ليس جديداً أن يتخلى رئيس أميركي عن حملة إعادة انتخابه، فرغم أنها مسألة نادرة في تاريخ الولايات المتحدة، لكن لم يسبق أن أُجبر أي رئيس قبل جو بايدن على الانسحاب من السباق الرئاسي بسبب المخاوف بشأن قدراته العقلية.
ورأت شبكة CNN الإخبارية، الاثنين، أن أحد أجراس الإنذار التي يجب أن ينتبه إليها الديمقراطيون الذين يفترضون أن اختيار مرشح أصغر سناً من بايدن سيحقق نتائج أفضل في المواجهة مع الرئيس السابق دونالد ترمب، هي أن الجمهوريين فازوا في آخر دورتين انتخابيتين انسحب فيهما الرؤساء الديمقراطيين من حملات إعادة انتخابهم.
وتمت خلافة الرئيسين الديمقراطيين السابقين هاري ترومان وليندون جونسون من قبل جمهوريين، بسحب الشبكة التي اعتبرت أن مشكلة الديمقراطيين حالياً هي أن انسحاب بايدن من السباق جاء متأخراً مقارنة بالرؤساء الأميركيين السابقين.
وأعلن كل من الرؤساء السابقين جونسون وترومان وكالفين كوليدج أنهم لن يترشحوا لولاية جديدة قبل 295 يوماً على الأقل من نهاية فترة ولايتهم، فيما اختار رؤساء آخرين عدم الترشح بالانتخابات في بداية ولايتهم أو قبلها.
أبرز الرؤساء الذين انسحبوا من السباق الانتخابي قبل نهاية فترة ولايتهم
- جو بايدن.. ينسحب في 21 يوليو 2024 أي قبل 183 يوماً من نهاية ولايته الأولى.
- ليندون جونسون.. ينسحب 31 مارس 1968 أي قبل 295 يوماً من نهاية ولايته الأولى.
- هاري ترومان.. ينسحب 29 مارس 1952 أي قبل 297 يوماً من نهاية ولايته الأولى.
- كالفين كوليدج.. ينسحب 2 أغسطس 1927 أي قبل 580 يوماً من نهاية ولايته الأولى.
وترك جونسون وترومان السباق بعد ضغوط كبيرة، وسلما البيت الأبيض للحزب الجمهوري، بحسب CNN التي رأت أن المقارنة بين بايدن وترومان أو جونسون لن تكون مثالية، إذ لم يواجه أياً منهما، على عكس بايدن، تساؤلات جدية بشأن قدرتهما على القيام بمهام منصب الرئيس.
وعلى الرغم من أن ترومان وجونسون كانا، مثل بايدن، مشرعان ونائبان لرئيسين سابقين، لكنهما على عكس الأخير، توليا الرئاسة بعد وفاة أو اغتيال الرئيس، ثم فازا في الانتخابات بعد ذلك.
وواجه كلاً من جونسون عام 1952، وترومان عام 1968 منافسة في الحصول على ترشيح حزبهما، وشعر كلاهما بالحرج بسبب الأداء المتواضع في الانتخابات التمهيدية بولاية نيو هامبشاير.
ثم أعلن كلاً منهما في الربيع الانسحاب من السباق الرئاسي، وذلك على عكس بايدن الذي اتخذ قراره بالصيف، أي قبل شهر من موعد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي.
وأعلن ترومان أنه لن يترشح لولاية ثانية خلال خطاب ألقاه بالعاصمة واشنطن، وتم بثه في جميع أنحاء البلاد، فيما أعلن جونسون قراره خلال خطاب متلفز من البيت الأبيض.
ولم يتعرض بايدن لأي ضغط حقيقي من الديمقراطيين للانسحاب من السباق في وقت سابق من العام الجاري، كما أن ترشحه من قبل الحزب الديمقراطي لم يواجه سوى معارضة رمزية، وتعهد له جميع مندوبي المؤتمر الوطني الديمقراطي تقريباً بالتصويت.
وبمعنى آخر، فإن ترومان وجونسون تجنبا خوض الانتخابات تمهيدية حتى لا يتعرضا لهزيمة مؤلمة من خلال إنهاء حملات إعادة انتخابهما، فيما كان بايدن حسم ترشيح الحزب الديمقراطي لكنه اختار التنازل عنه.
