تتبنى الصين تكتيكات واستراتيجيات بحرية جديدة في محاولة للسيطرة على مضيق تايوان، عبر الضغط والتضييق على تايبيه بتواجد قوات خفر السواحل، ودورياتها بشكل مستمر هناك، ما يمثل تحديات فيما يتعلق بالإمدادات وتوفير الخدمات مثل الإنترنت للجزيرة، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
وترى الوكالة الأميركية أن بكين، باستخدام خفر السواحل في الغالب، ترسخ وجودها بطرق جديدة حول المواقع الخارجية لتايوان، وكثير منها بعيد عن الجزيرة الرئيسية التي تطالب بالاستقلال عن بكين.
وتتزامن هذه التغييرات مع قيام الصين بتضييق الخناق على رئيس الجزيرة لاي تشينج تي منذ توليه منصبه في مايو، ولإظهار استيائها من شخصيته المؤيدة للاستقلال، أجرت بكين تدريبات عسكرية كبرى حول الجزيرة الرئيسية في تايوان، في إطار قانون تصفه بأنه يهدف إلى معاقبة "الانفصاليين".
وبحسب الوكالة، صعدت الصين، خلال الأشهر الماضية، عندما أوقفت سفينة سياحية تايوانية بالقرب من جزيرة كينمن للتحقق من الوثائق، مما أثار دهشة الركاب الذين خشوا أن يتم نقلهم إلى البر الرئيسي في بكين.
كينمن.. بؤرة الصراع
وترسل بكين سفن خفر السواحل الخاصة بها إلى كينمن بوتيرة متزايدة أكثر من أي وقت مضى، وقام خفر السواحل بمناورات حول جزيرتين أخريين بينما أجرى الجيش الصيني تدريبات كبرى بعد تولي لاي منصبه مباشرة، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.
واحتجز خفر السواحل الصيني قارباً تايوانياً وطاقمه بالقرب من كينمن، أخيراً، أكثر المواقع اكتظاظاً بالسكان في تايبيه، وتم نقل السفينة والتايوانيين الاثنين، والإندونيسيين الثلاثة على متنها إلى ميناء صيني، وهي الخطوة التي اعتبرتها السلطات الصينية ضرورية لأنهم انتهكوا حظر الصيد الصيفي.
وفي 14 فبراير الماضي، قال خفر السواحل التايواني إنه طارد سفينة صينية صغيرة بعدما هربت من التفتيش، وخلال المطاردة، انقلبت السفينة، وتم إنقاذ صيادين صينيين، ولقيا اثنين آخرين حتفهما.
وأعربت تايوان عن أسفها إزاء الحادث، لكنها قالت إن الإجراءات التي اتخذها خفر السواحل كانت قانونية وسليمة، كما قالت إن الجانبين سيعقدان محادثات في كينمن بشأن هذه الحلقة.
أستاذة الأبحاث المساعدة في أكاديمية "سينيكا" في تايبيه، تشين يو جي، قالت إن "حوادث الاستيلاء على قوارب الصيادين، خلال الأسابيع الماضية، لم تكن عمليات فردية"، مضيفةً أنه يجب النظر إليها "في السياق الأوسع للحرب القانونية"، في إشارة إلى التكتيكات القائمة على القانون التي تستخدمها بكين لتقويض تايبيه.
وعند سؤال المتحدث باسم خفر السواحل في تايبيه، بشأن أنشطة الصين حول الجزر النائية، قال إن الصين "توغلت عمداً في مياه الجزر النائية التايوانية أكثر من 30 مرة بدءاً من هذا العام بنية واضحة للمضايقة".
وأدانت الصين تايبيه بسبب الوفيات، بعد فترة وجيزة، أعلن خفر السواحل الصيني أنه سيبدأ في القيام بدوريات روتينية حول كينمن.
وفي فبراير أيضاً، بدأ خفر السواحل التايوانية في ملاحظة المزيد من السفن الصينية التي تمر عبر "المياه المحظورة" في كينمن.
في 23 مايو، أجرى الجيش الصيني أكبر مناوراته في عام حول تايوان، وكانت تلك التدريبات مختلفة عن تلك التي أجراها بعد أن التقى سلف لاي، تساي إنج ون، بكبار المشرعين الأميركيين.
وللمرة الأولى، دخل خفر السواحل الصيني إلى "المياه المحظورة" لموقعين تايوانيين آخرين، دونجين وووتشيو، خلال مناورات عسكرية كبرى.
تكتيك عسكري
واعتبرت "بلومبرغ" أن تكثيف الصين لنشاطها في "المياه المحظورة" التايوانية يعكس الطريقة التي عملت بها على التقليل من أهمية الخط الأوسط في المضيق.
ورسمت الولايات المتحدة تلك الحدود في عام 1954 خلال فترة من التوترات عبر المضيق، ولعقود من الزمن ظل الجيش الصيني إلى حد كبير بعيداً عن هذه الحدود.
وفي صيف عام 2022، بدأت الطائرات الحربية الصينية في خرق الخط بانتظام، ويؤسس هذا التكتيك لوجود عسكري أقرب إلى تايوان ويقلل من مقدار الوقت الذي يتعين على قواتها المسلحة الرد فيه على أي هجوم.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أرسل الجيش الصيني عدداً قياسياً من الطائرات الحربية عبر الخط الأوسط، وهي الرحلات التي جاءت في الوقت الذي كان فيه لاي يفكر بالتوقف في الولايات المتحدة كمحطة من من جولة رسمية زار خلالها الدول المتحالفة مع تايوان دبلوماسياً.
وقالت "بلومبرغ" إن النشاط الجديد للصين حول الجزر التايوانية يذكرنا أيضاً بتفاعلاتها العدوانية المتزايدة مع الفلبين.
وكانت مانيلا، وبكين منخرطتين في مواجهات حادة حول شعاب مرجانية في بحر الصين الجنوبي حيث حاولت الفلبين إعادة إمداد سفينة راسية من حقبة الحرب العالمية الثانية تعمل كموقع متقدم.
وفي الشهر الماضي، أصيب بحار فلبيني في الاشتباكات، وقالت الولايات المتحدة لاحقاً إن تصرفات الصين هددت السلم الإقليمي.
وتوصلت مانيلا وبكين مؤخراً إلى اتفاق "مؤقت" لمحاولة تهدئة التوترات حول الشعاب المرجانية، على الرغم من وجود اختلافات بشأن محتويات هذه الاتفاقية.