لطالما ظل عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو جي دي فانس الذي اختاره الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، لسنوات طويلة داعياً إلى تحرك أميركي أقوى ضد الصين في عدة مجالات من توسيع الرسوم الجمركية على واردات بكين إلى منعها من غزو تايوان.
ورغم أن نواب الرؤساء الأميركيين لا يلعبون في العادة أدواراً كبيرة في تحديد السياسات، إلا أن آراء فانس المتشددة بشأن بكين تشير إلى أن حكومة ترمب المقبلة حال فوزه بانتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل، ستكون متشددة بشكل أكبر مرة أخرى تجاه ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وترسم مسألة تايوان ملامح لأبرز توجهات فانس في هذا الشأن إذ يدعو لأن تضع الولايات المتحدة مسألة "منع الغزو الصيني لتايوان" ضمن أولوياتها، متهماً إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالفشل في "القيام بما يكفي لتعزيز دفاعات الأرخبيل الذي يخضع لإدارة ديمقراطية".
ووصف فانس في كلمة له العام الماضي بمؤسسة Heritage Foundation، وهي مركز أبحاث جمهوري، سيناريو الغزو الصيني لتايوان بأنه سيكون "كارثياً" على الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه "سيدمر اقتصادنا بالكامل، إذ يتم تصنيع الكثير من رقائق الكمبيوتر في تايوان".
ويأتي هذا الموقف بشكل متناقض مع تشديد ترمب على "ضرورة أن تدفع تايوان تكاليف حمايتها من الصين"، وهو الأمر الذي رد عليه رئيس وزراء تايوان تشو جونج تاي، الأربعاء، بقوله إن الدفاع عن الجزيرة والحفاظ على السلام والاستقرار بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ مسؤولية مشتركة مع الولايات المتحدة.
والولايات المتحدة هي الداعم الدولي ومورد الأسلحة الأكثر أهمية لتايوان، لكن لا توجد اتفاقية دفاع رسمية بينهما على غرار ما أبرمته واشنطن مع كوريا الجنوبية واليابان. وعلى الرغم من ذلك فواشنطن ملزمة بموجب القانون بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها.
لكن فانس الذي اختاره ترمب ليكون نائباً له في السباق نحو البيت الأبيض، يرى أن الولايات المتحدة لا تملك الموارد اللازمة لخوض صراعات متزامنة، ومن ثم يتعين عليها التركيز بالأساس على الصين.
وقال لشبكة Fox News في أبريل الماضي، إنه "ليس لدينا القدرة الصناعية على دعم حربي أوكرانيا وإسرائيل، والحرب المحتملة في شرق آسيا إذا غزت الصين تايوان، ومن ثم فإنه يتعين على أميركا أن تختار وتنتقي".
كما عارض السيناتور الجمهوري بقوة، الزعم بأن استعراض القوة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه ضد أوكرانيا، من شأنه أن يردع الزعيم الصيني شي جين بينج من غزو تايوان.
وذكر أن "الصينيين يركزون على القوة الحقيقية. إنهم يركزون ما وصلنا إليه فعلياً من القوة"، مضيفاً: "لكي نكون أقوياء بما يكفي للتصدي للصينيين، يجب علينا أن نركز هناك. والآن، نحن مرهقون للغاية".
"لا أحب الصين"
وكان مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب اقترح، الثلاثاء، فرض رسوم جمركية جديدة على الصين بين 60 و100%، و10% على الواردات من الدول الأخرى، فيما سبق أن دعا فانس إلى "فرض رسوم موسعة، وبخاصة على البضائع القادمة من الصين بخلاف الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية".
وأكد فانس لبرنامج Face the Nation الذي تبثه قناة CBS على "الحاجة لحماية الصناعات الأميركية من جميع أشكال المنافسة"، موضحاً أن "السبب الذي يجعل الصين تتفوق علينا ليس لأن لديها عمالة أفضل، وإنما لأنها مستعدة لاستخدام العبيد لصناعة الأشياء هناك"، في ما يبدو أنه إشارة إلى اتهام الولايات المتحدة للصين باستخدام العمالة القسرية في إقليم شينجيانج، في أقصى غرب البلاد، وهي التهمة التي نفتها بكين بقوة.
كما حمّل فانس الصين مسؤولية "المشكلات التي يعاني منها سوق العمل في الولايات المتحدة"، وقال: "أنا لا أحب الصين. ولا أحب سرقة الصين لوظائف الأميركيين، نحن لا نصنع الكثير من الأشياء لأننا نتبع سياسة خارجية مثيرة للشفقة في كثير من الأحيان".
وأثار عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، الشكوك بشأن خسارة الولايات المتحدة في سباق تطوير التكنولوجيات المتقدمة أمام الصين، خاصة إذا استمرت الشركات الأميركية في الشراكة مع الدولة الآسيوية.
ولفت فانس في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأميركي العام الماضي، إلى أنه "لا يمكن أن يكون لديك ابتكار تكنولوجي إذا كنت تنقل الكثير من صناعتك إلى الصين".
وتابع: "إذا كنا نجعل الصناعة الأميركية أعلى ثمناً، والصناعة الصينية أرخص، فإن هذا يبدو لي صفقة سيئة للمستهلكين الأميركيين، وصفقة سيئة لخبراء التكنولوجيا الأميركيين، وصفقة سيئة في نهاية المطاف لأمننا القومي".
الأسواق المالية
وسبق أن تقدم عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن أوهايو بمشروع قانون يهدف لـ"تقييد وصول الصين إلى الأسواق المالية الأميركية"، خاصة إذا انتهكت بكين قوانين المال والتجارة.
وأوضح فانس في مارس الماضي، أنه "إذا كان الحزب الشيوعي الصيني لا يريد اللعب وفق القواعد الأميركية، فإنه لا ينبغي السماح لهم بالوصول إلى أسواقنا المالية".
وأشار إلى أن "عمال أوهايو وصناعتنا عانت كثيراً من تداعيات تلاعب الحزب الشيوعي الصيني بالعملة منذ فترة طويلة للغاية"، معتبراً أن "الوقت حان لمساءلتهم وإجبارهم على اتباع القانون".
الأمن السيبراني
وأعرب فانس عن قلقه من المتسللين الصينيين الذين يستهدفون البنية التحتية التكنولوجية للولايات المتحدة.
وفي مايو الماضي، كتب السيناتور الجمهوري من ولاية أوهايو إلى وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية التابعة للحكومة الأميركية بشأن مجموعة Volt Typhoon، والتي حددتها الولايات المتحدة بأنها "مجموعة اختراق صينية ترعاها الدولة".
ووصف فانس تأثير هجوم Volt Typhoon واسع النطاق على البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة بأنه "سيكون مدمراً"، وقال: "قد ينجم عنه ضرب أمتنا بحالة من الفوضى في الوقت الذي تتعرض فيه لهجوم عسكري من خصوم أجانب".
وتابع: "من المفترض أن تتضمن تداعيات هجوم Volt Typhoon تهديداً للجيش الأميركي من خلال تعطيل مرفقي الطاقة والمياه في منشآتنا العسكرية وسلاسل التوريد الحيوية".