تتوجه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى الصين لأول مرة منذ انسحاب بلادها من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، في خطوة لتوطيد العلاقات مع بكين، قبل انتخابات أميركية "غير مستقرة"، وفق "بلومبرغ".
وقالت "بلومبرغ" إن ميلوني، التي عملت حكومتها بشكل أوثق مع الصين مقارنة بغيرها من الحكومات الأوروبية، من المقرر أن تصل إلى بكين، السبت، في زيارة تلتقي خلالها الرئيس شي جين بينج، ورئيس الوزراء لي تشانج.
وأضافت أن زيارة ميلوني تأتي في وقت تستعد فيه أوروبا لتغيير الرئيس الأميركي في الانتخابات الأميركية المقررة خلال نوفمبر المقبل، ما قد يؤدي إلى قلب العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي رأساً على عقب.
وترى الزعيمة الإيطالية أن شي قد يلعب دوراً هاماً في الحرب في أوكرانيا؛ إذا أوقفت واشنطن دعمها، كما هدد المرشح الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لأشخاص على دراية بأفكار ميلوني.
وسعت ميلوني منذ وصولها إلى السلطة في عام 2022 إلى الترويج لنفسها كدبلوماسية قادرة على الحديث مع قادة من مختلف الأيديولوجيات، من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إلى المستشار الألماني أولاف شولتز.
كما تزايدت طموحاتها لتشمل ضم الرئيس الصيني شي جين بينج إلى تلك المجموعة، وفقاً لما قاله أحد المصادر، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
وسيتعين على ميلوني تحقيق التوازن بين هذا الهدف وموقف الاتحاد الأوروبي الأكثر تشدداً بشأن التجارة مع الصين، وكذلك التوترات المتعلقة بدعم شي جين بينج للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وآلته الحربية، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
وقالت "بلومبرغ"، نقلاً عن مسؤول، إن ميلوني ستتطرق إلى الغزو الروسي لأوكرانيا والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة خلال محادثاتها مع القادة الصينيين.
"مزيد من الحوار"
ونقلت "بلومبرغ"، عن عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيطالي جيانجياكومو كالوفيني، قوله: "نعلم جميعاً أن هناك اختلافاً في الآراء بين الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والصين بشأن العديد من الملفات".
وأضاف كالوفيني، المنتمي لحزب "إخوة إيطاليا" الذي تتزعمه ميلوني: "ولكن في الأوقات التي تتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية، مثل هذه الأوقات، فمن الأفضل أن يكون هناك المزيد من الحوار".
ويتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً أكثر تشدداً تجاه الصين، وفي بعض الأحيان يفعل ذلك بتشجيع من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي حض شركاء الولايات المتحدة على تقويض قدرة بكين على الحصول على الرقائق المتطورة.
ومع تقدم ترمب في استطلاعات الرأي الحالية في الانتخابات الأميركية، سيتعين على الاتحاد الأوروبي تحديد الطريقة التي سيوائم بها علاقاته مع أكبر اقتصادين في العالم.
وهدد المرشح الجمهوري بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على جميع السلع الصينية؛ إذا عاد إلى البيت الأبيض. كما يخطط ترمب لسلسلة محتملة من الإجراءات ضد الاتحاد الأوروبي قد تشمل فرض رسوم جمركية نسبتها 10%.
وقالت "بلومبرغ" إن هذه الخطوة تمنح الصين فرصة لاستعادة أوروبا كحاجز بين بكين وواشنطن، إذ يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تجنب تصعيد التوترات التجارية على جبهتين.
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "رينمين" الصينية، وانج يوي، إن "أوروبا تخشى أن يؤدي فوز ترمب بولاية ثانية إلى استمرار فقدان الاتحاد الأوروبي قدرته التنافسية وفرص العمل، بسبب تركيز ترمب على جذب الشركات إلى الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يعقد القيود التجارية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الصين".
وتأتي زيارة ميلوني إلى الصين بعد أن وجهت روما "صفعة قوية" لبكين العام الماضي، عندما انسحبت رئيسة الوزراء من مبادرة "الحزام والطريق". وكانت إيطاليا الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي انضمت للمبادرة في ظل حكومة سابقة، وتعهدت ميلوني لبايدن بالانسحاب منها.
وقال تشاو جونجي، وهو باحث بمعهد الدراسات الأوروبية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، لصحيفة "جلوبال تايمز" المملوكة للحكومة الصينية إن زيارة الزعيمة الإيطالية للصين تؤكد أن قرارها كان ناجماً عن "ضغوط هائلة" من الولايات المتحدة.
وأضاف تشاو أن جهود ميلوني يمكن أن تؤكد للدول الأوروبية الأخرى أن فوائد تعزيز التعاون مع الصين "تفوق مساوئ الانفصال عنها".