تقرير لها، أن العنف السياسي في الولايات المتحدة المستقطَبة، بات في أسوأ حالاته منذ سبعينيات القرن الماضي، مشيرة إلى أنه على النقيض من السبعينيات، فإن الكثير من أعمال العنف السياسي اليوم تستهدف الناس بدلاً من الممتلكات. وذكرت أن معظم الحوادث المميتة التي رصدتها جاءت من جناح اليمين.

وتشير  صحيفة "الجارديان" إلى أن تزايد الدعم للعنف السياسي في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، يأتي في وقت يتسم بالتحزب المتطرف، وانتشار المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، والخطاب العنيف من جانب ترمب وحلفائه، ووفقاً لاستطلاع جامعة شيكاغو، فإن الأسباب الكامنة وراء "دعم العنف تنبع من عدم الثقة في المؤسسة الأميركية والاعتقاد في نظريات المؤامرة".

تصنيفات

قصص قد تهمك