اعتقلت السلطات الروسية، الجمعة، نائب وزير الدفاع السابق دميتري بولجاكوف بتهمة الفساد، حسب ما نقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن جهاز الأمن الاتحادي الروسي.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية نقلاً عن جهاز الأمن الاتحادي أن التحقيقات جارية لكشف الحقيقة بشأن "الأفعال المخالفة للقانون" التي يُتهم بولجاكوف بارتكابها، مضيفة أنه نُقل إلى مركز احتجاز مؤقت في موسكو لحين محاكمته.
وبحسب السيرة الذاتية الرسمية لبولجاكوف (69 عاماً)، فقد تخرج في أكاديميات عسكرية روسية وشغل مناصب لوجستية مختلفة في الجيش.
ثم شغل منصب نائب وزير الدفاع حتى أقيل عام 2022، وحصل على عدد من الجوائز العسكرية والمدنية العليا من بينها وسام بطل روسيا، أعلى تكريم في البلاد.
وهذه الاعتقالات أكبر فضيحة تلحق بالجيش الروسي منذ سنوات وتأتي في وقت كُلف فيه وزير الدفاع الجديد أندريه بيلوسوف، الخبير الاقتصادي الذي لا يتمتع بخبرة عسكرية، بتطهير الجيش من الفساد وتبسيط الشؤون المالية للجيش بهدف توفير التمويل اللازم "للعملية العسكرية الخاصة" التي تشنها روسيا على أوكرانيا.
"حركة إصلاحية"
وبولجاكوف الذي كان مسؤولاً عن الخدمات اللوجستية العسكرية حتى أُقيل في سبتمبر 2022، هو أحدث حلقة في سلسلة من شخصيات البارزة بوزارة الدفاع التي وجهت إليها اتهامات بالفساد.
وبدأت حملة مكافحة الفساد يوم 23 أبريل باعتقال تيمور إيفانوف نائب وزير الدفاع، ومن ذلك الحين، جري اعتقال ما لا يقل عن 5 مسؤولين عسكريين دفاعيين.
وغداة بداية ولايته الخامسة، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعديلاً وزارياً شهد استبدال وزير دفاعه المقرب سيرجي شويجو الذي شغل المنصب لمدة 11 عاماً ونصف، بأندريه بيلوسوف، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الوزراء السابق.
وعين بوتين شويجو أميناً لمجلس الأمن الروسي، وهو دور مشابه تقريباً لمنصب مستشار الأمن القومي الأميركي، ليحل محل نيكولاي باتروشيف.
وفي حين تم منح شويجو الذي كانت له علاقات شخصية مع بوتين على مر السنين، منصباً كبيراً جديداً، بدا مستقبل حاشيته المقربة في وزارة الدفاع موضع شك تحت قيادة بيلوسوف.
وتم القبض على نائب شويجو، تيمور إيفانوف، أبريل الماضي بتهمة الرشوة، وتم تفسير اعتقاله على نطاق واسع على أنه هجوم على شويجو ومقدمة محتملة لفصله.
ويبدو أن التعديل كان محاولة لوضع قطاع الدفاع في تزامن مع بقية الاقتصاد وتشديد السيطرة على الإنفاق العسكري المتزايد وسط مزاعم بالفساد المستشري في كبار القادة العسكريين، حسب ما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" حينها.
كلفة الحرب تثقل الاقتصاد الروسي
وقال بيلوسوف في الشهر الماضي، أمام البرلمان الروسي إن بوتين كلفه بمهمة دمج قطاع الدفاع بشكل أكبر في الاقتصاد الوطني.
وأضاف: "إنها ليست مهمة سهلة، إنها شاملة وتعني في المقام الأول تحسين الإنفاق العسكري"، وتابع: "أولاً وقبل كل شيء، يعني التحسين زيادة الكفاءة".
كما أشاد بشويجو وإشرافه على تحديث الجيش، لكنه أكد على أهمية تحقيق أهداف روسيا في أوكرانيا بأقل عدد من الضحايا.
في سخرية واضحة من شويجو وحاشيته الذين تعرضوا لانتقادات واسعة النطاق من قبل العسكريين المؤيدين للكرملين لإخفاء النكسات في أوكرانيا عن بوتين، قال بيلوسوف إنه سينطلق من "المبدأ الصارم: من الممكن ارتكاب الأخطاء ولكن من غير المقبول الكذب".
ويُنظر إلى شويجو على نطاق واسع على أنه شخصية رئيسية وراء قرار بوتين بغزو أوكرانيا في فبراير 2022، وانتقده العديد من الصقور في وزارة الدفاع لمبالغته في تقدير القدرات العسكرية الروسية.
وسعى الكرملين إلى تخفيف الحيرة واسعة النطاق بشأن اختيار خبير اقتصادي ليس له سجل عسكري كوزير للدفاع من خلال التأكيد على أن جيراسيموف، الذي يدير القتال في أوكرانيا، احتفظ بمنصبه.
كما رفض المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف المزاعم بأن التغييرات واعتقال كبار المسؤولين في وزارة الدفاع قد يؤدي إلى فوضى في الجيش والتأثير على الأحداث في أوكرانيا.