وعندما قرر ترومان عدم الترشح لولاية أخرى، فاز الجمهوريون بمساعدة مرشحهم بطل الحرب حينها دوايت أيزنهاور بالبيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب وذلك عام 1952.
فيما أدى قرار جونسون عدم الترشح لتدافع على ترشيح الحزب الديمقراطي، وفي نهاية المطاف، فاز نائب الرئيس هيوبرت همفري بالترشيح بالمؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاجو، لكنه هُزم في الانتخابات أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون، فيما احتفظ الديمقراطيون بسيطرتهما على مجلسي النواب والشيوخ.
وهناك 7 رؤساء أميركيين سابقين لم يسعوا لإعادة انتخابهم، منهم جونسون وترومان وكوليدج وثيودور روزفلت، إذ خدموا لفترة ولاية جزئية تلتها فترة ولاية كاملة، وتولى كل منهم منصبه بعد وفاة الرئيس، فيما خدم 3 رؤساء لفترة ولاية واحدة فقط.
روزفلت وكوليدج
وتولى الرئيسان الجمهوريان السابقان ثيودور روزفلت وكالفين كوليدج الرئاسة بعد اغتيال أو وفاة الرئيس، واختار كلاهما ترك المنصب بعد قضاء فترة ولاية كاملة، ومعظم فترة الولاية الأخرى.
وترك روزفلت منصبه وهو يحظى بشعبية واحترام كبيرين وسلم البيت الأبيض إلى خليفته الذي اختاره بنفسه، وهو زميله ويليام هوارد تافت، لكن روزفلت كان منزعجاً جداً من أداء الأخير، ومعدلات الحزب الجمهوري لدرجة أنه تحداه للحصول على ترشيح الحزب في الانتخابات الرئاسية اللاحقة.
وعندما لم يتمكن روزفلت من الحصول على الترشيح في مؤتمر الحزب الجمهوري، خاض الانتخابات كمرشح من حزب ثالث تقدمي، وهزم تافت في صناديق الاقتراع، على الرغم من خسارة كلاهما أمام الرئيس الديمقراطي السابق وودرو ويلسون.
وتولى كوليدج الرئاسة عندما توفي وارن جي هاردينج بأزمة قلبية في مدينة سان فرانسيسكو، ثم فاز بالانتخابات لكنه لم يكن رئيساً سعيداً أبداً، إذ توفي نجله بشكل مأساوي بسبب إصابته أثناء لعب التنس في ملعب البيت الأبيض، وسلم الرئاسة أيضاً إلى زميله الجمهوري هربرت هوفر.
وكشف كوليدج عن قراره عدم الترشح على أوراق كتبها بخط يده، وقدمها للصحافيين خلال إجازته الصيفية في العام السابق للانتخابات، وفاجأت العبارة التي كتبها الجميع، إذ كتب: "لا أختار الترشح للرئاسة في عام 1928".
على الرغم من أن رئاسة جيمس بولك كانت نشطة وناجحة، خسر الديمقراطيون البيت الأبيض بعد قراره عدم الترشح لانتخابات عام 1848، وحينها رشح حزب Whig الذي تم حله عام 1860، بطل الحرب حينها زاكاري تايلور، كما خاض الرئيس السباق مارتن فان بورين كمرشح من حزب ثالث.
فاز تايلور في ذلك العام، وانتزع البيت الأبيض من الديمقراطيين.
وتعهد الرئيس السابق جيمس بوكانان، الذي ينظر إليه العديد من المؤرخين على أنه أحد أسوأ الرؤساء الأميركيين، في خطاب تنصيبه عام 1857 بأنه لن يترشح مرة أخرى.
وفي عام 1860، خسر الديمقراطيون السيطرة على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ وأصبح أبراهام لينكولن أول رئيس جمهوري للبلاد.
كما تعهد الرئيس الجمهوري السابق رذرفورد هايز بأنه سيخدم لفترة ولاية واحدة فقط، وفعل ذلك بعد الانتخابات الرئاسية عام 1876، والتي تم بموجبها التوصل إلى تسوية سلمته البيت الأبيض.
واختار الجمهوريون جيمس جارفيلد في مؤتمرهم عام 1880 ليخلف هايز، لكن جارفيلد لم يفز بالبيت الأبيض فحسب، بل سيطر حزبه حينها على مجلسي النواب والشيوخ.