تدرس عدة دول أوروبية إعادة فتح سفاراتها في أفغانستان بعد توفر الحد الأدنى من الظروف السياسية والأمنية، في خطوة من شأنها أن تنطوي على اعتراف دبلوماسي بحركة "طالبان"، وذلك بعد مرور 3 سنوات تقريباً على سيطرة التنظيم على البلاد منذ عام 2021، بحسب ما أوردت "بلومبرغ".
وأجلت عدة دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، رعاياها وأفرادها الأمنيين من أفغانستان عام 2021، مع سقوط كابول في أيدي حركة "طالبان"، التي شنت تمرداً استمر عقوداً، بعد الإطاحة بها من السلطة في 2001.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن واشنطن "ليس لديها أي نية للاعتراف سياسياً بحركة طالبان أو إعادة فتح سفارة في كابول"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة كانت واضحة مع طالبان، بأنه لا تزال هناك مخاوف على رأسها المعاملة العادلة للنساء والفتيات، تمنعها من التحرك في هذا الاتجاه".
ولا توجد سفارة أوروبية حالياً على الأرض، رغم أن الاتحاد الأوروبي لديه وفد في البلاد، كما تحتفظ واشنطن بقسم لرعاية المصالح في الممثلية القطرية، فيما تعد اليابان، الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لديها سفارة هناك.
كما أصبحت الصين، العام الماضي، أول دولة تُعين رسمياً سفيراً جديداً في أفغانستان منذ سيطرة الحركة على السلطة، إذ قدم السفير الصيني أوراق اعتماده خلال حفل أقيم بالعاصمة كابول، لكن دولاً وهيئات أخرى، مثل باكستان والاتحاد الأوروبي، أرسلوا دبلوماسيين كبار لقيادة البعثات الدبلوماسية باستخدام لقب "القائم بالأعمال"، وهو ما لا يتطلب تقديم أوراق اعتماد سفير إلى الدولة المضيفة.
الوضع السياسي والأمني
وأفادت مصادر مطلعة لـ "بلومبرغ"، بأن إيطاليا، وفي علامة على الاهتمام المحتمل، قامت بمهمة استطلاعية مع أجهزتها الاستخباراتية في كابول خلال الأسابيع القليلة الماضية، كما أكد وزير خارجيتها أنطونيو تاجاني أن السفير الإيطالي، الموجود حالياً في الدوحة، زار كابول.
وأضاف تاجاني في مقابلة على هامش قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، التي اختتمت الأسبوع الماضي في العاصمة واشنطن: "كانت هناك مهمة لسفيرنا. هناك مشاكل في مجال حقوق الإنسان. الحل معقد للغاية وسيستغرق وقتاً".
بدوره، امتنع الناطق باسم الاتحاد الأوروبي عن التعليق على احتمال عودة الدول الأعضاء بشكل فردي، قائلاً إن ذلك القرار "يعود إلى حكومات تلك الدول".
وبحسب الموقع الإلكتروني للخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، فإن "وجود التكتل يتوافق مع سياسات وتصرفات سلطات الأمر الواقع في طالبان، ولا يمنحها أي شرعية".
وقال دبلوماسي أوروبي كبير إن "وجهة النظر بين المسؤولين في بروكسل تحولت إلى الاعتراف بضرورة التواجد المادي في البلاد، لإجراء مشاريع تنموية وحماية حقوق المرأة وإقامة حضور استراتيجي".
من جانبه، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي: "بمجرد توفر الحد الأدنى من الظروف الأمنية، سنعيد سفيرنا. كنا جاهزين قبل شهر. ولسوء الحظ، قُتل 3 إسبان في هجوم لتنظيم داعش في أفغانستان".
وفي ألمانيا، تناقش السلطات علناً كيفية إعادة طالبي اللجوء الأفغان الذين ارتكبوا جرائم أو مدانين. وفي الوقت الحالي، تقول برلين إنه "لا يمكن ترحيل هؤلاء الأفراد إلى البلاد، لأن ألمانيا ليس لديها علاقات دبلوماسية مع طالبان".
بدوره، أكد مسؤول فرنسي عدم وجود خطط حالية لإعادة فتح السفارة، لكنه قال إن "هذه المسألة يجب معالجتها في نهاية المطاف. الوضع الحالي، مع انعدام الوجود على الأرض، لا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى".
وقالت وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية، إنها "ستفكر في إقامة وجود دبلوماسي في أفغانستان، بمجرد أن يسمح الوضع الأمني والسياسي بذلك".